الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسفار

حسن فلاح بلجي الحركاني

2018 / 3 / 15
الادب والفن


أسفار
بقلم حسن فلاح بلجي الحركاني
إلى الجنوب من درب التبانة تسكن أسفار ، تلك النجمة الساطعة ذات البريق الجميل كنتُ أنظر إليها كل ليلة وأقول مع نفسي : كأن موقفاً جمعني مع هذه النجمة في يوم ما . ورحتُ أتساءل : لماذا أنظر لتلك النجمة من دون النجوم الاخريات ؟

ذات ليلة وكانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل شاهدتُ بريقاً قوياً يصدر من هذه النجمة ، وهذا البريق عبارة عن شعاع طويل وكأنه يتجه نحوي : قلتُ : ياربي ما هذا ؟

جلستُ على فراشي بعد أن كنت مستلقياً لأرى ما سيحدثُ بعد ذلك . كنتُ مشدوداً لهذا البريق وعند مرور ثوانٍ قليلة صار ذلك الضوء على شكل نجمة استقرتْ بالقرب مني ، ولا يفصلني عن هذه النجمة الصغيرة سوى أمتار . نظرت إليها بدهشة ، نورها أضاء سطح الدار بالكامل ، أصابني الذهول مما أرى ، وصرتُ لا أعرف ما أفعل .

سمعت كلاما صدر من تلك النجمة ، قالت :

- السلام على من ضيّع نفسه .

قلت متسائلاً وأنا لا أتمالك نفسي :

- وعليكِ السلام ... من أنتِ ؟

قالت - أنا أسفار .

قلت - ومن تكون أسفار ؟؟؟

قالت - تلك النجمة التي تنظر إليها كل ليلة .

في تلك اللحظة ، هدأ روعي قليلاً ، فقلت لها :

- تلك النجمة التي تنظر إليها كل ليلة .

في تلك اللحظة ، هدأ روعي قليلاً ، فقلت لها :

- وهل تنظرين إليّ مثلما أنظر إليكِ ؟

قالت - بل أكثر مما تتصور .

قلت - وماذا تعرفين عني ؟

قالت - أعرفك مثلما تعرف نفسك .. أنت رجل عاش بقلبه ، وفكر به ثم وهبه في نهاية المطاف . وهو الآن في دوامة من الصراع بين العقل والقلب .

قلت :

- كلام يؤلمني كثيراً فأنا أتعامل مع الأشياء جميعا بجدية ؟

قالت وهي تقترب مني وفي صوتها حزن :

- أتستطيع أن تخبرني ما الذي جنيته من تمسكك بالماضي ؟؟ النتيجة أنت خسرت كل شيء . ومنذ خمس عشرة سنة وأنا أراقبك وأنتظر منك التغيير لكن من دون جدوى . أنت رجل تصر على وجهة نظرك وإن كان فيها من الغموض ما فيها .

قلت - لم تتكلمين معي من غير تحفظ في أول قلاء معي ؟

قالت - أبداً لم يكن هذا لقاؤنا الأول ، بل هو الثاني . لقاؤنا الأول كان قبل خمس عشرة سنة . يومها كانت وزوجتك على سطح الدار بوقتها كنت تمر بأسوأ أحوالك المادية والنفسية . يومها سمعت الحوار الذي دار بينك وبين زوجتك . في تلك الليلة تساءلتما كيف إذا مات أحدنا أن لا يسناه الآخر ؟ ثم اتفقتما أن يختار كل منكما نجما فوقع اختيارك على أسفار وهي أنا . ومنذ ذلك اليوم وأنت تشكل كل شيء لي ، بعد مرور عام إن شاء الله لي أن أكون قربكما من جديد .

قلت - ولكني لا أتذكر هذا الموقف .

قالت - حسناً .. سأذكرك بما أخبرتك به زوجتك ذات يوم من أمري . قالت لك : أنها رأت نورا في تلك الليلة الماضية استقر بالقرب من وجهك بقي لدقائق ثم اختفى ، ذلك النور هو أنا .

قلت : نعم .. نعم .. أتذكر هذا . منذ تلك الليلة وزوجتك رفضت النوم على سطح الدار .. كفى إذاء لنفسك .. أغلب الناس لا تستحق ذلك منك .

قلت وألم يعتصر قلبي :

- لا أستطيع فالذكرى أخذت قلبي وروحي وأنا من النوع الذي لا ينسى بهذه السهولة .

قالت – كرر المحاولة مرة أخرى علها تنتشل ما بقي من عمرك .

قلت – هذا مدمر لي .

قالت – أنا سأغادر الآن .. فكر جيدا .

قلت – الأمر متعلق بك .. متى ما تغيرت سأكون قربك من جديد .

انحسر ذلك الضوء ثم اختفى تدريجيا ، عاد الظلام مخيما على سطح الدار ، وهناك في أعالي السماء عاد بريق النجمة من جديد في مكانها المعتاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل