الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعايش السلمي وقبول الاخر

جاسم محمد دايش
كاتب وباحث

(Jasem Mohammed Dayish)

2018 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


التعايش السلمي و قبول الآخر
جاسم محمد دايش
لا يمكن إنكار الانقسام الموجود اليوم في المجتمع وتوزع فئاته على الطوائف وتمسك البعض بهوياتهم الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة , وهذا بالطبع ينتج رفضاً للأخر , وحتى محاولة قمعه ومصادرته , بل وإلغائه تماماً . هذا أمر يومي ومعاش , ولكن أيضاً وبالمقابل لا يمكن إنكار أن جميع هذه الهويات تعيش في بلد واحد ومهما حاولت الإطراف إلغاء بعضها بل وحتى لو تقاتلت كما شهدنا سابقاً في أعوام الاقتتال الطائفي 2006 و 2007 , فإنه لا يمكن إلغاء أي جهة ودحرها , فالجميع باقٍ على هذه الأرض المحكومة بهذه الحدود في دولة تسمى العراق , وعلى الجميع أن يتقبل الآخر . وهذا ينطبق على الساسة والفصائل المسلحة كما ينطبق على المجتمع الذي يتأثر بخطابات هؤلاء . عليه فأن الاقتتال بطبيعة الحال لم يجلب للمتقاتلين إلا خراباً مراكماً لم ولن ينتصر أحد في القتال . الحرب مشروع خاسر , وحتى الهويات التي يتقاتلون دفاعاً عنها ومن اجلها ستتحول إلى هويات وحشية بمرور الزمن . بهذا المعنى ستكون هويات لا تصلح إلا للوحشية والتطرف وستنفي عنها صفة العيش وتتمسك بالكراهية والموت كخيار للبقاء .
الهويات الفرعية ليست ثابتة وهي متغيرة بحسب ظروف ما تعيشه وتخبره في الحياة , وقد أكدت تجارب التاريخ كيف تحولت بعض المذاهب والأديان إلى كيانات منعزلة بعد أن شطّت عن كتبها ومناهجها الأساس بسبب انغلاقها وعدم تقبلها الآخر والتعايش معه .
أن التعايش وقبول الآخر لا يمكنه أن ينبلج من خلال المجتمع ذاته من دون تدخل الدولة لدفعه إلى الواجهة . المهمة تبدو عسيرة , لكنها ليست مستحيلة , وأدواتها متوافرة , إلا أنها تتطلب إرادة حازمة وصادقة أيضاً من قبل الأطراف الفاعلة . يبدأ الأمر أساساً من احتكار الدولة للعنف , واحترامها لحقوق الإنسان , وإعادة كتابة المناهج الدراسية على هذا الأساس . يجب أن تتسم جميع الأطر التي تتحرك بموجبها الدولة وحكوماتها بالأخلاق , ويجب تصوير الإنسان أياً كان معتقده أو هويته على أنه محترم وله حقوق , بالإضافة إلى جميع المختلفين حول طاولة لإجراء حوار بينهم للوصول إلى الاتفاق بشأن المواضيع الخلافية لدحرها , أو على اقل تقدير عدم نبشها وإخراجها إلى الواجهة وهذا سيولد احتراماً لمعتقدات وتصورات بعضهم بعضاً والابتعاد عن النقاط الخلافية , علاوة على إبعاد الساعين إلى الخلاف من بينهم .
أن ضعف الدولة يشجع ظهور خطابات نفي الآخر وعدم تقبله , ويمكن لأي مراقب تأشير العديد من المخالفات على الفضائيات ومنابر رجال الدين التي تشجع على تصوير الآخر على أنه وحش ضارٍ وعلى الدولة أن تأخذ زمام المبادرة لمعاقبة هؤلاء أو حتى تحذيرهم , فالدستور العراقي الذي شرع عام 2005 حظر النعرات الطائفية , حيث جاء في المادة "السابعة " منه : ( يحضر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له ) , فيما نصت المادة " الرابعة عشر "منه على : ( أن العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ) . ويتسق هذا النص الدستوري مع قانون العقوبات العراقي النافذ رقم (111) لسنة 1969 المعدل إذ ينص على تجريم كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو المذهبية والتحريض الطائفي صراحة واعتبرها جرائم يعاقب عليها القانون كما جاء في المادة " 195" والتي تنص على : ( يعاقب بالسجن المؤبد من استهدف إثارة حرب أهلية أو اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين أو يحملهم على التسلح بعضهم ضد البعض الآخر أو بالحث على الاقتتال وتكون العقوبة الإعدام إذا تحقق ما أستهدفه الجاني ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة