الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هموم فيسبوكية..!

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2018 / 3 / 16
الادب والفن


أعتقد بأن تفشي غليظ القول بين الناس و زيادة الفحش بالتعبير في عبارات ردودهم وخطاباتهم ، واستشراء سفيف القول بين عديد الأفهام المُتعلمة أو المحسوبة على الثقافة ، و بخاصة لدى بعض الخواص والعوام المتعلمين في المجتمع ، لهو دليل آخر متوارٍ خفي ، يشي للسامع الرهيف والمُتبصر الحصيف ، بأن قيمنا الحالية المعاشة تحتضر ، أو هي على الأقل لم تعد صالحة البتّة لسمو عيشنا ومعاشنا .
وأظنّ أن هذا المُسْتوى من الحِوارات المُتشنّجة والنقاشات المُتهافتة بين كثير من الناس - على اختلاف أعمارهم ومشاربهم - على وسائل التواصل ، لهو إشارة جلية تومئ للمراقب الموضوعي ، بأن ضمائرنا الأخلاقية وفضائلنا الإنسانية قد أصابها الضرّ ، و أنّ مَسَارب قيمنا الحالية قد ضاقت كثيراً جداً ، عما نقوم به من ردود وأفعال ، أو ما نواجه من سلوكيات وحالات وجدانية في حياتنا العادية .
وأرى أنّ استحكام هذه الاسلوبية الركيكة على سُبل التواصل والحوار ، والإصرار على استمراء السفاهة في الحديث التناحري بين كثير من الناس ، إنما يعني في ظاهر الأمر ، أنّ الجهل قد بات نديماً عميماً مُقيماً ، وأمُا في باطنه ، فهو يعني أنّ القيم الأخلاقية والاجتماعية التي كنا نتغنى بسموها يوماً (في فضاء الحق والخير والجمال ) قد انقلبت وشوّهت وانحدرت و ساءت مصيراً .. وكلّ تلك المثل العليا التي رُبْينا عليها وطمحنا إلى ابتغاء عليائها ، قد ذَبُلت وتقلّصت وظيفتها بشدّة بالغة ، سواء في الوصف أو الرصف ، بل حتى أنها اختفت من نبل الوعظ و الإرشاد أو رغبة الرفعة بالإنسان إلى عالم المثال والسداد ..
لقد بات في حكم المُؤكد ، أن أمة الضاد تقفُ على شفا طامّة جاهلية أخلاقية مريعة ، أو أنها تعيش بالفعل في خضم أزمة وجدانية اجتماعية خفية لا مثيل لها ، وخيبة إنسانية لا حدود لها ، بعيدة كل البعد عمّا كنا نَحْسَبه كنزنا الاخلاقي الأفضل من أمثلة السمو و الآمال والرفعة ..
وهو ما اعتبره نذيرَ شؤمٍ غير مُباشر للأفهام العاقلة والفاعلة في مَجالات التربية والتعليم ، وهو يُخبّر سِرّاً عن سوء طالع قادم إلى أجيالها ، ويقول لنا جميعاً :
أيتها البقية الباقية من الأذهان المُتيقظة ، إنّ الآداب العامة والقيم المثالية التي كنتِ تَزْعُمينها مصعداً للسمو و الإرتقاء ، قد تغيّرتْ وتبدّلتْ ودُرِسَتْ ، بل و باتت أسمالاً بالية رثة ، و مُهترئة إلى درجة أنّ خروقها البشعة ، اتسعت على أي راتق مُصلح جلود مأمول ، قد يأتي لها يوماً بحلول تصالحية لأحوال أبنائها من الجهلاء ، ممن أضحت أخلاقهم وَهِنَة كمعارفهم المزوّرة ، بل ربما وجبَ القول في حال عقولهم أنها أوهن من بيت العنكبوت ..
رحم الله أحمد شوقي حين قال :
وإذا أُصيب القوم في أخلاقهم فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا

وللحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-