الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل مؤجلة

ميساء البشيتي

2018 / 3 / 17
الادب والفن


رسائل مؤجلة
صديقي الذي ليس له ملامح أو وجه أو عنوان كان يأتي كل صباح، يصافح الغيم، يربت على أكتاف الحمائم، يزرع سنبلة في أرض الديار، ثم يولي وجهه نحو المجهول ويمضي. لم أستوقفه أثناء رحلة العبور أو المرور... لكني كنتُ دائمًا أنتظره عند عتبات النهار، وإلى أن يغيب.
حين كان يطيل الغياب كنتُ أكتب إليه على زجاج النافذة المغبر بعضًا من حروف الاشتياق، وأحيانًا أكتب رسالة مستعجلة على وريقة صفراء أطاحت إليَّ بها الريح.، وأنتظر أن تعود لتحملها إليه... الريح لم تأتِ، وصديقي لم يعد، ورسائلي أصبحت باردة، شاحبة، آيلة للذبول.
صديقي كان كعادته يبدأ حديثًا غير منقوطٍ، مليئًا بكل علامات الاستفهام من دون أن ينتظر مني أي جواب! أما أنا فكنتُ أُكثر من الرسائل التي تبقى طيَّ الكتمان! وبالأفق غيمة كبيرة تحاصرنا، تمتد بشراسة لتمحو كل أثر لحديثه، وتلقي بظلال صمت جاف على شراييني فتُقتل على شفتيْ حبات الكلام.
في آخر رسالة تركتها بين يدي الريح كي توصلها إليه، أخبَرتُه فيها عن صديقنا الذي غادر الوطن إلى قصة حب حقيقية، رمى خلف ظهره سيرة الحرب، فنون الدمار، الحرائق التي تشتعل داخل فضاء البيت... تأبط ذراع قصة عشق صاخبة، ممتلئة بالحياة، يطير الحب فيها ويقفز بجنون العشاق.
لم تهتدِ الريح إلى صديقي، ولم ينزل الغيم إلى سطح مدينتنا، لم تُزرع أي سنبلة في فناء الدار، النهار يروح ويجيء خالي الوفاض، العصافير كَسَت ملامحها الدهشة، الحمائم ناحت في سرها، وفي فكري اشتعلت بعض علامات الاستفهام: هل غرق صديقي في صمته؟ أم وقع فريسة لليأس فآثر الانتحار؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل