الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن لعنة المدن- غزة

آية كامل رباح

2018 / 3 / 19
الادب والفن


في أي طريق نسلكه داخل مدينتي غزة، لا ينتابنا شعور التجاوز في أغلب الاحيان، فنحن لا نفكر بالأشخاص أو المقاهي أو المطاعم و اللافتات التي نجتازها، بالنسبة لنا نحن نعبر شارعا اسفلتيا بملامح باهتة حتى نصل إلى وجهتنا، دون ذلك الشعور الحاد كانقباضة في الصدر والذي بنتابنا عندما نتجاوز مكانا ما نعرفه أو وجها اليفا ونحن نعلم مثلا أننا لن نراه، تلك سنة الحياة هنا أيضا ،على هذه المدينة أو في هذا الكوكب ربما، لا أدري، لكن غزة الفتاة اليتيمة والتي نعبر ذات طرقاتها كل مرة جردتنا من شعور المضي، من أن نسمع دقات الساعة، أو أن ننتبه إلى شارات المرور الجديدة، ولا حتى أن نلاحظ أننا ندور في دائرة، وأن هذه الدائرة هي أفعي ملتفة حول نفسها في حلقات سنصل إلى لسانها السام قريبا أو دوامة صرنا تقريبا بجوار قعرها، غزة تخرجنا من زماننا الحي كعادة المدن الرتيبة التي لا تنام ولا تستيقظ ولكنها متأهبة للخلود بعناد، تمتصنا بغتة دون أن نحدد محطات لحياتنا، يصير مثلا التخرج أو الوظيفة أو الارتباط أمورا لم نلاحظها، بالمعنى العميق للكلمة لأننا لم نتجاوزها، لأننا فيها، لأننا ندوخ ونفقد حواسنا التي صارت مجمدة منذ سنين، وبالتالي سنلاحظ جيدا أننا في الموت، في حيزه المظلم، لم نتجاوزه أيضا، نتحدث عما فعلناه وشعرنا به دون أن نتشكل أو نصقل فينا شيئا جوهريا ، كما يحلم تمثال حجري بتغيير ملامحه عبثا، نحن هنا في نفس المكان أمام المرآة ذاتها ، في ذات الحلم القديم، وحيدين وضائعين خائفين من أن يسدل الستار دون أن نفقد شيئا تماما أو أن نعثر على شيء تماما... وسنكتشف كمن هرموا سريعا أننا لسنا حتى في دائرة ولكنها نقطة، حفرة عميقة وهذا التراب الذي كان ينهال علينا منذ البداية هو حياتنا وموتنا ونهاية كل الاحلام التي دارت بنا أفلاكا لا مرئية شاسعة ، ذرات التراب هذه هي نحن وقد كنا طيلة الأيام ندوسها وتدوسنا. وكل ذلك يفضي بشكل حتمي إلى أن تكون صرختنا الأخيرة ونحن نتحسس قلوبنا بحسرة مشبوهة: متى حدث كل ذلك؟ لم أشعر بشيء حقا. !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب