الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تطير الأفيال .. ! فك آ هات عراقيّة !

جلال نعيم

2006 / 3 / 11
كتابات ساخرة


عندما تَطِير الأفيال..؟!

1)ـ سأل الشاعر نصيّف الناصري أحد الأصدقاء، بينما كنّا جالسين في مقهى حسن عجمي في بغداد:ـ أنتَ هَم (أيضاً) تستحضر أرواح بالليل؟.
فأجابه الصديق، مُستحضراً جوعه السُلالي العريق(كما كان يسمّيه):ـ لك آني أستحضر أجساد.. (شأصخّم) بالأرواح تالي الليل!؟.

2)ـ يتمتّع الصديق عماد جاسم، وهو ممثل مسرحي، بروح دُعابة عالية، وقد سترت علينا الكثير من الآلهة يوم تخلّى عن نشر قصائده الشعبيّة (الحداثويّة)، حيث يردّد في إحداها:
" موتْ اللفّك يالمحبوب
موت اللفّك ! "
واتخذ في أخرى لازمة أكثر قرفاً:
" تَريع، يا حبيب الروح
تريوعتك حلوة!"
فكان لإثبات مكانته المسرحيّة، يغيّر الموضوع بشكل مُفاجئ، متخّيلاً أنه يُحادث شيكسبير:ـ " وقلت له: لَكْ شكس…….!".
بادّعاء (ميانته) العالية مع المغفور له "وليم شيكس.." !

3)ـ روى الشاعر (السلطوي) عبد الرزاق عبد الواحد، أنه احتار لغويّاً مرّة ببيت من إحدى قصائده، كان عليه أن يجمع كلمة " نِسر" إلى " أنسُرْ "، ليستقيم مع القصيدة، وزناً وقافية، يقول فتذكرت بأن شيخنا الجواهري قد فعلها مرّة، فرحتُ أسأله إن كان يحقّ لي أم لا، فردّ عليّ الجواهري:ـ سوّيها.. ليش هو "البدوي"، اللي يأكل و (يزرّب) بالصحراء يحق له وأنت ما يحق لك..؟!

4)ـ كان الشاعر فرج الحطّاب يتندّر كثيراً على لفظ والدته لاسم "الأمم المتُحدة"، أيّام (باتلر) و(الحصار) ولجان (التفليش) التي لا تنتهي، فكانت تسأل باستنكار:
ـ ولكم شتريد هاي الأمم المِحتدّة من عِدنا..؟!

5)ـ روى لي الكاتب والممثل المسرحي الجميل كريم جثير (الذي لن أصدّق خبر وفاته ما حَييت )، بأن شابّاً من مدينته (الثورة)، كان يرى كريم يخرج متأنّقاً، بشكل شبه يومي، يُلقي عليه السّلام ويذهب في طريقه، فإذا بالشاب يُمسك بكريم راجياً الذهاب معه، فأخبره كريم بأنه يذهب إلى معارض فنّية، وأمسيات ثقافية لن يستمتع بها، إلا إن الشاب أصرّ، فأخذه معه باتفاق أن يكون هادئاً و(مؤدباً)!!.
يقول ذهبنا معاً، وبدأنا بأن دخلنا قاعة فنيّة في "الباب الشرقي"، وبينما كنت قلقاً من أن (يفلتها بكلمة)، فاجأني بأنّه كان ينظر إلى اللوحات بصمتٍ مُتأمّل واهتمام إلى أن خرجنا، حيث أمسكَ بذراعي، وسألني هامساً:
ـ (عفية) كريم.. هاي دائماً يعرضون صور خلاعيّة هنا..؟!!

6)ـ كان يوم 16/6/1997، يوماً حاشداً، بالنسبة لي، فهو يومي الما قبل الأخير في بغداد، حيث رتّب لي الأصدقاء وداعاً حميماً في "سوق مريدي"، حيث طاولة صغيرة وبضعة كراسٍ، في الهواء الطلق، وقبالة محل الشاعر فرج الحطّاب، ضمّت الشعراء جمال علي الحلاق وسليمان جوني وعباس اليوسفي وأحمد السعداوي.
ولأن الجواز والتأشيرة ينبضان في جيبي من شدّة القلق، خوفاً من قرارات اللحظات الأخيرة، أو حروبها، فكنت أراقب شاشات التلفزيونات في المحلات المجاورة، دون أن يصلني صوتها، وقد تربّع (القائد المخلوع) فيها، لوقتٍ بدأ يطول، فسألت "فرج" بأن يبحث سرّ (الخطاب الجديد)، الذي لن يرجو منه أحد خيراً طبعاً، فعاد فرج راسماً ابتسامة عذبة:ـ سألت صاحب المحل.. أتعرفون ماذا قال لي؟
فأجاب ردّا على نظراتنا المتسائلة:ـ يقول صدّام (نَصّوا) راتبه.. فسألته مُستغرباً.. هاه.. منو سوّاها؟!.. قال "عزّت الدوري".. هوّة أحد يكدر على صدام غير عزّت..!
فضحكنا، حتى شرح لنا قرار "الرئيس" بخصم نسبة من رواتب (القيادة) و(السادة المسؤولين) والتبرّع بها للغلابة والمساكين والموظفين شهريّاً.. و"ليخسأ الخائسون" كما كان أخي الصغير يردّد..!

7)ـ هكذا.. خرجت إلى عمّان في اليوم التالي، سالماً غانماً، فأعدتُ الاتصال بأصدقائي ومنهم الصديقين عبد الهادي سعدون ومحسن الرملي في إسبانيا، وأبلغاني بمشروع " ألـواح " كمجلّة أولاً وكدار نشر ثانياً، فسارعتُ لإعداد ملف من المواد التي كانت بحوزتي، والتي أودعني إيّاها "الأصدقاء" لنشرها في العالم الآخر، بعيداً عن ضيق الحصارات المتناسلة في العراق آنذاك (1997)، فنُشر الملف (التسعينيّون يطرقون أبواب القرن القادم..!) في العدد الأول من "ألواح"، وما أن وصلتني نسخاً منها، حتى سارعتُ إلى (تسريبها) مع أحد ( السوّاق) إلى هناك، إلى بغداد، وقد لاحظت تشوّهاً واضحاً برسم وجوه الكتّاب، وكان ذلك عجزاً واضحاً في "ألواح" (اعترف لي به عبد الهادي سعدون لاحقاً، حيث قال مثلاً لم يكن عندنا صورة الشاعرة(الفلانية) فوصفتها لرسّامنا الذي يعرفكَ قائلاً: تشبه جلال.. على أنثى وبدون شوارب!! وكان على الرسّام أن يتخيّل ذلك..) وبينما كنت في قلقٍ، لأسباب أمنيّة على الشعراء التسعينيين في بغداد، وما يمكن أن يحدث لهم لو استوقف "عدي صدام حسين" ذلك الملف مثلاً، أو أيّ من المصادفات اللعينة الأخرى (خاصّة وأنه كان أوّل تسريب لأدب الداخل، بعيداً عن شِباك المؤسسة.. وهو بحد ذاته تحدّ!!؟).
وما أدهشني هو رسالة فرج الحطّاب التي وصلتني بعد أيّام، حيث أثنى فيها على جهد "ألواح"، خاصّة وانهم نشروا مقطعه المعروف:
"خارجون من بطون التوابيت
ومن جحور ابن آوى
خارجون من الصخور
ومن قبور لاكتها ألسنة الماكينات
ننفض عنّا غبار الحروب الأخيرة.."
ثمّ أضافَ مُتسائلاً في رسالته: (هذا يا لوح ابن اللوح اللي راسمنا بـ"ألواح".. هل صدّقَ بأننا خارجون من بطون التوابيت والقبور وجحور ابن آوى..؟!!)

8)ـ زارني في عمّان الصديق، الروائي والقاص محسن الرملي، قادماً من مدريد، ومنذ أوّل لقاء لنا، في مقهى (بلاط الرشيد)، سألني كيف وجدت عمّان والأردنيّين، فرويت له ما علقَ بضميري عن تلك المدينة وأناسها، وختمت حديثي قائلاً بأن المشكلة مع الأردنييّن قد تُكمن بروحهم المجاملة الشفّافة، فإذا ما قلتَ لأحدهم مُتعاطفاً (غلّبناك) والتي تعني (أتعّبناك)، فيجيبكَ بعد آهةٍ طويلة: يا زَلَمة.. لا غَلَبة ولا خَرا..."!!
وهكذا، بعد أن دفع "الرملي" مدّة (زيارته) إلى عمّان، وبعدَ أن أودعني مجموعته وساعته اليدويّة وذكرياته الصديقة، رافقته إلى مطار عالية، وكان وداعاً شفّافاً، رغمَ إن دمعةً كانت تحاول الانتصار عليّ (ليس لمغادرته، وإنّما لعدم قدرتي على المغادرة ..آنذاااااك !!)، رأيته وهو يعبر (الكاونتر) الأسطوري، الذي كنّا نحلم بعبوره بحثاً عن خلاص، ابتعدَ خطوات إلا إنّه عاد ليواجهني بعينين متوجّستين قائلاً:
ـ جلال.. (غَلّبتَك)..؟
ابتسمتُ له، فتغيّرت ملامحه، ثمّ وكأننا تذكرنا فجأة، ردّدنا بصوتٍ واحد وعالٍ أمام دهشة الناس:ـ لا غَلَبة ولا خَرا……!
ولكن كان ينقصها " يا زلَمة "..!!

9)ـ ... وعلى ذمّة "شاعر عراقي" معروف، قال بأنّه حضر مجلس الشاعر عبدالوهاب البيّاتي، مرّة فشرع البيّاتي بـ (تفصيل) ساحة الشعر العربي مبتدءاً بـالسيّاب الذي يجب أن يشكر ربّه لأن الموت أخذه مبكّراً، قبل أن يفضح نضوب شاعريته، وأدونيس (لملَم) كم فكرة بنى عليها شهرته، و(خلف الله) على كاظم الساهر ومطربين آخرين ذكّروا الناس بـ نزار قبّاني، أمّا هذا الأسود (يقصد محمّد الفيتوري).. عندها تعالى الضحك من شبان أردنييّن.. فالتفتَ إليهم البياتي مخاطباً: (خو) أنتم حتى ما عندكم واحد تافه ممكن نحكي عليه..!!

10)ـ عُرفَ عن الرئيس الأمريكي بوش (الابن) كرهه للقراءة، حدّ إن البعض صوّرها عدوّه الأول، وقال آخرون بأنه يفضّل الذهاب إلى سجن "غوانتانامو" ولا يذهب إلى "مكتبة"!. وقد كان جَي لينو، مُضيّف “the tonight show" والمُلقّب "بزعيم أميركا، آخر الليل!"، قد ألقى عشرات النكات حول هذا الموضوع، ولهذا فعندما أجرى لقاءاً مع الصحفي الشهير بوب وودورد بمناسبة صدور كتابه "خطّة للهجوم"، وهو مُكرّس عن "بوش" وحرب العراق..، سارع جَي لينو لسؤاله:ـ هل قرأ "بوش" كتابك؟. فعاجله وودوارد بالجواب:ـ لا لم يقرأ كتابي.. قرأ كتابك أنت..!!. وكان أن ضحكا معاً، وضحكنا بعد أن تذكرنا بأن كتاب جَي لينو عبارة عن كتاب مصوّر للأطفال ولا يحوي غير قليل من التعليقات، وقد حملَ عنواناً موحياً: (عندما تطير الأفيال..؟!!).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل


.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض