الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام كامل على رحيل روائي الحرية عارف علوان

حسين الهنداوي

2018 / 3 / 21
الادب والفن



كان يوشك على الطيران جذلا عارف علوان حين تقابلنا صيف 1998، اذا لم تزغ ذاكرتي، على رصيف سكك محطة نورث-اكتون غربي مدينة الضباب كنقطة وسط بينما كان لى عجل كالذاهب الى موعد غرام سمعت لاحقا انه انتقل بسببه الى مدينة ليدز ليبني عشا تراكم توقه له مع الايام، هاجرا لندن وضبابها ومن فيها وكنت منهم. لقاؤنا الاخير ذاك كنت دائما اسعى لمواصلته دون جدوى بعد ان ترامت بنا الخرائط. بين عامي 1991 و1998 لم نكن نفترق الا لماما بل كنا اشبه بوكيلي اعمال احدنا الآخر حيث تولى بسخاء متابعة نشر كتاب لي صدر عن دار الساقي في 1996، كما شاركنا معا في كتابة اكثر من نص مقدمة لمجلة اصوات.

تمسكه الجارف بالحرية وجعلها محور الكثير من نصوصه ظاهرة مثيرة لدى هذا الروائي والمناهض الجذري للفاشية البعثية من جهة وايضا للذهنية الفظة لبعض عشاق الدوغمائية الستالينية المتحجرين، ومنهم كتاب وفنانين، فيما كان لعارف علوان شخصيته الزاهدة والحذرة وميله الى الكفاف ووعيه اللماح والواقعي والمثقل بصور وذكريات معاناة بغداد وبيروت والمغرب وايطاليا وبريطانيا جعلته عالما انسانيا قائما بذاته امام عيني. بيد ان عالما آخرا، فنيا هذه المرة، كان يختبئ في قامته الانيقة جاعلا من هذا الكاتب احد اعمق الروائيين والمسرحيين العراقيين والعرب وهو ما تشهد عليه عشرات النصوص القصصية والروائية التي نشرها والمسرحيات التي كتبها بدءا بـ "الرجل الذي فقد رائحته" و"القضية رقم 2 " اللتيت عرضتا في بغداد وحتى مسرحيات، "هلاك بابل"، و"الشرخ"، و"عنصرية جذابة"، و"طرطوف".

وكان الراحل، المولود عام 1941 في مدينة الكوت العراقية، قد عمل في الصحافة العراقية لفترة قصيرة بعد منتصف الستينات بعد الانفتاح النسبي الذي عرفه البلد لفترة قصيرة، ثم ترك العراق مبكراً، عام 1971، مهاجراً إلى بيروت، حيث عمل في بعض الصحف اللبنانية والفلسطينية، ومنها إلى المغرب عام 1978، ثم إلى إيطاليا عام 1980، وبعدها إلى إنجلترا عام 1990.
بدأ الراحل أولاً بكتابة القصة القصيرة والمسرحيات. وله في القصة القصيرة «الرصاصة»، و«الهدف... والإغريقي»، و«أميرة الزنبق الأبيض والمحار»، و«الذاكرة والنسيان»، و«الغريب»، و«طيران بأجنحة جديدة». أما من المسرحيات، فله «هلاك بابل»، 1975، «لعبة المخدوعين»، 1977، «التتر قادمون»، 1986، «بحيرة كانجا»، 1990، و«عنصرية جذابة» 1992. وركز عارف جهده في السنوات الأخيرة، بعدما استقرّ في بريطانيا، على كتابة الرواية، فصدرت له «محطة النهايات» 1997، و«غرفة البرتقال» 1999، و«الأضواء» 2005، التي نشرها على الإنترنت فقط، بعدما اتخذ قراراً بعدم التعامل مع النشر الورقي ودور النشر العربية، لأنها «لم تعد تتعامل مع النصّ على ضوء معايير أدبية وثقافية، بل تحولت إلى مسلخ للحركة الأدبية والثقافية في المنطقة باستخدام شريعة (ادفع - نطبع)»، كما قال في مقابلة معه نُشرت في «الشرق الأوسط» عام 2005.

وبعد رواية «أضواء»، صدرت له بالإنجليزية روايتان هما «مُخبر الشيخ» 2012، و«شارع المصيدة الدبقة» 2015.

وللراحل أيضاً مجموعة مقالات صدرت بعنوان «نصوص» في بيروت عام 1998.

وفي الرثاء المتأخر الذي كتبه صديقنا المشترك قــاسم مـحـمـد غـالي بعنوان "الكاتب الأنيق .. وشيخ رواد العزلة عارف علوان" لقطات حملت مشاعري ايضا: "لم أتمكن من رؤية عارف منذ سنوات، وانقطع التواصل بيننا. لا أدري بالضبط السبب، لكن هذا ما حصل. جاء خبر رحيله ليشكل صدمة أخرى بالنسبة لي. كانسان، فهو رائع ولطيف العِشرة وجميل المزايا والخلق. هادىء الطباع وصبور وكثير الأناقة والحرص على مظهره ولباسه. ومن سجاياه التواضع الجم والصراحة واحترام الآخرين. تعرفت عليه في لندن، عن طريق الصديق أمين العيسى، هذا الإنسان، هو الآخر من روائع البشر وأجمل العراقيين، الذي تعجبك خلقه وتجذبك طيبته وشخصيته الهادئة. كنت أزور عارف في شقته المتواضعة في منطقة "اكتن" الواقعة في غرب لندن، ولفت انتباهي اهتمامه بالزهور وزراعتها في حاويات صغيرة، وخصص الجزء المفتوح من الكليدور لهذا الغرض، حيث تحول الى حديقة صغيرة لا تتسع سوى لكرسيين. في هذا الجزء من شقته، كان يحتسي قهوته صباح كل يوم. عادة (لبنانية) مكتسبة لا علاقة لها بالعراق وطباع العراقيين.

عارف علوان، من الأسماء المهمة في الكتابة المسرحية، ربما يكون من أبرع كتاب المسرح في العراق، وهم قلة مقارنة بغيرهم من الروائيين وكتاب القصة والفنون الأدبية الأخرى. وهو روائي مُجيد وكاتب قصة مبدع. وتتميز محاولاته بالتفكير الحر، وعمق الرؤية، وجمال اللغة والتعبير. والشيء الآخر الذي جذبني في كتاباته، هو آراءه الجريئة، ونزعته الانسانية، وميوله التقدمية، ونصرته لقضايا الانسان وهموم البشر. كتب أشياء جميلة ومهمة، لكنه لم يحظ بالرعاية او الاهتمام الذي يستحق، شأنه في ذلك شأن الكثير من المبدعين العراقيين.
خاض عارف تجربة حياة صعبة، وتعرض لظروف قاسية، اضطرته الى اختيار المنافي، فمن العراق الى لبنان ومنها الى ارتيريا، فالصومال ثم ايطاليا، الى أن انتهى به المطاف للإقامة في بريطانيا. انعكس ذلك في أكثر كتاباته".

ويذكر الصديق قاسم غالي ان الراحل عمل معه في إذاعة "الحرية" حيث كان يعدّ برنامجاً عن أحوال العراق المدنية وانهيار نظم التعليم والقضاء والصحة والرعاية الاجتماعية في التسعينيات بسبب العقوبات المفروضة على العراق ونهج النظام الحاكم وأساليبه في التعاطي مع المجتمع الدولي. واعتمد عارف على معلومات نشرتها الأمم المتحدة في تقرير بهذا الخصوص. وحظي برنامجه الذي أعدّه من ذلك التقرير باهتمام جيد. وقدم أشياء مفيدة للعراقيين في الداخل كانوا بحاجة ماسة لها. وشارك في تحرير عدة كراسات صغيرة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث