الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الباجي قائد السبسي الرئيس الذي يكرر نفسه .

فريد العليبي

2018 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


‏ ‏
الأزمة العامة.
الأزمة في تونس متعددة الأبعاد فلم تعد اقتصادية فقط بل إنها تشمل الآن السياسة ‏والأخلاق والثقافة أيضا ‏، إنها أزمة عامة ومن ملامحها اهدار الثروة الوطنية ‏وارتفاع الأسعار وتدنى قيمة الدينار ونضوب ‏الخزينة من العملة الصعبة وتفاقم ‏المديونية والبطالة والانتفاض الاجتماعي والانتحار واستهلاك ‏المخدرات وتفشي ‏الجريمة والارهاب وانهيار الصحة والتعليم الخ.. والانقلابات السياسية داخل ‏الأحزاب ‏والبرلمان والحكومة وتدخل القوى الدولية والاقليمية وتلاشي السيادة ‏الوطنية وسيطرة الخرافة والشعوذة ‏والفردانية والاتكالية واللامبالاة .‏

رئيس يكرر نفسه .‏

‏وفي مواجهة هذا الوضع أضحى رئيس الجمهورية يكرر نفسه في كل مناسبة ‏يطل فيها على الشعب مثلما ‏حصل اليوم أثناء احتفالية 20 مارس في قصر قرطاج ‏دون تقديم أية حلول فعلية مما يعنى استفحال ‏الأزمة التى أصبحت أقوى من الحكام ‏ومن هنا تفشي انعدام الثقة بينهم وبين المحكومين .‏

تقدير مبطن لحكم بن على .‏

ولم يفعل السبسي اليوم غير توصيف هذه الحالة العامة فالوضع صعب وصعب ‏جدا كما قال والاحباط في ‏أوجه بين التونسيات والتونسيين فنسب النمو والتشغيل ‏والانتاج الخ ...كانت قبل رحيل بن على أفضل مما ‏أصبحت عليه بعده وهو ما يعد ‏اعترافا صريحا بالفشل من ناحية وتقديرا مبطنا لـ "منجزات " حكم بن ‏على من ‏ناحية ثانية. ‏

الخارج والداخل ‏


‏ ولم يجد السبسي من عزاء الا في ما قالته برقيات رؤساء أمريكا وفرنسا ‏وألمانيا حيث كلمات ديبلوماسية ‏تتغنى بديمقراطية تونس الناشئة والتحديث العميق ‏وهو الرجل الذي ينتمى الى مدرسة سياسية وضع ‏أسسها بورقيبة كثيرا ما تستمد ‏رضاها عن النفس لا من الداخل وإنما من الخارج وخاصة من أوربا ‏وأمريكا . ‏


نجاحات الرئيس .‏

من بين النجاحات التى إفتخر بها السبسي إرجاع تماثيل بورقيبة الى الساحات ‏العامة والحفاظ على ‏الديمقراطية التى قال إنها تعني لديه الانتخابات ويبدو أنه لا ‏يدرك معنى الديمقراطية في أبعادها السياسية ‏والاقتصادية والاجتماعية لذلك ‏يختزلها في الصندوق الانتخابي وما يوضع فيه من أوراق وهو ما جعله ‏مرة ‏أخرى يذكر بتفويض الشعب له ولحزبه والمتحالفين معه لممارسة السيادة بإسمه ‏متغافلا عن ما حف ‏بالانتخابات من مشكلات من بينها زيف التزكيات وتحكم ‏المال السيالسي والاعلام الفاسد والتمويل ‏الخارجي ومقاطعة طيف واسع من ‏التونسيين والتونسيات لها تسجيلا واقتراعا .‏


المسؤولية ‏

لمح السبسي الى تعففه في البداية عن تحمل المسؤولية الحكومية عندما دعاه فؤاد ‏المبزع لرئاسة الحكومة غداة ‏هروب بن على ولكنه سرعان ما أدرك أن ‏الضرورة تقتضي ذلك فلبى نداء الواجب كأنما في مطالبة ‏للتونسيين والتونسيات ‏بشكره على ما قام به عوض الشتائم التى واجتهه ومن بينها اتهامه بأنه " زعيم ‏مافيا ‏لا رئيس دولة " !!‏
غير أن الرجل يناقض نفسه فهو يقول في نفس الوقت أن المسؤول عن الأوضاع ‏الحالية التى اعترف بأنها ‏‏" محبطة " هو " الجميع " و" الكل " مما يعنى أنه لا ‏يعترف بمسؤوليته الرئيسية عن الأزمة التى تعصف ‏بالبلاد باعتباره " رئيس دولة " . ‏


كعب أخيل. ‏


قال السبسي إنه وجد منذ البداية الحل للأزمة في " التجميع " والتأليف بين القلوب ‏فكانت حكومة الوحدة ‏الوطنية المستنسخة عن حكومة الوحدة القومية البورقيبية ‏خلال الخمسينات من القرن الماضي ، محيلا ‏بذلك الى سياسة " التوافق " بين اليمينين ‏الليبرالي والديني والتضحية بحلفاء الأمس من اليساريين الليبراليين ‏الذين شكل ‏معهم تحالفا لم يدم طويلا تحت اسم جبهة الانقاذ غيرأن ذلك التجميع ربما كان ‏كعب أخيل ‏حكمه فقد ظلت سلطة التوافق عاجزة مترددة تتبادل الترضيات ‏والمنافع بينما تفاقمت الأزمة. ‏


مخاتلات الرئيس ‏


الباجي يخاتل ولكنه يفعل ذلك وهو في العراء ، إنه لا يريد ولكن المختصين ‏يريدون، ناصحين بتحوير ‏الدستور وتعديل النظام الانتخابي وهو لا يصوغ الاتفاقيات ‏ولكن الأحزاب والمنظمات هى من صاغ ‏اتفاقية قرطاج ، هو يحترم الدستور ‏ولن يغيره ولكن مصالح الشعب التونسي تفرض ذلك التغيير ، هو لا ‏يريد حسم ‏ملف المحكمة الدستورية المعلق منذ مدة ولكن الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي وهو ‏غير راض ‏عن بعض الهيئات الدستورية فقد تذمر يوما من قوة " العزري " أو " ‏القبضاي " التى تفوق قوة سيده . ‏ولا شك أن التونسيين يتذكرون مخاتلات بورقيبة ‏وبن على المندرجة ضمن المجال ذاته قبل أن تصبح ‏سلطتهما مؤبدة ‏.‏


العصا الغليظة ‏.‏


قال السبسي أنه منذ 14 جانفي 2011 تاريخ هروب بن على لم تطلق رصاصة ‏واحدة ضد الاحتجاجات ‏الشعبية ولكن ذاكرة التونسيين تحتفظ بأسماء شبان ‏كثيرين استشهدوا أو جرحوا في جهات مختلفة وتم ‏أحيانا لوم الرصاص المرتد ‏وأحيانا أخرى تحميل المسؤولية لأمنيين تصرفوا بمفردهم مثلما هو الحال ‏خلال ‏انتفاضة سليانة التى قمعت باستعمال " الرش " أو لسيارات منفلتة دهست محتجا ‏هنا وآخر هناك ‏وأغلق الملف ‏.

الحاضر الغائب ‏

الحاضر الغائب أو المغيب خلال الحفل كان رئيس الحكومة وهو من ابتسم مرة واحدة عندما لمح الرئيس ‏في خطابه من بعيد وبعيد جدا الى حكومته ، كان واضحا أن الشاهد قد أضحى من الماضي ، وهو الذى لا ‏تلتقي سفنه مع رياح ابن الرئيس الذى جلس الى جانب شيخ الاسلام السياسي راشد الغنوشي . ‏

المعركة القادمة

من المرجح أن تكون تلك المعركة بين اتحاد الشغل والإسلام السياسي وسينخرط فيها ما بينهما وربما انشطرت فيها ‏مؤسسات وانقسمت على نفسها ، وما اعتقد السبسي أنه نجح فيه سيتكشف باعتباره معضلة . كان لافتا ذلك ‏الحضور " المتجهم " للغنوشي والطبوبي أثناء متابعة خطاب بدا كما لو أنه من زمن انتهى دون أن ينتبه ‏الى ذلك المعنيون بالمستقبل . ‏












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة