الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب والكشف الذاتي لعقد الانسان

ضحى عبدالرؤوف المل

2018 / 3 / 24
الادب والفن


الحرب والكشف الذاتي لعقد الانسان
ضحى عبدالرؤوف المل
تفاجىء الحروب الانسان. الا انها تعني الاستمرارية للسياسات كوسيلة لتحقيق المآرب القائمة على البقاء الآمن بمعزل عن النتائج التي تؤدي الى المزيد من القتل والدمار والتشرد، بما! معنى خلق الحروب في مناطق ما لتبقى الاماكن الاخرى اكثر امانا واستقراراً او قدرة على الكشف عن العقد الداخلية التي تشكل الوجود الاجتماعي، وان كان غريبا هذا الطرح لأن الحرب تكشف عن ذاتية صناعها كقوة عسكرية تستمد من الموت حيوات اخرى، ومن الكفاءة القتالية كفاءة سياسية في حين ان الحرب لا يمكن ان تنتج الفنون والعلوم والاداب باعتبارها تأكل الاخضر واليابس كما يقال وبالرغم من ذلك هي تعكس الاحداث وتؤرشفها وتمنحها الزمن الذي تقطعه الحرب لتحفظه في كتاب او فيلم او لوحة الخ... وما الطموحات السياسية الا نتيجة قتالية تحقق الفوز على القوى الاخرى. بالتالي تجعل من العنف مرآة للسلام كي تظهر معاني فريدة من نوعها ، وان ضمن الاستمرارية في الحروب التي تزيد من عقد الانسان وتهزم طموحاته الحياتية .
الحرب واستمرارية العقد الانسانية والطابع الدرامي الذي تتخذ منه الاعمال الادبية والفنية بمعزل عن النهايات التي لا يمكن تصورها. اذ تبرز نوايا السلام كفتيلة لحروب مستمرة ، لكن دون صياغة لذلك ان روائيا او مسرحيا او حتى سينمائيا خاصة تلك الافلام التي تنتجها الحروب كجزء من تاريخ مرئي هو اعادة انتاج لمشاهد الحروب بأسلوب يمثل عبثية العنف والقتل، والفكر الذي يعكس الطموحات السياسية وغرائبها واسقاطاتها، والقدرة على تنفيذها او اظهار مدى تقاطعها مع الزمن التاريخي المستمد من الحروب الاخرى التي يعيدها صناع الحروب في مداورة زمنية تؤثر على البشرية. لانها تأكل الانسانية وتجترها تحت مسميات عجائبية تزيد من الامراض النفسية والانحراف السلوكي والانحطاط الاخلاقي، وكسر النظم الاجتماعية المتعارف عليها، بل! واستبدال جغرافي من ازالة واعادة اعمار بعد فجوات اتسعت واصبحت تبتلع كل ما تنطوي عليه الوحشية من انهيارات في المبادىء الاجتماعية والثقافية . فهل يمكن عودة الحياة من موت الحروب ام ان البداية الانسانية من اللاشىء تعني الاستغناء عن ادب الحروب والتركيز على التحليل العلمي والفكري ، وبرؤية ثقافية واسعة تحتاج الى برمجة الوعي وتخطي ازمات الحروب وما ينتج عنها؟
تتبرأ الحياة من وحشية الانسان وقسوته التي تكشر عن انيابها في الحروب، والابادات الجماعية التي تحدث كنتيجة قتالية لاعقلانية وبتطرف غريزي لا انساني يؤدي الى تحفيز الاحساس بالبقاء او ما يسمى بحرب البقاء التي تتوهج لاحداث التغيير، وان من خلال الهيمنة والجشع على فرض السلطة او القوة التي من شأنها اثارة الهلع والاوهام، واحلام اليقظة التي ينشأ منها انحرافات متعددة حتى في الفن التشكيلي كالسريالية والدادائية والوحشية، والادب وغرائبية الموضوعات التي يتم طرحها كهلوسات ذهنية او حتى المسرحية منها. فهل هناك اسوأ من فعل القتل الذي يمارسه الانسان على انسان اخر بغض النظر عن مؤثرات ذلك على الجغرافيا والبيئة والطبيعة، والخلل الكبير في التوازنات الحياتية دون مكابح رادعه او حتى قوى اخرى قادرة على التدخل وفرض السلام .
وفق المعنى الصحيح للحرب والكشف الذاتي لعقد الانسان منها التنافس والطمع والجشع والضعف، وابراز القوة وصولا الى تحقيق المكاسب المادية والسلطوية، اضافة الى الفخر وتحقيق الفوز بالانا العليا، وكل ذلك يؤدي الى الحروب ومحاولة الفوز بها دون التفكير بالعواقب الوخيمة التي تقع على عاتق الانسانية وانهياراتها ، وانحدارها نحو البشرية الاولى. اي قبل خروج الانسان من المرحلة البشرية الى الانسانية، وكل ذلك يترافق مع الخوف الذي يصعب التحرر منه فيما بعد. ليصل الى مرحلة الفوبيا وهذه ابسط حقوق الانسان في المجتمعات الا وهي التخلص من خوف الحروب والقتل، وهذا الحق الطبيعي في الوجود الآمن والمستقر. ليحيا الوعي الانساني في بيئة تؤمن له الاستقرار النفسي للتنفس من خلال الدعم الانساني والاخلاقي والكلي دون خبث او رياء او بث الكراهية والخوف، للدخول في القتال او الاشتراك بمعارك ضد الانسانية لا تؤدي الا للمزيد من العقد النفسية الناتجة عن الحروب ومخلفاتها . وهذا ما نجده عند الكثير من الرسامين الذين خرجوا من حالات الحرب وعقدهم النفسية منها بالرسم واستخراج المكنون النفسي بالفن التشكيلي .
للطبيعة البشرية جوهرها الانساني، وهذا ما نلمسه في اعمال الادباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين الذين يخوضون معارك الانسانية بحروب اكثر انفتاحا واتجاها نحو الوعي، وهو اكتشاف الطبيعة البشرية الميالة الى الدخول على المجتمعات بكونية عالمية دون التقييد بالتخطيط المسبق لاستراتيجية الحروب القائمة على الاسلحة، وتنظيم الجيوش وما الى ذلك . فالحالة الطبيعية للفكر الانساني هي تشكيل الفكر بعيدا عن العقد النفسية الناتجة عن الخراب والدمار والاقتتال الناتج عن التهافت على الموارد للاستيلاء على خيرات الطبيعة او لارضاء الذات، وتحقيق الكثير من المكاسب على حساب امن المجتمعات الانسانية الميالة الى الاستقرار والازدهار والعيش بجمال وسلام. وان كان هذا من المستحيل في ظل التاريخ البشري المحمل بالحروب وخراب الحضارات، وبناء حضارات اخرى ما هي الا تكرار للطبيعة البشرية الميالة الى الحروب التي من شأنها زرع الرعب والخوف، وبث المزيد من العقد النفسية عند الانسان التي يصعب التخلص منها حتى في الاعمال الادبية والفنية الشاهدة على ذلك منذ الحروب العالمية وحتى الحروب العربية او ما يسمى بالثورات العربية .
ما من حروب عادلة عبر التاريخ، والخسارات الكبرى هي الانسان صاحب العقل والوعي الذي يتم تدميره تاريخيا بحجة الامن والاستقرار، والدفاع عن النفس والمعتقدات وما الى ذلك من اسباب واهية ، وعبر الحروب المستمرة منذ قابيل وهابيل وحتى الان وعبر الحكايات والاساطير وحروب الالهة، وصولا الى الروايات الناتجة عن الحروب او الاعمال الادبية التي تنتمي الى الخيال، وكل من شأنه ان يمحو الحرب بحرب اخرى تحفظها الكتب والاعمال الفنية. لتصبح مادة خصبة لحروب من نوع اخرى هي الشاهد على الانتهاكات الانسانية التي تجسد بطبيعتها وحشية الانسان، وعقده النفسية والبعد عن معايير العدل او وسطية النزاعات بالاحرى التوازنات غير القابلة لميزان العدل او لوضع قوانين الحرب والسلم، وبالتالي يبقى الانسان هو الخاسر الاوحد، وهو الذي يصاب بالعقد النفسية التي يصعب الكشف عنها. الا من خلال الادب والفن وما تحمله الثقافات من تهجين لمؤثرات الحروب على الاعمال الادبية والفنية، وما تخلقه من تيارات ثقافية مفتوحة على عدة عناوين منها القوة الثقافية في تحديات بين قوى الدول الكبرى وصناع الحروب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو