الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى كانت العقوبات سياسات علاجية !

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)

2018 / 3 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


متى كانت العقوبات سياسات علاجية !
عندما ناقش البعض خبيراً اقتصادياً حول ماهية الحلول الواجب اتباعها للقضاء أو التخفيف من المشكلة الإنسانية الأكثر تفاقماً وتحدياً للمجتمعات والمتمثلة بالفقر, فرد ساخراً : للقضاء على الفقر عليكم بإبادة الفقراء وهنا تنتهي المشكلة.
ساهمت السياسات العقابية بحق قطاع غزة والتي تتنوع ما بين حصار إسرائيلي شديد ومنع ادخال السلع والمنتجات والتصدير, مروراً بالسياسة الضريبية الصارمة المنتهجة في غزة ومنها الضرائب التي أقرتها مالية غزة وبمباركة اعضاء التشريعي بغزة والتي أسموها زوراً بالتكافل الاجتماعي وهي ضرائب فُرضت على 400 سلعة أساسية بواقع 1-10% وتراها المالية بأنها سلع غير أساسية , وليس انتهاء بسياسة الخصومات التي أقرتها حكومة التوافق الوطني منذ ابريل 2017 وهي السياسة الأكثر تأثيراً على الاقتصاد في قطاع غزة, حيث تراوحت نسب الخصومات ما بين 30-50%, إضافة إلى تقليص بعض قنوات الإنفاق على قطاعات مهمة كالصحة والتعليم والكهرباء.
وعلى الرغم من التأثيرات السلبية لسياسة الخصومات إلا أن السلطة الفلسطينية تعتبرها سياسات علاجية وهدفها المصلحة العامة, كما أن تسمية الضرائب بالتكافل الاجتماعي وهذا أمراً ثقيل على الاستيعاب, وهذا ما يدلل على رثة الساسة وانصياعهم لثقافة الربح والخسارة وتعميم منافعهم الشخصية على حساب تعميم الخسارة المجتمعية والألم المجتمعي والاسراع إلى صعود غزة نحو الأسفل.
ساهمت السياسات العشوائية وغير المدروسة والحمقاء في الكثير من الحالات إلى تفاقم المشكلة الإنسانية في قطاع غزة, وهذا ساهم بشكل رئيسي في ارتفاع نسب وعديد الفقراء في قطاع غزة, فخلال الفترة 1989-2017 ارتفع عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة بنحو 35 ضعف, ففي العام 1989 بلغ عدد العاطلين عن العمل في غزة 8 آلاف شخص ثم ارتفع العدد إلى 11 ألف عام 1993, ثم ارتفع إلى 81 ألف عام 2007 وحوالي 276 ألف عام 2017 وتوقعات ببلوغ العدد لنحو 500 ألف شخص عام 2025, وهذا يعني أن استمرار تلك السياسات المتداخلة ستجعل غزة المنطقة الأعلى عالمياً في استدامة أفتي وتوأم السوء ( بطالة وفقر).
الإجراءات والسياسات العلاجية كما تسميها السلطة الفلسطينية سيرافقها الانعكاسات التالية:
1- مزيداً من التراجع وهبوط حاد في الطلب المحلي, وهذا ما انعكس في الركود الاقتصادي وكساد عدداً من الأنشطة التجارية.
2- اغلاق مئات المنشآت التجارية وافلاس مئات التجار, إذ وصل عدد أوامر الحبس على أساس ذمم مالية نحو 100 ألف أمر في العام 2017, وهذا يعكس درجة الانهيار التجاري, كما رافق ذلك حدوث العروض التجارية الكثيرة والتي تعبر عن حالة الركود الشديدة ومنها مثلاً: عرض مدينة اللحوم في غزة حيث شمل العرض : 6 كيلو جناح دجاج ب 10 شواكل و2 كيلو كبدة دجاج ب 10 شواكل, وهذا عكس ارتفاع درجة الانعدام الغذائي والذي وصل لنحو 67% من إجمالي الأسر في قطاع غزة.
3- انهيار متوقع لقطاع التجارة بالتجزئة والجملة .
4- شبه تهاوي لقطاع النقل والمواصلات.
5- انحدار شديد للطبقة المتوسطة ودخولها بقوة للطبقة الفقيرة.
6- سنصل لمرحلة " بضائع كثيرة ونقود قليلة " وتراجع السيولة, وهذا سيرافقه انخفاض حاد في الأسعار خصوصاً للأراضي والعقارات والسيارات والأجهزة الكهربائية وغيرها من السلع.
7- ارتفاع معدلات الطلاق , وتراجع معدل الاقبال على الزواج إلى 15-20% , بعدما تراجع بنحو 10.8% في العام 2017.
8- لن يبقى شئ ليتم حلبه مجدداً في غزة, وهذا سينعكس على مالية إدارة غزة .
9- مزيداً من التراجع في الملاذ الآمن والمتمثل في الطبقة المتوسطة وجلهم من موظفي غزة والتجار وأصحاب المحال التجارية وسائقي التاكسي والعاملين في القطاع الخاص.
10- انفجار شعبي متوقع في اي اتجاه ستحدده ظروف الميدان.
ما يمكن قوله أن الخطاب الرسمي لحكومة التوافق وكذلك حكومة الأمر الواقع في غزة والسلطة الفلسطينية لازالت خطابات غير موزونة وغير عقلانية, وغير رصينة ولا تعكس حجم المشكلة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة, فمثلاً فلسفة حكومة غزة تقول على عدداً من الفتاوي وأهمها الفتوى القائلة : ( لا يجوز إطعام فقير أو جائع في منتصف الطريق, فبعد الوصول إلى نهاية الطريق لن يكون هناك فقير أو محتاج), وكذلك تعزيز الأقاويل القائلة أن الحياة في غزة رغيدة, وأن الناس سعداء بها, وأن حياة الأسر كريمة والحياة في غزة مثل الجنة ومن يقول غير ذلك فهو واهم أو كاذب.
ما ينطبق على خطاب ادارة غزة ينطبق على السلطة الفلسطينية والتي تعتبر سياساتها العقابية بأنها سياسة علاجية وهدفها تحقيق المصلحة العامة, ولا زال السؤال المطروح في قطاع غزة, ما هي انعكاسات السياسة ( العقابية /العلاجية من منظور السلطة) المنتهجة من قبل السلطة على المؤشرات الاقتصادية الكارثية في قطاع غزة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإيطالية تعتدي على متظاهرين مؤيدين لفلسطين


.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب




.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا