الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبناء الآلهة

محمد علي العامري

2018 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أبناء الآلهة
محمد علي العامري
إبتلت المجتمعات الإسلامية برجال الدين ووعاظ السلاطين وفقهائهم ، من الذين يتكلمون بإسم الله ، وينوبون عنه على الأرض ، وينطقون بلسانه .. هم وليس سواهم من يعلم ما يفكر به الله وما ينوي وما يبطن من شؤون وأعمال النفس البشرية المسلمة . ولهذا تراهم يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة بأدق خصوصيات الإنسان المسلم ، من الملبس والمأكل ، والقيام والجلوس ، ودخول الحمام والخروج منه ، ويتدخلون حتى في شؤون العائلة بمواعظهم وخطبهم التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، سوى الضجيج والهذيان المكرر وخلق المشاكل داخل المجتمعات منذ مئات القرون .
هؤلاء هم أبناء الآلهة الذين لبسوا الكهنوت المقدس ، ورسموا على وجوههم هالة نورانية ربانية عن طريق فلسفة الملابس واللحى ، وطريقة وضع المحابس في أصابع اليد لتتناسب مع حركاتهم أثناء مشيتهم ذات التواضع المصطنع ، وأسلوبهم المسرحي أثناء حديثهم الذي يوحي للمستمع والمشاهد المسكين بأن الله هو الذي يتكلم من كُثْرة الآيات القرآنية المنتقاه التي تتخللها عدة بسملات وحوقلات ، وتعويذات من شرور الشياطين والأبالسة . وكما قال الدكتور علي الوردي في كتابه القيم وعاظ السلاطين : إنها مهنة سهلة على أي حال ، فهي لا تحتاج إلاّ إلى حفظ بعض الآيات القرآنية والأحاديث ثم إرتداء الألبسة الفضفاضة التي تملأ النظر وتخلبه ، ويستحسن في الواعظ أن يكون ذا لحية كبيرة كثة وعمامة قوراء .
أبناء الآلهة ، لا يمسهم القانون لا من قريب ولا من بعيد ، ولا يحق لأيِ كائن أن يسائلهم ، مهما فسدوا ، ومهما إرتكبوا من فواحش ضد الإنسانية . تراهم دائماً يتظاهرون أمام الناس بالتعبد والخشوع الى الله ، والخشية من الله حد البكاء والإغماء ، معترفين بذنوبهم ، ومعلنين توبتهم ، وبعدها يعملون ما يشاءون وينهبون ما يشاءون ، لأن الناس أصبحوا لا يبالون عندما ينهب أبناء الآلهة أموالهم ويتجاوزون على حقوقهم مادام يغمى عليهم من خشية الله . تراهم يعبدون الله وينهبون عباد الله .
أبناء الآلهة ، وبسبب أطماعهم في كسب ألمغانم ، قد إحتكروا تفسيرات الآيات القرآنية ، وأختلفوا فيما بينهم حول هذه التفسيرات والتأويلات . هذا الأختلاف ساعد على تفتيت وتفكيك المجتمعات الإسلامية الى مذاهب ومِلل ونِحل وفُرَقْ متناحرة متقاتلة ، تكره بعضها البعض ، دون أن تعي هذه المجتمعات بأن هناك خديعة كبرى قد إنطلت عليها في غفلة من الزمن ، وتغلغلت وإستفحلت فيها ، وتعقدت بالشكل الذي نراه اليوم من الحال المزري والتخلف الى مستويات مخيفة في مجالات التحضر والتمدن والرقي والتطور في العلوم الطبيعية والتكنولوجيا ، والإكتشافات والإختراعات التي تتمتع بها الشعوب المتقدمة الأخرى .
أبناء الآلهة ، قد خدعوا المسلمين عندما فضّلوا العلوم الشرعية على العلوم الطبيعية ، وقالوا لهم : أن العلوم الشرعية تزيد إيمانكم وتقربكم من الله ، وتنقذكم من عذاب الآخرة ، وتوصلكم الى جنات الخلد { وللآخرة خير لك من الأولى } سورة الضحى ، أما العلوم الطبيعية قد تبعدكم عن الله وتؤدي بكم الى الكفر ، وتوصلكم الى جهنم وبئس المصير { فاليُقاتل في سبيل الله الذين يشْرَوْن الحياة الدنيا بالآخرة } سورة النساء .. لكننا نرى الحكام والأغنياء والمترفين يغدقون الأموال والهبات لأبناء الآلهة الواعظين المؤمنين ما يجعلهم مثلهم مترفين سعداء في الدنيا ويتمتعون بكل ملذاتها التي حرموها على بسطاء الناس .. وهذا أحد أسباب تخلف المسلمين اليوم .
محمد علي العامري
26 آذار 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على