الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا بد أن يعرف الجميع الآن وعلى وجه السرعة ..ما المسموح والممنوع على المثقفين السوريين ؟

إبراهيم الجبين

2006 / 3 / 12
الصحافة والاعلام


سؤال لا يمكن الإجابة عليه, حقيقة‎, ‎دون اللجوء إلى الكثير من الحيل المعقّدة ربما أكثر من تعقيد ‏السؤال ذاته, ولأن‎ ‎طريقة صوفية ما قالت إن السؤال أهم من الجواب ..فإننا نطرح هذا السؤال ونلقيه ‏في‎ ‎فضاء التفكير‎. ‎
ولكن لماذا نطرح‎ ‎هذا السؤال الآن وفي (الثورة) السورية ? وهل نحن حقاً بحاجة لطرحه على ‏صفحات الجرائد كي نعرف إن كان ثمة‎ ‎ممنوع أو مسموح نعمل وفقه أو خلاله أو من حواليه ?!‏‎ ‎
سادت ثقافة‎ ‎المنع والتحريم الساحة العربية عقوداً طويلة وربما عدة مئات من السنين , مع أن‎ ‎البداية ‏كانت طيبة حين كان النبي يقول (إقرأ يا معاذ فكل حسنٌ ) ولم يكن يستوقف‎ ‎أحداً حتى على خطأ ‏لفظي ! بعد ذلك تفرد ورثة التاريخ بالرأي وكان عليهم أن يحسموا‎ ‎تماماً جواباً على سؤال أخطر هو ‏‏: من مع ومن ضد ? وكأنها معركة ...مع أن البدء هو‎ ‎كلام في الثقافة وحوارالذهنيات وطيران ‏الأفكار هنا وهناك, ولكن في هذا الوقت يكثر‎ ‎إلحاح المثقفين على سؤال الممنوع والمسموح وربما ‏تعلو أصوات بعضهم بالاحتجاج على‎ ‎منعهم من فعل أي شيء قبل حتى أن يفكروا بفكرة ما, وهي ‏حجة مريحة بكل حال, وتجلب‎ ‎المزيد من البريق حين ينأى المثقف في زاويته متذرعاً بالمنع!!‏‎ ‎
أحد الكتاب اتصل‎ ‎محتجاً ذات يوم على جهة ما وكان يستفسر عن سبب (عدم منع كتابه) !!! بالمقابل ‏هناك‎ ‎من يمنعك من فعل أي شيء لأسباب لا تنتهي آخرها (المصلحة العامة) ..أحياناً لا يعجبه‎ ‎شكلك ‏‏..أو لكنتك ...أو يثيره أن تبادر لفعل أي شيء بينما لا يجرؤ هو على اختراع‎ ‎فكرة ما ...‏‎ ‎
أحياناً يستيقظ‎ ‎في داخل أحدهم شيطان الوصاية ويعتبرك خارج السياق وخارج البلد!! وأحياناً تتهم ‏بأنك‎ ‎عميل ..أو متجاسر....أو ..أو إلخ .‏‎ ‎
مشكلة ...ولا حل‎ ‎سوى بالحوار ...لأن الحالة الثقافية هي ضرورة وليست ترفاً كما ظننا وظن ‏الآخرون‎ . ‎وهي الحامل الوحيد الذي يجدر به أن يقيل البلاد في عثراتها , وهو يليق بأن يصبح‎ ‎رسالتنا التي تصل إلى العالم.‏‎ ‎
ولكن كيف نحل‎ ‎المشكلة ...? وليست لدينا أية جسور تربط الرأيين ...رأي من يمسك بقرني الأدوات‎ ‎الثقافية ..ورأي من يعتقد أنه (مثقف) ومن يرى في نفسه محرّكاً ثقافياً للبلاد.‏‎ ‎
وحين اصطدمت‎ ‎الثقافات في العالم يوماً ما , كان عليها ان تعيد النظر في المنجز المشترك لها‎, ‎بدلاً ‏من التناحر على (مقعد الحكمة) الذي دأبت البشرية على تمجيده , الآن لم يعد‎ ‎هذا متاحاً فالخيار ‏الأوحد هو خيار الحوارلا خيار الانطواء ولا التفرد بالتفكير.‏‎ ‎
بعض المثقفين‎ ‎السوريين فضّل الحديث عن هذا السؤال على طرق عدة, منهم من قال كلاماً يوحي ‏بأننا في‎ ‎أوج تحاورنا...!! ومنهم من شكك بذلك, ومنهم من تحدث عن تحريم طرح أسئلة من هذا‎ ‎النوع ...ومنهم أيضاً من رفض الفكرة من أساسها ورفض السؤال وجوابه ...بعضهم خائف من‎ ‎طرحه وبعضهم خائف من أن يذكر اسمه على هذه الصفحة..مع أننا رغبنا فقط في أن نتحاور‎ ‎عن ‏المسموح و..الممنوع !!‏‎ ‎
د.حسين جمعة‎ :‎‏ ـ رئيس اتحاد‎ ‎الكتاب العرب‏‎ ‎‏:‏‎ ‎اختلاف الرأي سعة في الرأي ..‏‎ ‎

‏‎ ‎
لا شي لدينا‎ ‎ممنوع ومسموح ...ما دام المثقف ملتزماً بقضايا أمته وهموم مجتمعه, ويحاول أن يرتقي‎ ‎بحياة أبناء هذا المجتمع تحت سقف الالتزام الأصيل الصحيح ,والانفتاح على الآخر في‎ ‎إطار مبدأ ‏المساواة واحترام عقائده وثقافاته , لكن شريطة ألا تكون هذه الرؤية قائمة‎ ‎على الإلغاء ‏والاستئصال...لذلك عندما احترم عقيدتك ينبغي أن تحترم عقيدتي ..عندما‎ ‎أحترم طريقتك في التفكير ‏‏..ينبغي أن تحترم أيضاً طريقتي في التفكير ...‏‎ ‎
وما هدم المروءة‎ ‎والأوطان ومزّقها إلا الاقتتال خلف آراء متعصبة ولا ترى الآخر ...‏‎ ‎
مادمت تحب هذا‎ ‎الوطن ...فأهلاً وسهلاً ..هذا الوطن يستطيع أن يستوعب الجميع .‏‎ ‎
لدي إيمانات‎ ‎وأنت لك إيمانات وآراء أخرى وهذا وارد في مذكرات حقوق الإنسان وفي مبادئ الثورة‎ ‎الفرنسية وفي عقيدتنا ...( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) كما في القرآن الكريم‎ .‎ولا داعي إذا ‏اختلفت معك بالرأي أن أجرّدك من كل شيء وأصفّيك فكرياً وجسدياً ..لأن‎ ‎اختلاف الرأي سعة في ‏الرأي ..‏‎ ‎
د.محمد عضيمة ـ شاعر أستاذ‎ ‎الآداب العربية في جامعة طوكيو‎ :‎ما هو الحرام وماهو الحلال?‏‎ ‎
من هو المثقف‎ ? ‎الشاعر ? الروائي ? الصحفي ? المسرحي? الممثل ? المخرج ? رجل الدين ? ‏بالاجابة على‎ ‎هذا نستطيع الإجابة على السؤال . لكل واحد من هؤلاء مسموحات وممنوعات, ‏المسموح بها‎ ‎للفنان التشكيلي يختلف عن المسموح به للروائي أو للشاعر, المسموح به, مثلاً للمثقف‎ ‎الديني غير مسموح به إطلاقاً للأصناف الأخرى من المثقفين.‏‎ ‎
الساحة الثقافية‎ ‎مفتوحة كالسماء أمام المثقفين الدينيين, ولاأحد يستطيع الاعتراض على ما يقولون وما‎ ‎ينشرون مهما بلغت درجة خطورته على الصعيد التربوي المحض, ممنوع على المثقفين‎ ‎العاديين, ‏الذين يقصدهم السؤال, الخوض في كل ما يتعلق بالوعي الديني الذي يروّج له‎ ‎من على جميع المنابر, ‏يسمح لك كمثقف , أن تكون ديماغوجياً, ببغاءً , ويمنع عليك‎ ‎التفكير بشكل منطقي, لذلك تزداد ‏حالات الهلوسة بين المثقفين السوريين, في سورية لا‎ ‎توجد ثقافة, بالمعنى المتداول للكلمة, بل هناك ‏ثقافة دينية لا غير, لذلك سأعيد‎ ‎صياغة السؤال على الشكل التالي : ما هو الحلال والحرام في نظر ‏المثقفين السوريين‎? ‎أو ما هو المحرّم والمحلّل على هؤلاء? الثقافة الدينية تجرف الجميع , وكتب الفقه‎ ‎المعروفة والمتداولة تحدد جيداً ما هو المسموح والممنوع على المثقفين السوريين .‏‎ ‎
‏‎ ‎
طه خليل ـ شاعر: أعتقد‎ ‎أنه ممنوع مثلاً أن أجيب على هذا السؤال ...!!‏‎ ‎

‏‎ ‎
لكن إذا افترضت‎ ‎أنني يمكن أن أجيب على سؤالك الممنوع ..فسأقول : الحالة الجماعية التي عشناها‎ ‎ونعيشها في البلد على مدى سنوات , أظن أنها رسّخت لدى الجميع (مثقفين وغير مثقفين‎) ‎أن مفهوم ‏الوطن والمواطنة هو الرضى بما يأتي إلينا من قرارات وتعليمات, وإذا كنا‎ ‎نعتقد خلاف ذلك في ‏بعض الأحيان فإننا لا نمارس حرية التعبير والجهر بآرائنا‎ ‎والإجابة على مثل هذا السؤال إلا في ‏سهرة صغيرة ومع مجموعة صغيرة من‎ ‎الأصدقاءالمقربين جداً .‏‎ ‎
هذا يعني أن‎ ‎هناك حالة من عدم الاطمئنان ..التي رسّخت في أذهاننا على مرّ الزمن أن لا طائل من‎ ‎الكلام.‏‎ ‎
ـ وماذا عن‎ ‎غيرالكلام ?! الفعل الثقافي الحقيقي ..خارج السهرات !‏‎ ‎
الفعل الثقافي‎ ‎يحتاج إلى فسحة من الحرية ...وكي لا أحلم كثيراً أقول ..إلى زاوية صغيرة من‎ ‎الديموقراطية ..وهذا ما نفتقده في الفعل الثقافي ..‏‎ ‎
ماذا يعني لو‎ ‎كانت لدي كل إمكانات الفعل والحراك الثقافي ولا أستطيع إيصالها إلى الآخر المعني‎ ‎بالمسألة عبر وسائل طبيعية !!‏‎ ‎
لذلك أرى أننا‎ ‎عندما نكتب شيئاً حقيقياً وصادقاً ومؤثراً فإننا نتجه إلى الصحافة الخارجية .‏‎ ‎
ـ من الذي‎ ‎يسمح ويمنع برأيك ?!‏‎ ‎
المضحك بالأمر‎ ‎ربما الآن ..أنه اصبح هناك من يسمح لنا بهامش صغير لكن الغول الذي تربى في ‏داخلنا‎ ‎وطالت أنيابه موجود ولذلك فنحن نمنع أنفسنا بأنفسنا .‏ ‏
ـ ‏‎ ‎لو سمح لكم‎ ‎بأن تفعلوا أي شيء مما تريدون ...ماذا ستفعلون ?‏‎ ‎
أولاً أنا أعترض‎ ‎على تعبير ( أي شيء) لأنه لا يمكن لمخلوق على وجه الأرض في أي بلد كان أن ‏يتمكن من‎ ‎فعل أي شيء ...لا في النظم الملكية ولا في الديموقراطيات ولا في غيرها ...لكن أظن‎ ‎أنه ‏لدينا كم هائل من الفعاليات الثقافية النظيفة التي لديها الكثير لتفعله وتقوله‎ ‎لمصلحتنا كشعوب ‏وكأوطان ..لماذا لا يختار أو ينتخب (المثقفون) وزيراً للثقافة مثلاً‎ ?! ‎ولماذا على الكتب التي ننوي ‏إصدارها أن تمر بوزارة الإعلام ?!‏‎ ‎
وأعود للسؤال‎ : ‎في كل بلدة من بلداننا هناك مركز يسمى (المركز الثقافي العربي) هل استطاعت هذه‎ ‎المراكز على مدى نصف قرن أن تقدّم حالة ثقافية واحدة ?!‏‎ ‎
‏‎ ‎
متعب أنزوـ فنان تشكيلي‏‎ ‎‏ : نحن‎ ‎مثقفون مشردون‏‎ ‎

‏‎ ‎
هل كان ذلك مجرد‎ ‎خدعة من الطراز الرفيع?.. المفزع حقاً أن هذا التساؤل لا يطال العناوين فقط, بل ‏إنه‎ ‎يزعزع أركان حياتنا برمتها. كان هذا منطق الثقافة العربية في وعيها ولا وعيها, وفي‎ ‎ممارستها ‏السياسية وتشكيلاتها المجتمعية عَبَر سلسلة جعلت من سلوك الرقابة واحداً‎ ‎من أضخم النشاطات التي ‏تزاولها مزاولة شرسة لاتهدأ ولا تتهاون ولا تهادن. ومن وظائف‎ ‎الرقابة الأهم هي نشر وعي واحد, ‏وعقل واحد, ومبادئ واحدة, وتاريخ واحد موحد, وفن‎ ‎واحد, وذاكرة أزلية واحدة, لا شك فيها. ‏وكانت الرقابة (ومازالت) تحرس قيماً واحدة‎ ‎للجميع, يلتزمون بها في شتى ميادين الأخلاق والسياسة ‏والعمل والعائلة.. الخ, وهذا‎ ‎ما نتج عنه قمع مسرف تجاه كل جنوح نحو الخصوصية.. في هذا المناخ ‏تصبح سيرة الزمان‎ ‎والمكان في معناها الحقيقي عبارة عن(فضيحة) لا يمكن التسليم بها, فالذي تعود ‏على‎ ‎آلية الأسرار ترعبه العلانية.‏‎ ‎
ودفع الجميع ثمن‎ ‎ذلك الكثير من التنازلات التي سميناها(التفافاً) مرحلية وتقتضيها الظروف.. حتى‎ ‎أصبحنا لا نعلم ماهي حرية المثقف وما هي ملامحها , وتعوّدنا امتثالاً مشينا‎ ‎للمحرمات والممنوعات ‏ولأخلاق فنية لا ندري مصدرها, وكذلك جملة شروط مكتوبة ومكتومة‎ ‎بالشمع الأحمر. ولم تسعفنا ‏الرقابة والجموع والجماهير, والغرب والشرق والدين‎ ‎والأيديولوجيا.. وإذا بنا بلا ذاكرة وبلا حقائق ‏نهائية, ليس كأشخاص فحسب, وإنما‎ ‎كفكرة بلاد , ومجتمعات حديثة, ومدنية. مثقفون مشردون ‏منفيون, مروضون, بلا مدنهم‎ ‎ومقاهيهم, بلا صحافتهم, بلا معنى بامتياز. في هذا السياق يشعر ‏المثقف باغترابه عن‎ ‎الجموع وعن فكرة الوطن وعن إعادة التشكيل الجارية على قدم وساق في ‏ترتيب المجتمع‎ ‎على أسس فئات جديدة لا ندرك ماهيتها (طفيليون, مستثمرون, عاطلون, مضاربون, ‏أثرياء‎ ‎التجارة المشبوهة, المقاولون والمستشارون).‏‎ ‎
كل هذا يذهب به‎ ‎إلى مرارة الفقدان, وخسارة دوره التاريخي كمثقف (عضوي) حسب تعبير ‏‏(غرامشي).‏‎ ‎
رشا عمران ـ شاعرة مديرة‎ ‎مهرجان الملاجة الثقافي: ‏‎ ‎مازلنا متخلفين..!!‏‎ ‎


‏‎ ‎
الممنوع الذي‎ ‎تكرّس عبر نشاط سياسي واجتماعي طويل أدى بشكل ما إلى حالة معاكسة دون انتباه ‏الرقيب‎ / ‎الممنوع السياسي الديني الأخلاقي الاجتماعي / بدأ يظهر كثيراً في كتابات العشر‎ ‎سنوات ‏الماضية وفي الكتب التي صدرت في سورية خلال تلك السنوات ..‏‎ ‎
ـ إذا كان كل‎ ‎شيء مسموحاً ...ماذا ستفعلون ?!‏‎ ‎
لا شيء‎ ...‎بالنسبة لي شخصياً ..لا مشكلة في المسموح والممنوع ....المشكلة ليست في القوانين‎ ‎ولكنها في الكاتب ذاته , هذه الرقابة التي شكّلت طيلة سنوات صنعت رد الفعل الغريب‎ ..‎لأن هناك ‏ممنوعات كثيرة أصبحنا نكتب في الممنوعات !!!‏‎ ‎
البحث عن‎ ‎الممنوع بقصد ودراية ..لأن كل ممنوع مرغوب .‏‎ ‎
ـ ألا يوجد‎ ‎أية مشاريع أوبرامج ..لو كان كل شيء مسموحاً ?!‏‎ ‎
على مستوى‎ ‎الكتابة الشخصية لا شيء سيتغير ...ولكن على مستوى النشاط الأهلي والمدني‎ ‎سيتغيّرالكثير ...مثل إقامة نشاطات من خلال المؤسسات الخاصة ..لأن المؤسسات الرسمية‎ ‎لن تنتج ‏أي حراك ثقافي .‏‎ ‎

‏ ـ قليلاً !!‏‎ ‎
لن نخدع أنفسنا‎ ...‎ماذا نفعل نحن ? لا نفعل شيئاً ولا نتنج أي مشروع ثقافي حقيقي ..لدينا كتاب‎ ‎ومثقفون وليست لدينا حالات ثقافية ..حالة ثقافية سورية ...مثل المصرية والمغربية‎ ‎وغيرها ...‏‎ ‎
السبب بالتأكيد‎ ‎هو (أحد أو كل الممنوعات) !!‏‎ ‎
ـ ألم يواجهك‎ ‎الممنوع والمسموح في إقامة مهرجان الملاجة الذي تديرينه ?!‏‎ ‎
كان هناك القليل‎ ‎من الشروط ...ولكننا تجاوزناها ..هي تفاصيل بسيطة لم تؤثر على سير المهرجان ‏‏..في‎ ‎البداية كنا نعرف ما هو المسموح والممنوع وخرجنا من هذه الحالة تدريجياً .‏‎ ‎
ـ برأيك في‎ ‎مناخ ثقافي كهذا يمكن أن نفعل شيئاً ?‏‎ ‎
أعتقد أننا يمكن‎ ‎أن نفعل شيئاً في أي مناخ .‏‎ ‎
‏‎ ‎
خضر الآغا ـ شاعر وناقد‏‎ ‎‏: في‎ ‎هذه المرحلة السورية..كل شيء مسموح ..وكل شي ممنوع بآن معا‏‎ ‎
لست متأكداً من‎ ‎معرفتي بالمسموح والممنوع على المثقفين السوريين في هذه المرحلة , ففي مراحل ‏الشدة‎ ‎أو التوازن الديموقراطي في المجتمعات تتشكّل بوضوح اعمدة المسموح وأعمدة الممنوع‎ , ‎أما ‏في مراحل أخرى ...أي التي لا تشكّل محدّداً لها, فإن الأعمدة تتداخل, ويتحول‎ ‎المسموح في مدة ‏زمنية قصيرة إلى ممنوع, وبالعكس, في هذه المراحل أيضاً, ثمة ترقّب‎ ‎وتوجّس لدى الجميع: مثقفين ‏وسواهم, إذ لا أحد يعرف متى تشتد تلك الرخاوة ...لكن من‎ ‎المؤكد أنها لا تنتج توازناً ...‏‎ ‎
في هذه المرحلة‎ ‎السورية..كل شيء مسموح ..وكل شي ممنوع بآن معاً ..وإن معرفتهما بوضوح ‏ليست بدهية‎ ‎كما يخيّل للوهلة الأولى !‏‎ ‎
غادة الأحمد‎ :‎ـ محررة في‎ ‎الأسبوع الأدبي‏‎ ‎‏:‏‎ ‎ممنوع الاقتراب‏‎ ‎

‏‎ ‎
قائمة الممنوعات‎ ‎تطول من التابويات السياسيةوالجنسية والدينية, إلى العادات والتقاليد الاجتماعية‎, ‎ممنوع عليك الاقتراب أو مجرد التفكير فيها وإذا حاول أحد أن يتجرأ على هذه‎ ‎التابويات فهناك ألف ‏وسيلة منع ابتداء من الرقابة الاعلامية , وأريد أن أتكلم هنا‎ ‎عن الرقابة الذاتية , وصل المثقف ‏السوري إلى درجة أنه وضع لنفسه خطوطاً حمراء ذاتية‎ ‎الصنع, وراح يقلب أفكاره في دائرة مغلقة ‏يجترها اجتراراً .‏‎ ‎
ما العمل ...لو‎ ‎سمح كل شيء ?‏‎ ‎
عادة حرية‎ ‎التعبير تعطي مجالاً لاختلاف الأفكار , فإذا طرح كل واحد كل ما يريد طرحه يكون‎ ‎لدينا ‏إنتاج ثقافي وفكري ..وبتقبل الآخر والتصادم مع تفكيره بحرية سنصل إلى حالة‎ ‎صحية في سورية , ‏ويمكن أن نعيد إنتاج مشهد جديد للثقافة السورية افتقدناه زمناً‎ ‎طويلاً .‏‎ ‎
ما الذي يمنع‎) ‎إعادة تشكيل المشهد الثقافي السوري) ?!‏‎ ‎
القائمون على‎ ‎الشأن الثقافي ..والجو الصحفي والتلفزيون ..أولئك الذين يعطون نفس النتائج كل مرة‎ ‎مهما تبدلت الوجوه ..هم نتاج مرحلة من التفكير هي التي شكّلت منظومتهم الثقافية‎ ‎المؤدلجة .‏‎ ‎
ماذا سيفعل‎ ‎المثقفون السوريون لو كان كل شيئ مسموحاً?‏‎ ‎
ندى القادري ـ قسم المخطوطات‎ ‎في اتحاد الكتاب : الحصار خفّ‏‎ ‎
لست قارئة‎ ..‎ولكن أعرف أن هناك ثالوثاً محرّماً ....السياسة الدين الجنس ...وكان هذا الثالوث‎ ‎ممنوعاً الدخول إليه سابقاً ولكن الآن ..خفّ الحصار على هذه المناطق المحرّمة ما‎ ‎عدا التحريض ‏الطائفي , وما هو سياسي فهو مسموح مالم يتطاول على كرامات‎ ‎كبارالمسؤولين أو يمس بالقيادة , ‏أما ما عدا ذلك فهو مسموح بالحدود المعقولة , أما‎ ‎لمحور الجنسي فيسمح به ما لم يسء إلى المشاعر ‏العامة في الشارع ..ولا يسمح لأحد‎ ‎بذكر تفاصيل فاضحة .‏‎ ‎
‏‎ ‎
نهلة السوسو ـ قاصة وإعلامية‏‎ ‎‏:‏‎ ‎معاناتي‏‎ ‎مع الحلقات‎ ‎الغبية‏‎ ‎
المشكلة كما‎ ‎أراها أنه (ممنوع أن تبدع)!! لأن يوجد بينكم وبين الناس حلقات غبية.. هي المفاصل‎ ‎التي تجعل من نفسها وصياً على الابداع وتفكر بعقلية كبيرة فتمنع كل جديد, أريد أن‎ ‎أذكر برواية ‏لجنكيز ايتماتوف عنوانها (يطول اليوم أكثر من قرن..), لم ينشر ايتماتوف‎ ‎روايته كاملة أيام الاتحاد ‏السوفياتي فقام باقتطاع جزء منها نشره فيما بعد كرواية‎ ‎مستقلة بعنوان (غيمة جنكيز خان البيضاء).. ‏وذلك ليقينه بأنهم سيقومون بمنع الرواية‎ ‎من النشر, وهو مارس دور الرقيب على ذاته تلقائياً!‏‎ ‎
حدث في أميركا‎ ‎مرة أن مُنع كتاب لشاتو بريان. واعتبر تافهاً لأنه يتحدث عن طبخة كما اعتقدوا!!‏‎ ‎
شخصياً لم أعانِ‎ ‎سوى من تسلط(الحلقة الوسيطة) بيني وبين المتلقي..‏‎ ‎
الآن أرى أن‎ ‎القيود خفت قليلاً.. عموماً يقدر الكاتب على دخول الممنوع -كما يسمونه- بأساليب‏‎ ‎متعددة.. ولكن بعض الناس تهوى المنع!‏‎ ‎
ممدوح عزام‎ ‎ـ روائي : ‏‎ ‎العواقب تهدد أي مثقف‏‎ ‎


‏‎ ‎
تمكنت السلطات‎ ‎في سنوات الستينات من تهميش الثقافة والمثقفين وإبعادهم بوسائل متعددة عن دائرة‎ ‎الفعل , وخاصة المثقف بوصفه لاعباً اجتماعياً وفكرياً .واصبح تأثيره يقتصر فقط على‎ ‎نتاجه ‏الإبداعي الذي ايضاً تهمش بالطريقة ذاتها وأصبح الإعلام مكرساً للكتاب‎ ‎الرسميين الذين أخذوا ‏يوسعون من دائرة تأثيرهم.‏‎ ‎
السياسي أعطى‎ ‎للمثقف موانع هامة في دائرة الفعل الثقافي وحاول أو يؤبد سيطرة السياسة.‏‎ ‎
التعبير‎ ‎الإبداعي هو تعبير فردي وحريته في أن يسقط من أمامه الممنوع والمحرم او ما أصبح‎ ‎يعرف اليوم ب (المسكوت عنه) , أما مجال عمل هذا التعبير فقد كان محدوداً بسبب‎ ‎القيود والعواقب ‏العديدة التي يمكن أن تهدد أي روائي أو كاتب أو شاعر يفكر في‎ ‎الدخول في نسيج الحياة الوالعلاقة ‏بين الناس والسلطات (بكل أشكالها ), خاصة وأن‎ ‎الكيان الاجتماعي في بلادنا فيه تعالق بينه وبين ‏أجهزة السلطة, وكانت السياسة داخلة‎ ‎في النسيج اليومي لحياة المواطن شاباً كان أم شيخاً وهذا ساهم ‏في أن يزيد بشكل غير‎ ‎اعتيادي حجم الممنوع السياسي...وعندما سعت السلطات إلى أن تكسب ‏التنظيمات‎ ‎الاجتماعية إلى جانبها ازداد أيضاً حجم المحرّم والممنوع ..ووقفت عندها, إلى جانب‎ ‎السلطات السياسية, سلطات المجتمع .‏‎ ‎
والكتابة كفعل‎ ‎ثقافي مهمته استهداف الممنوعات ولذلك كانت تقابل بالتحريم والمنع وبأشكال اخرى ‏من‎ ‎الإلغاء.‏‎ ‎
كيف تكتب وفوقك‎ ‎كل تلك الممنوعات ?!‏‎ ‎
المواطن الخائف‎ ‎هو مادة للرواية ..وما لم يختمر في أذهان الروائيين هو أن هذا الإنسان هو مرشح‎ ‎ليكون بطلاً لأعمال ستؤرخ لهذه المراحل الزمنية..أريد أن اقول شيئاً ...سأل أحدهم‎ ‎جيمس جويس : ‏ماذا كنت تفعل أثناء الحرب العالمية ?‏‎ ‎
قال جويس : كنت‎ ‎أكتب يوليسيس ...ولكن أنت ماذا كنت تفعل ?!‏‎ ‎
ـ طبعاً لم يكن‎ ‎ذلك السائل يفعل شيئاً, كما يعتقد ممدوح عزام الذي أعطانا هذا الكلام لنشره في ملف‎ ‎عن الرواية السورية ..‏‎ ‎
وما الذي يمكن‎ ‎أن يفعله شخص يطرح سؤالاً كهذا ?! سوى البحث عن عذابات المثقفين والمبدعين ‏للإيقاع‎ ‎بهم في فخ السؤال ..هل كنتم تحاربون مع الجنود في الحرب العالمية الأولى ?! أبداً‎ ‎كانوا ‏يخلقون فنونهم وعبقرياتهم.في أسوأ الظروف ...وليس فقط تحت سقف المسموح‎ ‎والممنوع!!!‏‎ ‎








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير سياسي من مبابي بشأن انتخابات فرنسا


.. بوتين يزور كوريا الشمالية لأول مرة منذ 24 عامًا.. وهذا ما سي




.. ضحايا وعشرات المصابين على إثر حريق مستشفى خاص في إيران


.. الجيش الإسرائيلي يحقق في احتمال تهريب حماس رهائن إلى خارج رف




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة| #ال