الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كن بسيطا..تكن سعيدا (الحلقة الثانية)

ماجدة منصور

2018 / 3 / 27
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


إنً سبب توترنا و غضبنا و حزننا و كآبتنا هو إبتعادنا عن جوهرنا و قيمنا و أصالتنا وبساطتنا الأصيلة فالبساطة لا تحتاج لمظاهر كاذبة و شكليات براقة لأننا لا ننتمي لتلك المظاهر الخادعة
و الشكليات المزعجة و البروتوكولات الصارمة لأننا لا ننتمي لهذا أصلا.
إن تلك المظاهر و الشكليات قد أضافتها لحياتنا عقول تجارية شريرة و جشعة، يملأها الطمع و الجشع و ما نحن إلا فرائس و صيد ثمين لتلك العقول فهم يريدون منك أن تكون مستهلكا نهما
جائعا مدمنا لتسوق و شراء منتجاتهم كي تدوم تجارتهم و أعمالهم فما أنت و أنا إلاً مستهلكون لما ينتجون.
لو فكرت قليلا فقط، ستكتشف بأنك لا تحتاج حقا الى هذا الكم الهائل من تلك المنتجات السامة فهم يسَوقون لك بضائعهم و رفاهيتهم الكاذبة فقط لا غير.
لتعلم جيدا أن كل منتج يريدون منك شراءه قد وضعوا له ميزانية ضخمة للدعاية له بحيث يستعملون كل أساليب الإقناع بضرورة شراء منتجاتهم عبر كل وسائل الإعلام التي تعرفها.
إنها الرأسمالية النهمة، الجائعة، الجشعة، التي أطبقت فكًيها على مقدرات حياتنا كلنا وهي تستخدم كل وسائل الميديا من أجل أن تجعل منَا بشر ممسوحي الدماغ.
إن عملية مسح الدماغ التي تستخدمها الرأسمالية هي عملية منظمة جدا و مدروسة بدقة متناهية .
في عملية مسح الدماغ لشراء منتجاتهم يعمدون دائما الى التكرار ثم التكرار ثم التكرار الى درجة تصدق فيها أنه بدون هذا المنتج فإن حياتك ناقصة و غير كاملة فحياتك لن تكتمل إلاً حين
شراؤك للمنتج الذي ينوون تسويقه و هلم جرا.
لقد انتزعوا مننا سعادتنا الحقيقية حين حوَلونا الى كائنات إستهلاكية أو لقطيع إستهلاكي مهووسين لإقتناء ما تنتجه مصانعهم و شركاتهم وما نحن سوى صيد ثمين لهم ليس إلاً فأصبحنا قطيع
إستهلاكي لشراء ما يلزم و مالا يلزم و رأينا أنفسنا و نحن نلهث و نجري و نستدين المال ،في أحيان كثيرة، لشراء منتجات مصانعهم التي لن تتوقف عن الإنتاج طالما بقي بشر على وجه الأرض.
هناك ثقافة خفية لدى تلك الشركات الراسمالية ، ثقافة خفية هم يعلمون تفاصيلها جيدا، إنها ثقافة الإستهلاك الدائم.
تلك الثقافة البائسة هي ما يبقي شركاتهم مزدهرة و جيوبهم عامرة.
في الوقت الذي ترى فيه نفسك تلهث وراء شراء منتجاتهم قف قليلا و فكر قليلا فقط و إسأل نفسك : هل فعلا أنك تحتاج لشراء هذا المنتج؟
دعني أحدثك عن محيطي الذي أحيا به كي تدرك فحوى كلامي.
أنا أم لبنت شابة و ثلاثة شبان هم أولاد زوجي الثاني.
هؤلاء الأولاد هم ضحايا بمعنى الكلمة لشراء كل ما هو جديد و ،على الموضة.
لدى إبن زوجي ، لغاية الآن، ثلاثة و عشرون موبايل و تسعة أجهزة (لاب توب) و ثلاثة و عشرون نظارة شمسية، ماركات عالمية كما يقول، و أربعة سيارات متراكمة في كراج فيللتي التي
أعيش بها و ستة موتوسيكلات قد ضقت ذرعا بها و أثنتا عشر جهازا رياضيا و ثمانية عشر آلة موسيقية و مئات من قطع الملابس من بنطلونات لتيشرتات و ملابس سهرة و وو... أحدثكم عن
إبن زوجي الكبير فلك أن تقيس عليه بقية أخوته فالأخوة يقلدون بعضهم بعضا و عدوى الشراء قد أصابت جميع من أعيش معهم.
إنها نكبة ، نكبة حقيقية.
ها هي ثقافة الإستهلاك الدائم ماثلة أمام عيني بل إني أعيش مع تلك الثقافة المريضة ليلا نهارا و قد أصبحت أعاني من حياتي في منزلي لأني أحس بأنه قد اصبح مستودعا لمنتجات مصانع و
شركات الكرة الأرضية بأجمعها.
من رحم معاناتي قررت أن أكتب لكم ومن عمق تلك الحياة الباذخة ، المعقدة ، تنبع كلماتي الصادقة فأنا أتمتع بطبيعة مغايرة تماما على ما وجدت نفسي به فطبيعتي في غاية البساطة و التكوين.
دعوني أقول لكم: إن نمط الحياة الباذخة ،المترفة، هو فساد للروح و الفطرة الأصليًة لأن نمط هذه الحياة تحتاج لشروط و تطبيقات و تحضيرات كثيرة جدا بينما البساطة لا تحتاج لشروط أو تحضيرات
أو تطبيقات متعبة ومرهقة للروح الإنسانية و الفطرة السليمة لأن البساطة هي تلقائية و عفوية و صادقة لأنها تدخل القلب و الوجدان و الضمير دون أي عناء او تعب فهي لا تحتاج لثقافة أو علم ،هي
لا تحتاج بروتوكولات لعينة متعبة لأن البساطة هي الفطرة الأصيلة التي فطرنا الله .
و أنا قد قررت منذ فترة وجيزة أن لا أخالف فطرة الله و طبيعة تكويني الأساسي.
كل ما هنالك أني قد قررت العيش البسيط بكل معنى الكلمة فأنا قد كرهت العيش مرتدية قناعا يؤلم روحي و يجرح وجداني فأنا لا استطيع أن أرتدي قناعا زائفا بقية عمري.
من هنا إتخذت قراري بالإبتعاد عن زيف المدينة و عهر مفرداتها فالعيش الباذخ يعتدي على إنسانيتي و فطرتي البسيطة لأني إكتشفت أن سر السعادة لا يقبع في البذخ، البذخ عهر و مجون
رغما عن كل من يقول عكس ذلك لأن الحقيقة أن الحياة أبسط بكثير جدا مما أراد لها أصحاب المال و الأعمال و البشر لن يستهويهم سوى التعقيدات و الألغاز و الأسرار الغامضة و المسائل
المتشابكة المعقدة الى درجة أنهم يعتقدون أنهم بحاجة لمن يفك لهم طلاسم الحياة و ألغازها.
لقد تشَوه الفكر البشري عبر العصور حين إبتعد عن البساطة ، فهجرته السعادة الى غير رجعة.
لقد عرفت و تيَقنت أن سر السعادة و متعة الحياة تقبع في البساطة ففي البساطة غنى و ثروة و راحة بال و ضمير، لقوم يعقلون فهي إعجاز الخالق في مخلوقاته ، بحق.
إن البساطة هي صوت الله و تمظهراته المدهشة في عالمنا الي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم فلنجعل من صوت الله مصدر بهجتنا و سعادتنا لأنه صوت الحق و اليقين العجيب.
طوبى للبسطاء فإنهم يملكون الحق و اليقين.
طوبى للبسطاء فهم يمتلكون مفاتيح الوجود و سر السعادة الأصيلة و الدائمة.
طوبى للبسطاء فهم منبع الحب الحقيقي الصادق الذي نبحث عنه جميعنا.
سوف أحدثكم كثيرا عن البساطة و إرتباطها الوثيق بالسعادة و الهناء ، أفليست السعادة مبتغى وجودنا؟
إذا ..لأحدثكم عن البساطة لحين إنقضاء الدهر.
عن البساطة ، سوف أتحد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟