الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام ديمقراطية .. (1)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2018 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بعض من المعارضين بالتقليد ، أو المشاكسين بناءاً على إنفعال ساذج ، أو المتمردين استناداً الى عاطفة جوفاء ، أو الموتورين إرضاءاً لكراهية طائفية خفية في أعماقهم ، أو المُحرّضين بسبب ضغينة ضعف وهزيمة أمام العمل المفيد للوطن والمجتمع ، نجدهم كلما بدؤوا حديثاً سياسياً أو نوهوا إلى ملاحظة إنتقادية حول الفساد في بلدانهم أو سوء نظام الحكم في أوطانهم ، روًجوا ( كذباً أو جهلاً ) بأن السبب الأعظم فيما هو حاصل ويحصل وما سيحصل في هذا الوطن ، هو ذاك الشخص بعينه ، أو ذاك الحزب الفلاني ، أو تلك الفئة القليلة من هذا المعتقد أو تلك الطائفة أو .. الخ .
وكثيراً ما تراهم يُحَكّمون الرأي - عناداً - بأنَ مجموع هؤلاء ( الشخص – الطائفة – الحزب .. الخ ، هم الذين قضوا على ذاك الازدهار البائد المزعوم في هذا المجتمع ، و هم من مسحوا ذاك التاريخ العريق للوطن ، وهم وحدهم فقط ، الذين شكلوا السدَّ الأساس لولوج أنوار التقدم ، و المانع في فتح جنات الديمقراطية على كل أطياف الشعب . .
وهم أيضاً من يقف وراء سحق النخب الاجتماعية والمالية والدينية والسياسية فيه ، وبالتالي هم الوحيدون الذين يتحمّلون مسؤولية و سبب خرابها وهم وهم وهم .. الخ .
ويدّعي أولئك المتفاصحين أنه كان لدينا من قبل ديمقراطية وضّاءة وأجواء انتخابية صافية و حياة سياسية حقيقية ..
الحق أود فقط أن أقول لكل من أولئك الجهلاء وبسطاء الفهم من روّاد الصقيع العربي ومؤيديه سراً أم علانية :
إن رمي أسباب خراب الأوطان على شخص بعينه أو طائفة أو جماعة معينة وحسب ، هو فعل جاهلٍ وساذج بإمتياز ، وهو يشبه تماماً ، فعل ذاك العقل الأخرق الذي يعزو سبب نضوب ماء البئر إلى ضعف الحبل أو حجم الدلو ..
أما بالنسبة لأولئك المُتباكين دَجَلاً أو جهلاً على الديمقراطية المزعومة البائدة و وواقع الإنتخابات الماضية التي مرَّ بها مجتمعنا العربي عموما والسوري بخاصة ، أودّ أنْ أقول لهم :
لقد علّمَنا كأسُ الشوكران (السُمّ ) الذي قتلَ الفيلسوف " سقراط " أن الديمقراطية ليست بالشيء الحسن حين تكون العقول أقبية مُقفلة مُعتمَة ، و كل فعاليات الذهن تخرُّ ساجدة للعواطف الساذجة والإيمان الأعمى ..
وقد بيَّنَ لنا تاريخ مُعْظم الديموقراطيات في العالم ، أن فعل الانتخاب لا يجب أنْ يكون مُجرّد حدْس عشوائي ، حيث يقدّم الدّهماء المُفوّهين ويرفع الجهلة و أفّاقي التقوى المُخادعين ، من ذوي البريق الجذّاب للشعارات الدينية أو الاقتصادية أو السياسية المُضللة ..
بل يجب – في إعتقادي - أنْ يكون الانتخاب مهارة في الاختيار والتفكير ومِرَان على الحكمة والتبصر في علاقة الشأن الخاص بالعام ، كما و يتعينُ على من يمتلك حق التصويت أن يكتسبها بالتعلم والتربية ، والدُرْبة على استشراف الأفضل للصالح العام ..
عدا ذلك فلنْ يكون للانتخابات الديمقراطية من وظيفة سوى تقرير عدد مَنْ يمكن قمعهم بشكل قانوني كما يُقالْ ..
و يتراءى لي ، أن الديمقراطية هي نظام سياسي أوجده الإنسان كي يجعل من الصراع البشري أقل ضجة ، وليعطي المسوّغ الاجتماعي لقتل آمال من خانهم الحظ والعدد ..
وفي أحيان كثيرة تكون الديمقراطية هي الفرصة المثلى لإقصاء الحصان الوحيد القادر على جرِّ عربة المجتمع نحو التقدم ..
بلى ، نحن في الشرق نسعى إلى علاج الديمقراطية ، ولكن لا يجب علينا أن نغفل - ولو للحظة - عن حقيقة مساوئ هذا الدواء المريع وآثاره الجانبية نظراً للزمان والمكان وحال الداء الذي يعاني منه هذا الشعب المريض أو ذاك ..
وعلينا أن نتذكر دائماً بأن الديمقراطية ليست النظام السياسي الأجود والأمثل ، بل هي حقاً - كما يقال - النظام الأقل سوءاً عن غيره من الأنظمة فقط لا غير ..
وللحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ