الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاش تبوسني: مرثية لزمن السينما المصرية الجميلة

حامد المسلمي

2018 / 3 / 29
الادب والفن


مع مطلع الألفية الجديدة ظهر مصطلح "السينما النظيفة" وهو مصطلح جديد على عالم السينما وصانعيها، وكان هذا المصطلح هو التعبير عن التغير الذي حدث للشعب مع الصحوة الإسلامية والتي بدأت منذ النصف الثاني من السبعينيات واستمرت حتى قيام ثورة يناير 2011، لتأخذ أعلى منحنى لها زمن حكم الإخوان (2012-2013) ثم تنكسر وتبدأ المجتمعات في التحرر من هيمنة الثقافة الأصولية على عقلها الجمعي، وحريٌ بالسينما أن تكون أول من يسعى لهذا التحرر، لكونها تعبر عن تجربة ذاتية من التعبير والتمرد في آنٍ واحد.
في إطار كوميدي ساخر تدور أحداث الفيلم في اتجاهين متداخلين أحدهما وثائقي عن القبلة في السينما المصرية، والثاني روائي عن فيلم يتعطل تصويره لأن بطلة الفيلم فجر (ياسمين رئيس) ترفض تمثيل مشهد النهاية الذي يحتوي على "بوسة" والبوس حرام (حسب وجهة نظرها)، ويحاول معها المخرج تامر تيمور (محمد مهران) والمنتج حسن البطاوي (بطرس غالي)، ليصلوا إلى اتفاق وسط لاستكمال الفيلم.
يُعلن المؤلف والمخرج أحمد عامر بوضوح أن الجميع تلوث بهذه الردة الحضارية، من يدعي التحرر ومن يتبنى النهج الأصولي، الجميع أصابته لوثة الأصولية وأصبح يعاني من أزدواجية بشكل ما، يتجلى هذا الموقف بوضوح في مشهدين؛
المشهد الأول: يتضح من وجهة نظر مخرج الفيلم تامر الذي يرى أن مشهد "البوسة" زي مشهد الانتحار مثلًا، كأي فعل ضروري للدراما، ويرى أن البوسة حاجة طبيعية بين الناس وفي السينما، بينما هو نفسه يرفض أن تحكي أمه (سلوى محمد علي) عن أول بوسة زي (بوسة سعاد حسني وحسين فهمي في فيلم خلي بالك من زوزو)، وواقف مكسوف ومش عاوز مخرج الفيلم الوثائقي يطلع المشهد دا في فيلمه، ليتضح بلا جدل أن هذا المخرج يعاني من الأزدواجية بدرجة ما، مكسوف من حكاية أمه عن أول بوسة (وهي مجرد حكاية)، ويطلب من ممثلة أن تؤدي مشهد بوسة!
المشهد الثاني: يبين أن المجتمع كله يدعي الفضيلة بينما الجميع يمارس ما ينهى الناس عنه، ويتضح من مشهد يجمع بين مخرج الفيلم تامر تيمور والمصور السينمائي كمال عبدالعزيز في مطعم، وينتقد فيه المصور شخصية المخرج الضعيفة أمام الممثلة فجر، والتي تماطل تارة وترفض تارة آخرى أن تؤدي مشهد "البوسة"، ويقوم المصور بسب البطلة بصوت عالي، ليقوم أحد زبائن المطعم بسب المصور لأنه يتفوه بالسباب بصوت عالي، لتندلع سيمفونية من السباب بين المصور ورواد المطعم، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا، الجميع يسب الجميع ويتهم الآخر بعد الاحترام وسوء التربية. وهو مشهد فاضح أيضًا للمجتمع.
ينتقد الفيلم شيوخ الفنانين الذين يأخذون من الدين وسيلة للوصول إلى الفنانات بعد السيطرة على عقولهم بالتخويف من الله، والترغيب في التوبة، والتي لابد أن تمر عبر باب الشيخ عبدالله.
في تكثيف جيد من المؤلف والمخرج أحمد عامر وبأداء متميز من الحاجة سوسو (سوسن بدر) قدما ظاهرة الممثلات المحجبات بين التجارة بأفلام الإغراء قديمًا، ومع تصعيد الدين وتغيير المزاج الشعبي عمدًا، ترتدي الممثلة الحجاب وتعلن الاعتزال، وما تلبث أن تعود بالبرامج والإعلانات والأفلام ولكن في شكلها الجديد بما يقتل الدراما مطلقًا ويقدم مشاهد ممسوخة تعبر عن مجتمع مسخ، وعبر عن هذا بشكل كوميدي ساخر لمشهد للحاجه سوسو عبارة عن: أم تقابل ابنها العائد من السفر، يقابل الابن أمه بمشاعر جياشه، لتقابله الأم ببرود، وتضع يديها حائلًا بينها وبينه، وكلما حاول الابن بشكل عفوي احتضان أمه، أزحت يده وابعدته عنها، كما انتقد ظاهرة الباروكا في السينما.
وأخيرًا ظهور مميز للأستاذ المخرج الراحل محمد خان، وللأستاذ المخرج خيري بشارة واللذان أضافا للفيلم بمناقشة الفكرة الرئيسية وخفة ظل لا تنسى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق