الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وظيفة الاعلام ابراز حقيقة سوريا---تصريح للسيد الوزير

سلطان الرفاعي

2006 / 3 / 12
كتابات ساخرة


صرخت، أم بسام مولولة: يا ويلي يا سواد ليلي، ولي ولي الله يسترنا. وعند الاستفسار منها عن سبب ولولتها قالت: ألا تطالعون الصحف الوطنية، لقد عينوا وزير إعلام جديد وصرح: أنه يجب على الإعلام أن ينقل الصورة الحقيقية عن سوريا.

. فعلا مشكلة كبيرة، كيف سينقل الصورة الحقيقية عن سوريا، الأكيد أنه يمزح، فمن غير المعقول أو الممكن نقل الصورة الحقيقية عن سوريا. صحيح أنه لم يبق لنا إلا السودان حتى نقيم معه معاهدة إعلامية نتبادل فيها البرامج والإعلانات والمسلسلات وغيرها من الأمور الإعلامية، ولكن هذا لا يبرر أن نحيد عن الخط الوطني!!!

إذا كان السيد الوزير، أستاذنا، يستطيع أن يذكر نصف الحقيقة لا بل ربع لا بل عشر الحقيقة، فسنعمل على صنع تمثال له، وإذا لم يستطع فسنضيف اسمه إلى سلسلة وزراء الإعلام الذين سبقوه.

ذكر الحقيقة عن سوريا أمر صعب جدا، إن لم يكن مستحيلا.

هل يستطيع مثلا أن يذكر حقيقة الشهادات العلمية التي يحملها ثلاثة أرباع المسئولين البعثيين؟ أم هل يستطيع أن يذكر كيف لا تستطيع دولة فيها من حملة شهادات الدك توراة في الاقتصاد والتجارة والنجارة والجعارة ما تنوء بحمله قافلة من جمال بني عبس.. كيف لا تستطيع تسعير سيارة، أو تخفيض سعرها. مرة السعر حسب المجلة الألمانية ومرة حسب الانترنت ومرة حسب بورصة المرجة، والله العظيم يا وزير الأعلام صرنا فرجة!!!!

ٍٍٍٍٍٍٍٍٍهل يستطيع السيد الوزير أن يتكلم عن حقيقة غلاء الأسعار الفاحش، أم هل يستطيع أن يتكلم عن كيفية التحول الجيني العجيب، والذي تختص به سوريا فقط، حيث يتحول الشخص من رجل أمن ليلا إلى طالب جامعي صباحا؟!!

هل يستطيع السيد الوزير أن يقول أن هناك شارع واحد في سوريا غير محفور، ومز فت بالمعنى الحقيقي، وليس المجازي لأن كل الحالة أصبحت مز فتة بالمعنى المجازي.

هل يستطيع السيد الوزير أن يقول أنه نتيجة الوضع المأساوي والبطالة والفقر الذي يعيش به الشباب السوري، قد انحدرت كل القيم الأخلاقية. فالشاب الذي كان يدافع عن عرضه ضد الغرباء تحول إلى قواد أولا ثم إلى حشاش، فمجرم!!!!

الحقيقة يا سيدي الوزير أفظع من أن نذكرها، لذلك دعوها مخبأة، والأفضل لك ولنا أن نقول دائما: أن سوريا الله حاميها ، والشعب مسرور، والخير يعم على الجميع، ولا بطالة هناك، ولا ممنوعين من السفر، وليس هناك مبعدين ولا ممنوعين من العمل ولا مطرودين من العمل. وأن زميلك الدكتور عارف دليلة ليس في السجن، بل هو في منتجع ما ربيا يقضي فترة نقاهة.



الحياة التي نعيشها اليوم -حقيقة- وصلت إلى الحضيض، بمعنى أن الشعب السوري اليوم يشعر بالإحباط، و التعاسة، و التبرم من القيود. فنحن، من جهة، نحبس أنفسنا في حيز عقلي ضيق لكي نشعر بالحماية، ومن جهة أخرى، يخالجنا شعور بأن ظلما خانقا يغزونا منذ أكثر من ثلاثة وأربعين سنة.ويبدو لغالبية الشعب السوري اليوم أن أفضل نمط للحياة هو النمط التحشيشي ألتسطيحي والذي يسمح بالسطحية، والعبث، والابتذال، وان كانوا يعملون بعناية على إخفاء هذه العيوب بلمسات من التفكير العميق الذي تعلموه غيبا من كتب القومية ودروس الشبيبة ودستور البعث.

أصبح الحصول على هوية سورية عقلانية حقيقية يا سيدي وزير الأعلام عملا جبارا، لأن المواطن السوري أصبح لقمة سائغة، تمتصه السلطة، وتقمعه، وتعالجه، وتهضمه، وتبصقه، (إذا كنا نريد أن نبقى مؤدبين، ولا نريد أن نذكر له طريقا آخر للخروج ؟؟؟) وأصبح المواطن السوري حاوية سلبية لآلاف الرسائل الإعلامية المفبركة والكاذبة والموجهة والتي تمطره باستمرار بهدف إلغاء عقلانيته، واستمرار توهانه وتشرده، وكل ذلك بهدف إقناعه بالانضمام إلى الإيديولوجية العظيمة.

وتعمل السلطة الحكومية، من جهتها، دون كلل للضغط على المواطن السوري لكي يصبح تدريجيا مقموعا مدجنا أكثر بواسطة قوانين وأحكام عرفية، وطارئة لا تنطبق إلا عليه فقط.

ويتقلص يا سيدي الوزير الجديد أكثر فأكثر الحيز الداخلي عند المواطن السوري، حيث يخنقه التأثير غير المنظم لوسائل الأعلام المؤدلجة، والتلقين الإيديولوجي، والأوامر والمحظورات المتدرجة الساحقة التي تفرضها الدولة على المواطنين.



لم يحدث في تاريخ سوريا أبدا أن كان المواطن السوري أقل سيطرة على عقله مما هو عليه الآن في العهدة البعثية، أدامها الله علينا. وبالتالي أكثر انسلابا وقمعا وعبودية للتأثيرات المفبركة والمؤدلجة، من برامج تمجد ما هو باطل، إلى مسيرات تُنادي بما هو غير صادق، إلى كتب تُلقن كل ما هو غير حقيقي، إلى شعارات ---------

أصبحت اللهجة السورية تمثل عبئا كبيرا على المواطن أينما ارتحل، أصبحنا من المنبوذين، بفضل الأعلام السوري الحكيم، الذي لم يعد يصدقه أحد، حتى النشرة الجوية السورية، لم يعد أحد يثق بها، فإذا قالوا غدا نهار مشمس، لبس الجميع الثياب الصوفية، وحملوا الشمسيات، وإذا قالوا غدا أمطار وعواصف، لبس الناس الثياب الصيفية. وأساسا لا يتابع أحد البرامج، وأذكر منذ أكثر من عشر سنوات جرت مقابلة على التلفزيون السوري، وكان فيها الكثير من الأخطاء، وعندما عاتب المحاور المخرج، أجابه المخرج، بأن لا أحد سيحضرها وبالتالي لن يفطن أحد للخطأ .

والنتيجة الطبيعية لكل هذا يا سيدي الوزير هي مسخ تدريجي للمواطن السوري، الذي يبتعد شيئا فشيئا عن جذور أناه الحقيقية، مجبرا على أن يعيش وجودا زائفا يسبب، في ظل هذا الوضع الذي نعيش فيه، إلغاء دافعه الحياتي والإنساني والوطني.



أصبح من الصعب جدا إقناع الشعب بأنه من الممكن أن يحصلوا على شيء من الحقيقة، لأن من يديرون الأمور، لا يملكون ولا ربع الحقيقة، وبالتالي كيف سيقدمونها للشعب، الذي خبرهم طوال ثلاثة وأربعين سنة ولم يحصل إلى على الأكاذيب والوعود الخلبية.

تقول أم بسام: يا ابني يبدو انك ابن عيلة، ووجهك لا يستحمل البهدلة، لذلك أنصحك بأن تستقيل من أولها، شو بدك تحكي حقيقة سوريا، عشنا وشفنا.


غاندي يقول «إنك تحصل على السلطة من خلال الآخرين لتستخدم في مصلحة هؤلاء الذين أصبحوا تحت رعايتك وسلموك قيادهم ووثقوا فيك


يغدو الوصول إلى السلطة (الوزارة) هدفا مركزيا في ذاته، كما يمسي التشبث بالمركز الأعلى، والاستمرار في التمتع بأمجاده ومنافعه، ثم في الدفاع عنه ضد منافسيه أو معارضيه، هو البديل الفعلي عن كل الادعاءات حول الإصلاحات الكبرى، وبالتالي تمضي الأيام والسنين والقرون ، والوزراء في مكانهم ( راوح).

فأمست، الزعامة، هدفا في حد ذاتها، وكل ما عداها من أعباء الحكم والتغيير البنيوي للدولة والمجتمع، أضحى مجرد تسميات فارغة ومرصودة لخدمة الوزير الجديد وحده، هكذا غرقت سوريا في عصر السلاطين والمماليك الجدد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال


.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر




.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح