الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبابنا يحرقون انفسهم احتجاجاً

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2006 / 3 / 12
الحركة العمالية والنقابية


" اقدمت مجموعة من المعطلين على إضرام النار عمدا في اجسادهم ، زوال امس امام البرلمان..." هذا ما جاء في مطلع الخبر الحزين الذي نشرته جريدة "الأحداث" المغربية يوم الجمعة 3 مارس آذار 2006 . وتكشف الصحيفة في الخبر نفسه عن اصابة عشرة من الذين اضرموا النار بانفسهم ادت الى نقلهم الى مستشفى "ابن سينا"بالرباط حيث "ما زال اثنان من الضحايا يرقدون بالمستشفى.." . حتى هنا قد يبدو الخبر تقريريا .. بل عادي جداً ، في ظل ماكينة الأحداث التي تنتجها الرأسمالية العالمية ، جراء مآسيها التي تحل بعالمنا يومياً ، واستطاعت قوى الإعلام الرأسمالي أن تطمس هذا الحدث الرهيب ، الا وهو قيام شباب في ريعان العمر ، باشعال النار بانفسهم ، بسبب اليأس الذي وصلوا اليه ، لعدم توفير فرص عمل لهم تُعطيهم الأمل بمستقبل آمن ، وعيش كريم .وليس البقاء في دائرة البطالة التي تشمل أكثر من 27 مليون مواطن عربي معظمهم من الشباب العرب ، بل من الأكاديميين ضحايا اقتصاد السوق والليبرالية الجديدة التي تتحكم بالإقتصاديات العربية جمعاء.

مأساة هؤلاء الشباب المغاربة الذين يناضلون يوميا ومنذ سنوات لم تجد لها حلاً، خوضهم المظاهرات ، وتشكيل تنظيم لهم ، والعمل باستمرار من اجل طرح قضيتهم على جدول الأعمال الرسمي – الحكومي ، والشعبي ايضا كل ذلك لم يؤدي حتى الآن الى تغيير في الموقف الحكومي ، اي وضع سلم اولويات يضمن ايجاد فرص العمل لهؤلاء الشباب ، فجاءت خطوتهم هذه ، كمحاولة انتحار جماعي امام مبنى البرلمان المغربي ، ليقولوا للزعماء السياسيين المنغلقين على انفسهم من جهة والغارقين في وحل السياسة الرأسمالية من جهة اخرى، فشلتم يا هؤلاء .. بل فشلت سياستكم الرأسمالية .. التي تغدقون الوعود بانها ستأتي بالحل المنشود ،الا وهو ايجاد فرص عمل للشباب، من خلال لمعان وسائل الإعلام التي تسيطرون عليها ..لكن الحقيقة تبقى مأساوية.

عندما اشعل هؤلاء الشباب النار في اجسادهم التي بدأت تحترق من شدة اليأس الذي انتابهم ، كان ممثلو منظمة العمل العربية يشاركون في مناقشة قرارات جدول اعمال الدورة ال 33 لمؤتمر العمل العربي في مدينة الرباط نفسها ، ولا ندري اذا وصلت الى مسامعهم تأوهات الألم التي اطلقها هؤلاء الشباب جراء احتراق اجسادهم في لهيب النار المشتعله بها، الا ان هذه المنظمة كانت قد حذرت في تقاريرها بخصوص ظاهرة البطالة المتفشية في العالم العربي والأخطار التي تكمن في بواطن هذه الظاهرة على المجتمع العربي ليس في الجانب الإقتصادي فقط ، بل وفي الجوانب الإجتماعية ايضا ،لأن البطالة ليست ضائقة اقتصادية وحسب بل هي ضائقة فقر وفاقة لها ابعاد خطيرة على النسيج الإجتماعي ايضا.
التحذير الذي اطلقه المدير العام لمنظمة العمل العربية د. ابراهيم قويدر بخصوص الخطر الذي تحمله ظاهرة البطالة التي تنتشر كالنار في الهشيم في كافة الدول العربية ، حتى دول الخليج العربي والتي تعتبر نفسها ضمن الدول الغنيه ، لكن هذا الغنى يبقى مقصورا على الشريحة الحاكمة ، بينما يئن معظم شباب هذه المجتمعات تحت ألم البطالة والفقر ، ولن ننسى ما جاء في احدى تقارير منظمة العمل العربية بخصوص وضع العمل والبطالة ، بأن الوضع الحالي للبطالة في الدول العربية هو "الأسوأ بين جميع مناطق العالم دون منازع ." وان هذا الوضع " في طريقه لتجاوز الخطوط الحمراء .." نحن نعتقد ان قيام شباب المغرب المتعطلين عن العمل باشعال النار بانفسهم ، يعني ان تفاقم البطالة المباشرة والمُقنعة والموسمية قد تجاوز كافة الخطوط الحمراء ومنذ امد بعيد ، والمسؤولين العرب ما زالوا يغطون في سبات النعيم الرأسمالي الذي تفرضه الولايات المتحدة وحلفاءها من زمرة الدول الرأسمالية .

مشكلة البطالة التي تنخر في هيكل المجتمعات العربية ، تعتبر من أخطر المشكلات التي تواجه الدول العربية ، هذا الأمر عليه شبه إجماع من قبل جميع الخبراء العرب والعالميين المتخصصين ، خاصة وان هذه الدول تعاني من أعلى معدلات البطالة في العالم . وفقاً لتقرير مجلس الوحدة الإقتصادية التابعة لجامعة الدول العربية للعام 2004 ، نسبة البطالة في الدول العربية ما بين 15% - 20% ، لكن البنك الدولي يقدر ان نسبة البطالة بين الشباب تصل في المغرب مثلا الى اكثر من 37% للعام 2003 وفي سوريا 73% ، هذا في الوقت الذي يصل المعدل العام للبطالة في دول العالم الى حوالي 6.3%للعام2005 ،في الدول العربية يصل المعدل الى 13.2% للسنة نفسها ، وفقاً للتقرير الأخير الذي صدر عن منظمة العمل الدولية الشهر الماضي فبرايرشباط 2006، والذي يؤكد الى ان عدد العاطلين عن العمل في العالم بلغ حوالي 192 مليون شخص اكثر من نصفهم هم من الشباب (88 مليون شاب) مما يعني ان 13% من العاطلين عن العمل في العالم هم من الدول العربية ، اي ان نسبة البطالة تواصل الإرتفاع في العالم العربي ، وتواصل تخطي الخطوط الحمراء التي حذرت منها منظمة العمل العربية .

كنّا نتوقع من كافة المسؤولين في العالم العربي الإعلان وفوراً عن خطة طوارئ عربية شاملة ، هدفها رصد الميزانيات ووضع البرامج الحقيقية لمواجهة هذه الظاهرة التي تحرق نفسيات الشباب العرب من الأحشاء ، ليعيشوا في حالة احباط ويأس ، يكفي ان نشير هنا الى التوصية التي صدرت عن "المنتدى الإستراتيجي العربي" في اجتماعه في دبي نهاية العام 2004 ان على صُناع القرار في العالم العربي "التخطيط لتوفير ما بين 80 – 100 مليون فرصة عمل حتى العام 2020 " وذلك من اجل مواجهة ظاهرة البطالة المنتشرة اليوم ومن اجل توفير فرص عمل للقوى العاملة الجديدة التي تفرزها هذه المجتمعات كل عام والتي تعد بالملايين ... فهل يقوم هؤلاء المسؤولين والحكام فعلاً بدورهم من اجل مواجهة هذه الظاهرة التي بدأت تحرق اجساد الشباب العربي وتهدم كيانهم ايضا.؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتى تحقيق مطالبهم كافة.. طلاب في جامعة غينت البلجيكية يواصلو


.. شركة ميكروسوفت تطلب من موظفيها العاملين في الذكاء الاصطناعي




.. محامون ينفذون إضرابا عاما أمام المحكمة الابتدائية في تونس ال


.. إضراب عام للمحامين بجميع المحاكم التونسية




.. توغل صيني في سوق العمل الجزائري