الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ساقص عليكم كيف ارعبني البعثيون واجبروني على الهروب من الوطن

اياد حلمي الجصاني

2018 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ساقص عليكم كيف ارعبني البعثيون واجبروني على الهروب من الوطن

بقلم : اياد الجصاني

1- الهروب من بغداد الى فيينا

حكاية اخرى اقصها على القارئ الكريم بعد حكاية اخي حامد الذي انقذه الزعيم قاسم رحمه الله من الاعدام . راجع " كيف أنقذ الزعيم عبد الكريم قاسم اخي حامد من الاعدام ...... المنشورة في هذه الصحيفة الكريمة ومركز النور والاخبار 12 فبراير 2018". ولدت في مدينة الناصرية عام 1938 . وبعد نجاحي في المرحلة المتوسطة عام 1952 كان عمري 14 سنة ولان والدتي كانت مطلقة وطفولتي كلها كانت الم ومرارة في بيت الوالد وزوجته الثانية التي لا ترحم ، قرر والدي رحمه الله ان يجد لي عملا بالقرب منه حيث كان يشغل منصب مديرالخزينة في متصرفية اللواء ، وان ابحث عن دار للايجار اعيش فيها مع والدتي البائسة . لكن مشكلة صغر سني كانت تشكل عقبة في تنفيذ هذا المشروع مما اجبر والدي على ان يذهب لدائرة النفوس ويغير تولدي من عام 1938 الى عام 1933 ويصدر لي شهادة الجنسية العثمانية ذلك الوقت بالتولد الجديد اي اصبح عمري 19 سنة . وبناء عليه اصبح من السهل اقناع المسئوولين في الوزارة ببغداد بالموافقة على تعييني كاتبا في مديرية الواردات بالمتصرفية نفسها . اجرت دارا صغيرة وجاءت امي فرحة للعيش معي . لم اترك المدرسة بل سجلت في ثانوية مسائية وكنت اذهب نهارا الى العمل ومساء الى المدرسة واقضي الليل دراسة وخاصة قبل امتحانات البكالوريا في الصف الخامس على ضوء عمود الشارع امام داري . عام 1954 نجحت في الامتحانات العامة وكانت نتيجتي الثالث على جميع طلاب مدراس اللواء. وبعد نجاحي هذا ذهل والدي الذي تصور ان والدتي ستزوجنى من احدى بنات عشيرتها وينتهي امري الى مثل ما بدأه والدي من حياة في الوظيفة منذ ايام شبابه . شجعني والدي على نقل وظيفتي الى بغداد في معارف الرصافة حتى التحق في احدى الكليات المسائية الا ان سوء الحظ اغلقت كل من كلية الحقوق والتجارة المسائية ذلك العام . ولم يبق امامي فرصة غير الاستقالة والالتحاق بدار المعلمين العالية بقسم اللغة الانجليزية التي قبلت فيها وكان والدي يرسل لي 8 دنانير شهريا مشكورا كمصرف شخصي حتى عام 1956 عندما وجدت عملا كمترجم باجر 600 فلس يوميا في مديرية الاوقاف العامة ببغداد التي كان مديرها العام احمد زكي المدرس ذلك العراقي النبيل رحمه لله وهو من الشخصيات المرموقة والمقربة من البلاط في بغداد آنذاك. طلبت من والدتي ان تاتي لتعيش معي واجرت دارا صغيرة في الوزيرية قرب مكان دراستي .
تخرجت عام 1958 وحصلت على الليسانس في اللغة الانجليزية وعينت مدرسا في ثانوية الاعظمية في نوفمبر نفس العام اي بعد اشهر قليلة من وقوع ثورة 14 تموز1958 . اصبح الوضع السياسي في العراق بعد الثورة اي ما بين عام 1959-1963 مضطربا جدا نظرا لتآمر البعثيين والقوميين المدفوعين من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر تنكيلا بالزعيم عبد الكريم قاسم الذي وجد ناصر في شخصية قاسم منافسا قويا له نظرا لمحبة الشعب العراقي للزعيم . ولا ننسى ما افتى به المرجع الشيعي الاعلى في النجف محسن الحكيم، سامحه الله ، بان الشيوعية كفر والحاد مما جعل مثل هذه الفتوى طريقا مفتوحا ومحلالا لاباحة دماء العراقيين مما سهلت على البعثيين المدعومين من الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي زودهم بالاسلحة والاموال لقلب نظام الزعيم قاسم في العراق وابادة مئات الالاف من العراقيين الابرياء مع دخول دول اجنبية وشركات النفط على الخط التي استغلت الوضع من اجل قلب النظام الجمهوري في العراق والسيطرة على السلطة وخاصة شركات النفط التي قلم قاسم اظافرها بعد تحرير الارض العراقية بصدور قانون رقم 80 من امتيازات تلك الشركات ( راجع ما جاء في اليوكوبيديا عن فتوى محسن الحكيم وما آلت اليه من مآسي في العراق في نهاية القسم السادس ) .
ويعيد التاريخ نفسه فهناك اليوم من يجدد فتوى الحكيم ويحلل قتل العلمانيين والديموقراطيين والليبراليين والشيوعيين على هواه مثل الكفيشي الداعية باسم حزب الدعوة الذي يرأسه نائب رئيس جمهورية العراق ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي فمبروك علينا زعامة المالكي وابادة ابنائنا العراقيين من جديد ( راجع ما كتبه احسان كاظم بعنوان : " غوبلز معمم" عن خطاب الكراهية لرجل الدين الداعية الكفيشي في الجزء السادس من هذه المقالة ". وبناء على فتوى الحكيم اللاحكيمة ، سامحه الله ، بدأت منذ عام 1961 موجة الاغتيالات في شوارع بغداد ووصلت الى اغتيال مدير مدرستي ممدوح الالوسي واغتيال اخرين من القوي الوطنية الديموقراطية الذين اتهموا بالشيوعية انطلاقا من فتوى محسن لحكيم ، ، من قبل البعثيين المنادين بالوحدة العربية مع مصر . حلت العطلة الصيفية عام 1962 واصبحت مقتنعا ان المؤامرة اعدت بقوة استعدادا لقلب نظام الزعيم قاسم الذي كان مغرورا وواثقا من سيطرته في بغداد الامر الذي دفعني بكل اصرار ان اتخذ قرارا بالهروب الى خارج العراق . بعت سيارتي الاوبل ب 380 دينارا وحولت قسما منها الى دولارات وقدمت الباقي لوالدتي التي شجعتني على ترك العراق لتذهب الى الناصرية للعيش مع اهلها من جديد . حصلت على جواز سفر بواسطة نائب ضابط كان يدرس في اعدادية بيوت الامة المسائية بالكاظمية التي كنت ادرس فيها بعد ان رجاني ان اقدم له مساعدة استحقها في امتحان اللغة الانجليزية آخر العام لتسهيل نجاحه . كما حصلت على موافقة الحاكم العسكري نظرا لما قدمته من خدمات كمترجم مرافق للوفود الاجنبية التي كانت تزور العراق في اعياد ثورة 14 تموز 1958 كل عام واللقاء بالزعيم قاسم . ومن بعد ذلك حصلت على تاشيرة السفر من السفارة النمساوية ببغداد . اخذت القطار السريع في 10 تموز الى اسطنبول ومنها الى فيينا التي وصلتها في 19 تموز 1962 حيث التحقت مباشرة في جامعتها بالفصل الشتوي بقسم اللغة الالمانية والترجمة . وما ان حل العام 1963 واثناء وجودي في غرفتي المستأجرة في فيينا وانا استمع الى الراديو يوم الجمعة 8 شباط واذا بالخبر المشئووم الذي اعلن عن وقوع الانقلاب الدموي الاسود في بغداد ونجاح المتآمرين البعثيين ومن ثم اعدام الزعيم قاسم رحمه الله . ولقد اصابني هذا الخبر بحزن شديد وابكاني طويلا . راجع " . الانقلاب الاسود الاكثر دموية في تاريخ العراق الحديث مركز النور 02/02/2013 ".
كنت اقضي فترة عطل الصيف اثناء سني دراستي بالعمل في مصانع المانيا في مانهايم ولودفيكهايم حتى اوفر متطلبات العيش اثناء الدراسة . وفي فصل الشتاء حيث تتساقط الثلوج بغزارة في شوارع فيينا كنت اشترك مع العمال والطلاب في رفع الثلوج لمدة اربع ساعات ويدفع لنا ما مقداره في الشلن النمساوي دولارا واحدا عن كل ساعة عمل من ليلة كل سبت في نهاية الاسبوع . عام 1964 حصلت على الدبلوم الاول وفي عام 1965 على الدبلوم العالي في الترجمة المقارنة الامر الذي سهل علي القبول في اشهر اكاديمية في النمسا وهي الاكاديمية الدبلوماسية التي يعود تاريخ تاسيسها الى عام 1764 عهد الامبراطورة ماريا تريزا ويعود الفضل الى وزير الخارجية النمساوية آنذاك برونو كرايسكي الذي اعاد افتتاحها بعد ان اغلقها هتلر عند غزوه النمسا عام 1938 . لقد اعجب كرايسكي بعراقي مثلي على ضوء سيرة حياتي ودراستي وتحصيلي الاكاديمي من جامعة كراتز وفيينا ذلك الوزير النمساوي اليهودي رحمه الله الذي اصبح مستشارا للنمسا فيما بعد والذي شرفني بمنحة دراسية على حساب وزارته. وفي عام 1966 تخرجت من الاكاديمية بالحصول على الماجستير في العلاقات الدولية وبالتخصص في اللغات الرسمية للامم المتحدة . انتهت دراستي في النمسا وكان الوضع مستقرا في العراق عهد حكومة ناجي طالب الامر الذي شجعني عام 1966 بالعودة الى العراق وبنفس القطار الذي وصلت فيه الى فيينا احلم بالحصول على عمل في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية في بغداد. وما ان وصلت الى بغداد وقدمت طلبا بهذا الخصوص حتى صدمت برفض طلبي وبفشلي في الامتحان لان التعيين في الخارجية كان حكرا على ابناء الذوات المعروفين والمحسوبين على طائفة معينة وبيد البعثيين المعشعشين في الوزارة ذلك الزمن تماما كما هو الحال اليوم في زمن وزارة العبادي وكما كان عليه زمن وزارة المالكي الذي سهل عودة البعثيين من ضباط واخرين الى العمل في اجهزة الدولة . تبددت احلامي الامر الذي اضطرني ان اعمل بتدريس اللغة الالمانية والترجمة في كلية اللغات بعد معادلة شهادتي بالماجستير في جامعة بغداد زمن عمادة الدكتور باقر عبد الغني رحمه الله الذي شرفني بالمساعدة والتقدير كما حظيت باعجاب الاساتذة الالمان المشرفين على القسم في الكلية. وعلى الفور جاءت والدتي للعيش معي من جديد في دار صغيرة قرب الكلية .
يتابع في الجزء الثاني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة