الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احمد خالد توفيق...وداعا

محمد نبيل صابر

2018 / 4 / 4
الادب والفن


ابتسامة هادئة ونظارات طبية تحتل مساحة لا بأس بها من الوجه واعين تلمع فى الصورة المطبوعة على غلاف كتيب جديد من سلسلة جديدة تدعى "ما وراء الطبيعة" واسم ثلاثى بأحرف دقيقة تحت الصورة "د.احمد خالد توفيق" . هكذا كان لقائى الاول بعالمك الساحر وكان لقائى الاول بكاتب حفر لنفسه مكانة فى قلوب محبيه وعشاقه وفى نفسى
كنت بالفعل محبا للقراءة وكنت بالفعل اعلم شيئا بسيطا عن ماوراء الطبيعة وكان والدى يحاول ان يصنع توازنا فى قراءاتى ففتح لى عالم "روايات مصرية للجيب " على يد د. نبيل فاروق فى سلاسله الشهيرة بجانب قراءاتى الاخرى من مكتبته لكبار الكتاب وفى مختلف المجالات. ربما لم اكن مثل كثير من محبيك ممن تعلموا القراءة على يديك ولكنك كعادتك صنعت شيئا مبهرا يناسب الجميع ولهذا بكى عليك الجميع .
قرأت ما كتبت عن رفعت واندهشت. ان هذا الطبيب العجوز يمثلنى نتشابه فى الصلع وفى الحالة الصحية التى لاتتناسب مع اعمارنا وفى تحدى الاطباء والسخرية منهم واهمال تعليماتهم وعندما كبرت قليلا تشابهنا فى الصلع وبالتأكيد لا نتشابه فى النحافة . ومع كل هذا يواجه خوفه ويعترف به ويضع قاعدة دائمة ولا شئ يجعله يغيرها وكما انه يسخر وسخريته تماثل سخريتى نظرت للغلاف الخلفى ودققت النظر فى الصورة.. هل تعرفنى ؟.. لماذا يبدو رفعت بهذا القرب ولماذا يبدو صديقا ؟..
ثم عشقت ما تكتب وعشقت رفعت وتعاملت معه كنموذج حقيقى لما ينبغى ان اكون حتى ان اول بدلة لى اشترتها كحلية اللون . وعندما تم تشخيصى بضغط الدم المرتفع فى المرحلة الجامعية ومسكت ارشادات الطبيب المليئة بقائمة ممنوعات عن الطعام الدسم والحار وتشجيع كرة القدم ابتسمت بجانب شفتى وقلت فى سرى "فلأمت واذهب الى القبر حاملا بطة فى شرايينى "
ومن رفعت الى عبير الى فانتازيا الى روايتك الى مقالاتك كنت دائما مختلفا عن الاخرين ولكن قريبا لنا فمن اين لنا بكاتب يحتشد عشاقه فى كل ندوة وكل حفلة توقيع مسببيين عدد لا بأس به من الازمات المرورية ليقول انه يكتب لسعادته ولا يرغب سوى فى جعل الشباب يقرأون ولا يحب لقب "العراب" الذى اطلقه عليه محبوه ويتواضع معهم فى الصور ويمنحهم رقم تليفونه الخاص ويرد بنفسه على كل رسالة ويطالبهم بالا يتوقفوا عنده بل ان يستمروا فى القراءة والمعرفة .
من اين لنا بكاتب يقاوم شهوة الشهرة والمبيعات والتأثير فيكتب نهاية بطله الاشهر فى سلسلته الاهم بيده ويصر عليها رغم الدعوات ورغم حفلات التأبين لرفعت ورغم اطلاعه على تلك المقالات التى تنعى رفعت وتطالب بعودته؟.. فقط لانه خشى الا يتمكن من التوقف قبل ان يمل قراء رفعت منه. فعلها وهو يعلم تماما انهم لن يملوا حتى تحترق النجوم
من اين لنا بكاتب لم يحاول ان يفرض قناعته وايدلوجيته الخاصة عبر كتاباته على جيل بأكلمه؟!!.. ربما لمح عن تلك القناعات فى شذرة هنا او فكرة هناك ولكنه اصر ان يكون للجميع.. وضع رسالته ان يفتح باب القراءة المغلق فى عصر التكنولوجيا للجميع.. قرر ان يكتب لانسانيته حيث يجمع حب الانسان الجميع ..
من اين لنا بكاتب يحفظ جميل من سبقه ويعترف بفضل د. نبيل فاروق علنا عندما دعم نشر روايته الاولى وخالف رأى لجنة تحكيم دار النشر فى روايته الاولى ؟.. ثم يكرر نفس الحال مع كل من يكتب من تلامذته ويدعمهم بل ويمتد ليفتح الباب لكل من رغب فى الكتابة حتى خارج مجال ادب الرعب فينصح ويوجه ويشيد علنا لتصبح اشادته وسام على الصدور
ظللت هكذا نجمة فى ظلام الليل.. اقرأ مقالاتك واختلف مع بعضها فى سرى والوم نفسى عندما تكون انت محقا فى بعضها الاخر وادرك انك لو عرفت باختلافى معك لضحكت ضحكتك المعتادة واحتضنتى فى رفق واستوعبت اختلافى دون ان تسبنى او تسفه منى او تضعنى فى لائحة "البلوك" كنت ادرك كل هذا دون ان القاك سوى على صفحات كتبك ومقالاتك وعبر حكايا اصدقائى عنك ممن قابلوك فعلا
ولكنك اصرت الا تتوقف عن ابهارنا حتى فى لحظة الرحيل .. لم تكشف لنا اننا نحق ان نكون ضعاف ولكن ضعاف بنبل لا بانسحاق كما ذكر احمد الدرينى فى رثاءك .. ولكنك كشفت لنا انك كنت قريب منا بل اقرب مما كنا نتخيل .. لازال ارانى وانا جالس فى تكاسل الى جهاز الكمبيوتر الخاص بى واشاعات واقاويل تتناثر هنا وهناك عن وداعك لنا .. اقلب صفحات النت فى كل الاخبار والخبر يتحقق رويدا رويدا حتى صار يقينا .. ارتج فى داخلى حقا وتغيم الموجودات وادخل فراشى ارتجف وتنفجر الدموع من مقلتى وتبدو ليلة طويلة وقصائد النعى والرثاء تترى امامى والاشد ايلاما انها بكلماتك وصور جنازتك الرائعة حقا كما كتبت انت عنها والتفاصيل الدقيقة عنك ومئات الصور لقراءك يتباهون بها ...
ثم الالم
الالم لفقد كاتب وصديق واب روحى واسلوب لن نراه مجددا
كاتب علا فوق العاصمة ونورها وعلا فوق الشهرة وآثامها فاستحق زحف محبيه اليه حتى موطنه ليودعوه ويشيعوا ابا روحيا لهم اصر انهم طاقة تحتاج التوجيه والعناية لا الحجر والاهمال
يودعون د. احمد خالد توفيق ويالها من جملة مؤلمة حتى الان
اكتب هذه الكلمات وانا ادرك انها لن تليق بك .. ولكنك تدرك الان انك سبب خجلى عندما يشيد احد ما بما اكتب وانك سبب اصرارى على النقاش الممنطق عندما يهاجم احدهم رأيى
بل صارت قاعدتك الاثيرة فى ماوراء الطبيعة -قاعدة رفعت - جزءا خلفيا فى عقلى عند التعرض لاى محتوى على شبكات التواصل الاجتماعى "ما يقبله الدين والعلم فهو حقيقة وما يرفضه الدين فهو وهم وما يقبله الدين ويرفضه العلم فهو احتمال "
اكتب هذه الكلمات وفى النفس بعض التعزيه ان يتقبل الله دعوات محبيك وسعيهم لعمل الخير باسمك بعد وفاتك من صدقات جارية وعمرة قبل حتى ان يتم دفنك
اكتب هذه الكلمات والتعزية انك قد توفيت كما رغبت فى هدوء وبدون الم لحظة كلحظة انقطاع الكهرباء
كتب اليك لاخبرك الا تخشى الموت فقد عشت انت كما رغبت وستحيا الى الابد فى قلوبنا وعقولنا وفى كتب نورثها لابناءنا
اكتب اليك لاخبرك انه حقا الموت قد اختار الافضل والانبل والاشجع .. ولكنها ارادة نافذه رغم الالم
اكتب اليك واطمئنك انك لم تجعل الشباب فقط يقراون فقد لمس الشيب شعر هؤلاء الشباب ونقلوا تلقائيا رسالتك الى ابنائهم كما فعلت انا مع بناتى وكما فعل غيرى الكثيرون مما علمتهم .. اكتب اليك وانا اعتذر منك من تهور بعض متابعيك ممن لم يفصلوا ايدلوجيتهم وغضبهم عنك واصروا على جر اسمك الى مستنقع المهاترات السياسية ففرقوا من حيث اردت انت ان تجمع
الان يمكنك ان تستريح بجوار رفعت .. الان وفى القلب غصة وفى المقل دموع بامكاننا ان نودعك
“وداعا أيها القريب
كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة
عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرا

وداعا أيها القريب

كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل
قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس
لحناً سمعناه لثوان من الدغل
ثم هززنا رؤوسنا وقلنا أننا توهمناه

وداعا أيها القريب
لكن كل شيء ينتهي!”

حتى نلتقى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بحب التمثيل من وأن


.. كل يوم - دينا فؤاد لخالد أبو بكر: الفنان نور الشريف تابعني ك




.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: لحد النهاردة الجمهور بيوقفن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كل ما أشتغل بحس بن




.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو