الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء نقدي : (( كرامة سيدة )) - الشاعرة الفلسطينية (( سحر العلاء ))

منير الكلداني

2018 / 4 / 5
الادب والفن


النص : كرامة سيدة
الشاعرة : سحر العلاء
ضوء نقدي : منير الكلداني

النص

حُبلى انت ِ، افكاري ...
توجعى ..
حتى المخاض ..
من أجل القلم الذي غاب ..
في رحم المعاناة
تجمعي حروفي من كل صوب ..
من أزقة احلامي ..
وطريق حرماني ..
لنبني قصراً في الغاب..
لن اُسكِن فيه بشر...
سواكِ انتِ أقلامي...
فالوفاء انتِ..
وعشق الروح أنتِ
لن أَذُقْ معكِ العذاب
تلك المشرعة أبوابي..
بقفل الحكمة سأغلقها
لن الهث وراء سراب
لأجل وهم تحديت الصعاب
فما نالني منكَ الا العتاب
أتلومني..؟!
اتلومني ان قررتُ الإنسحاب؟!
ماذا فعلت متى لامني الأعراب؟
قلت لي تصبري..
فما الصبر الا زوبعة تراب
ان لم يتْبَع القول فعل
كان كعصفور يصارع غراب
فأتخذت قراري اليوم
لن ألوم القلب و لا حساب
الذنب ذنبك أنتِ
يا ساحرة الألباب....
حين زارك القُربَ مطالب
فتحتِ له مشرعة الأبواب
دالة النص
الانسان بطبعه ثري بكل ما فيه فكرا شعورا ومن حقه ان يفخر بهذه الطاقات التي ولدت بالقوة معه وفي كل مرحلة ينتمي الى احدهما بحسب التؤثر الحاصل من قبله ويكون ما موجود فيه ضمنا محصلا مما تجود به قريحته الايصالية لمجموع الفكر والشعور ومدى اعتزازه بهما، وتتجلى هذه الصورة عند الكاتب (( يا ساحرة الالباب )) وهو نداء الانسان للانسان اذا كان موجها اليه وفيه ينفرد الكاتب وذاته في المشهد وتشد من همته ليصارع تلك الاضداد التي عاشها بمراحلها وهي بكل تاكيد احداث جسام اذ فيها تتحدد الهوية ويجب ان يختار الكاتب احد طريقين لا ثالث لهما :
((فتحتِ له مشرعة الأبواب ))
((تلك المشرعة أبوابي
بقفل الحكمة سأغلقها ))
فالابواب مشرعة وقفلها لا بد منه فاما باب (( مفتوح )) واما باب (( مغلق )) وهنا تكمن الحيرة في الاختيار ، فالقرارات مصيرية واي خطا يؤدي الى ما لا تحمد عقباه وقد تتغير مسارات التاريخ حينها ، ويعطي الكاتب صورة ايحائية – بعيدة نوعا ما – عن تحديد هذا الباب (( الرمز المكثف )) فماذا هو ؟ والى اين يؤدي ؟ وكيف بحالتيه يكون ؟
كلها اسئلة يجعلها الكاتب امامنا ليقول
((لأجل وهم تحديت الصعاب ))
وهذه ثالثة (( الغموض )) وبنظرة اخرى تظهر الصورة لبابين احدهما المقفول (( ليس بوهم )) والثاني (( المشرع )) وفيه يكون الوهم بدلالة الضد اللغوي ومن خلال هذا المشهد المركب نستنتج ان الكاتب قد فتح الباب وسار فيه وتلقى ما تلقى لانه لم يقفله
((فما نالني منكَ الا العتاب ))
فهو طريق موحل لا يرغبه احد ولكن الكاتب تحدى ذلك وشق طريقه غير مبال ولا مكترث بما سيحصل ، ففي تلك الفوضى من المشاعر تصبح الاختيارات على المحك ولا سبيل لرؤيتها ما دامت المعطيات متساوية في النتائج فيكون كلاهما واحد
ثم ينقلنا الكاتب الى استفهام لا يقل غموضا عن السوابق
((أتلومني..؟
اتلومني ان قررتُ الإنسحاب؟ ))
وكأن النص احجية لا يريد الكاتب ان يظهر مراده منها فهو ياتي بالصور التركيبية العرضية بحيث يكون لمعنى الدلالات سعة في الفهم او يحاول من خلال ذلك التوكيد على الرموز المكثفة (( الباب )) و (( الوهم )) ، وتاتي هذه الصورة ليظهر رمز جديد (( اللائم )) ودوره في زجر الكاتب عن المضي في باب الوهم ونصحه بان يكون متحليا بالصبر وان يغلق الباب ومع كل هذه التضادات نحاول ان نجد تلك الخطوط المتوازية اثناء التكوين وهو ما يحتاج اكيدا عمق لغوي معتد به من الشكل الذي تجسد المضمون منه فخطوطه الثلاث بتفرعاتها ترجع الى نقطة البدأ نعود للكاتب مرة اخرى من خلال نصه لنجده يقول

فأتخذت قراري اليوم
لن ألوم القلب و لا حساب

وهنا تظهر بعض من تلك الصورة وهي ركن التكوين وعليه يدور النص وكل ما خرج من مضمون نابع ومغترف منه فاذا – بتلك الصورة التكوينية - صراع بين الفكر والقلب بين الجمود وبين التحرر بين التقيد بمنهج (( متى لامني الاعراب )) وبين (( الانسان )) انه باب الحرية الذي يراه المجتمع وهما باب الفكر الذي يريدون قفله وبجمع تلك المتفرقات تكون الصورة واضحة ، لذلك نجد الكاتب مطلقا صرخته
حُبلى انت ِ، افكاري ...
توجعى ..
حتى المخاض

وما ادقه من وصف لحالة الالم الذي يعيشه الكاتب وسط هذا الجو المليء بالقيود ولا يستطيع ان يتكلم بكل ما في جعبته بل يقرر العزلة مع هويته التي رسمها لنفسه وهي ما يفتخر به ولا يرى من وجود الا من خلالها
سواكِ انتِ أقلامي
اذ القلم هو كل ما يملك وبه الكفاية فما دام عنده – اقلام الجمع - يستطيع ان يقول
تجمعي حروفي من كل صوب
ثائر على كل شيء مناديا تلك الحروف التي بها يكون فاذا ما اتت استطاع ان يفعل ما هو ابعد من المستحيل
لنبني قصراً في الغاب..
لن اُسكِن فيه بشر
وما اروعها من صورة تجمع بين الغاب والسلم في ان واحد وكانه ايحاء الى انه لا يمكنك ان تنجو حتى لو هربت ما دامت تلك الاغلال تحيط الحرية من كل مكان ومع ذلك لا استسلام ما دام القلم نابضا

دالة اللغة
1 - جاءت الالفاظ بسيطة غير معقدة وكل مفرداتها متداولة الاستخدام فلا يوجد في فهمها أي صعوبة على المتلقي .
2 – في النص بعض من تشبيهات ومن استعارات لم يغرق النص فيها لملائمة المضمون وكانت الاستعانة بالدلالات الكلية للنص كله في موضع التكثيف علامة لذلك .

دالة خارجية :
1 – في ظل المجتمع حيث يكون الفرد ماسورا ولا مفر منه سوى الرضا بالامر الواقع ولا سبيل للتغيير يكون التوجه الواعي للفرد باهتمامه بنفسه وسيلة للمضي والاستمرار وهذه حال المتميزون الذين لا يجدون سوى القلة لفهمهم وهذا كان ملحوظا في النص .
2 – الكبت الذي يكون نتيجة لمجموع الاسباب الخارجية يجعل من الفرد بركان مهدد باي لحظة للانفجار وعند خروجه سيولد ردود فعل انعكاسية رفضا لما هو قائم وفي النص حالة من ذلك الخروج ، نعم كان خروجا مهذبا رغم القسوة المحيطة بالكاتب لما له من امكانية السيطرة الشكلية على مضمونه

وختاما
من أزقة احلامي ..
وطريق حرماني ..

تزرع سحر العلاء ازهارا من جمال المضمون وروحا تنادي بالحرية لغد عله يكون اجمل وفيه تكون (( كرامة سيدة )) جلية بكل معانيها

لكم المجد مرفلا

منير الكلداني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات