الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا فشلت -المُعَارَضَة- في تحقيق التغيير في الجزائر؟

علجية عيش
(aldjia aiche)

2018 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


التعديل الحكومي و مشروع الجمهورية.. لماذا فشلت "المُعَارَضَة" في تحقيق التغيير في الجزائر؟
في الفلسفة السياسية لا يوجد في العالم الثالث حاكما سواء كان رئيسا أو ملكا يطبق "نظرية الحق و العدالة" لأن أنظمة العالم الثالث ما تزال تعمل بأوامر خارجية، و تمارس مهامها بقوانين أجنبية، و الديمقراطية عندها لم تنضج بعد
------------------------------------------------------------------------
كلما يأتي رئيس جديد، إلا و يخضع الدستور الجزائري إلى التعديل، كما يلاحظ أن كل دستور يأتي مفصلا على مقاس الرئيس الذي يأتي، و سواء كان دستور بن بلة أو دستور بومدين، أو دستور بن جديد، ثم دستور الذي خلفه، و الذي جاء بعده.. إلى غاية دستور بوتفليقة، فكل المؤشرات تقول أن الدساتير الجزائرية لم يكن للشعب فيها السلطة المطلقة في اختيار نهجه السياسي أو الاقتصادي، فالخطاب الذي توجه به الرئيس الشاذلي بن جديد في أكتوبر 1988 كان بمثابة إعلان عن دخول الجزائر أهم منعطف تاريخي بعد حرب التحرير و الاستقلال، توعد فيه بإحداث تغييرات عميقة تهدف من خلالها إلى استعادة للشعب سيادته، و حتى يبدوا أمام الشعب أنه زعيم الديمقراطية في الجزائر، قال الشاذلي بن جديد في خطابه أن دستور 1986 عبارة عن دستور برنامج، لكنه أصبح عبئا على الشعب، لأن بنوده المستوردة تتنافى مع طموحات الشعب سياسيا و اقتصاديا، خاصة و قد لجم هذا الدستور النقاش السياسي و قزّمه، و لم يمض وقت حتى خرج الشاذلي بن جديد بدستور جديد، و خيّطه على مقاسه، أو ربما سلم له مفصلا على مقاس من فصّلوه من وراء البحر، ما يلفت الانتباه..
الملاحظون قالوا أن الاستفتاء الشعبي الذي آجراه الشاذلي بن جديد في نهاية الثمانينيات كان بداية دخول الجزائر عهدها الجديد بعد ولادة "الجمهورية الثانية"، لكن الواقع أن عهدة الشاذلي بن جديد كانت بداية الجمهورية الثالثة، إذا قلنا أن عهدة الرئيس أحمد بن بلة كانت بداية الجمهورية الأولى بعد الاستقلال، ثم خلفه الرئيس هواري بومدين، عقب أحداث 19 جوان 1965 ، لكن جمهورية الشاذلي فشلت انطلاقا من أحداث الربيع الأمازيغي في 1980، ثم انتفاضة 05 أكتوبر 1988 مرورا بأحداث 1982، و توجت بالعشرية السوداء، (و نعتذر عن عبارة توجت)، السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: ماذا يراد بمفهوم الجمهورية؟، هل تعني التداول على السلطة و تحديد العهدات الرئاسية؟، و نحن نرى الرئيس الحالي ممسكا بأسنانه و يديه كرسي الحكم لرابع عهدة، بالرغم من الظروف الصحية الصعبة التي يمر بها، و التي لا تسمح له بإدارة شؤون الدولة، فأين هو مشروع الجمهورية الذي رسمه بيان أول نوفمبر 1954؟، و أين هو مشروع الجمهورية الذي رسمته الدول المتقدمة التي تحترم نفسها و شعبها، و دستورها و قوانينها، و لا تمارس معهم الخداع على الطريقة الميكيافيلية.
على الذين يدعون إلى عهدة خامسة و إبقاء الرئيس في الحكم أن يعيدوا النظر في قراراتهم، خاصة و أن الوضع السيئ في البلاد يزداد تأزما و تعقيدا، و خير دليل حالة الانسداد الذي تعيشه المنظومة الصحية و التربوية في الجزائر، و تصعيد النقابات احتجاجاتهم، وتسريح العمال بسبب إفلاس الشركات، إذ لا يمكن أن يحكم رجل مقعد دولة حتى لو كان في كامل قواه العقلية، لأن الجزائر تواجه تحديات على كل المستويات، في ظل الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد، و من جهة أخرى ثمّة شيئ يطرح سؤالا عن سر التعديلات وزير لم يمض على تعيينه أشهر قليلة و استبداله بوزير آخر، لدرجة أن معظم الشعب الجزائري لا يعرف من هم وزراء الدولة ، عادا الوزير الأول، حتى الذين شغلوا هذا المنصب لم ينجوا من عملية التحويل أو الإقالة عندما يستلزم الأمر، و لعل الوزراء المقالون هم أولئك الذين يفتحون ملف الفساد من أجل تطهير مؤسسات الدولة من هذه الظاهرة ( الفساد)، و الويل لمن يتحدث عن الوزارات السيّدة، فهذه الأخيرة رسمت على بوابتها خطا أحمر يمنع كل من يريد أن يظهر لسانه و يقول من أين لك هذا؟، شعار رفعه من سبقوهم في الحكم و لكنهم أقيلوا، بل تم نفيهم إلى مكان مجهول، و منهم من قضى سنوات في السجن، لأنه قال كلمة حق، أراد بها إرضاء ضميره و خدمة الصالح العام .
و اليوم تطالعنا الصحف الوطنية بالتعديلات الحكومية التي أقرها رئيس الجمهورية، و التي مست أربع وزارات، و هو عبارة عن تعديل جزئي فقط، و قد تمتد هذه التعديلات إلى وزارات أخرى، ماعدا الوزارات ذات السيادة كوزارة الدفاع، باعتبار أن رئيس الجمهورية هو وزير الدفاع، في جميع الحالات لا يمكن طبعا أن يقيل وزير نفسه بنفسه ( هنا تتحول الإقالة إلى استقالة) ، كما أنه لن يسمح لنائبه الجلوس مكانه على كرسي الحكم، هذا من جهة، و من جهة أخرى فإجراء تعديلات في هذه الوزارة هي بمثابة انتحارا له، خاصة و أن المعارضة مصرة على ضرورة تطبيق المادة 102 المتضمنة إيجاد خليفة للرئيس في حالة إذا ما لم يعد قادرا على مزاولة مهامه كرئيس، لاسيما و الظرف الصحي الذي يمر به بوتفليقة لا يسمك له الإستمرار في الحكم و هو مقعد على كرسي متحرك، حيث ترى المعارضة أن هذا المطلب شرعي، و ترى أن التغيير في البلاد لن يحدث، طالما الوجوه القديمة و التي أكل الشيب رأسها باقية، في رسالة وجهتها إلى دعاة العهدة الخامسة، الذين يريدون الحفاظ على مصالحهم و البقاء في مناصبهم.
الغريب أنه في ظل الظروف القاسية التي تمر بها البلاد و ما يهددها من أخطار، نقرأ على صفحات التواصل الإجتماعي رسائل التهاني للوزراء الجدد الذين حظوا بثقة الرئيس، أرسلها "الطامعون" عفوا "الطامحون" في الوصول إلى الحكم، السؤال الذي يطرح اليوم هو: لماذا فشلت المعارضة في تحقيق التغيير في الجزائر؟ ألأن الذين في الحكم معينون بقرارات خارجية ( من وراء البحار) و هم ملتزمون بتطبيق ما يقرره هؤلاء؟ ، أم أن الدولة الجزائرية تسيرها فئة معينة ( clan) حتى لا نقول عصابة، ثم أن التعديلات الوزارية في زمن قصير جدا أصبحت سُنَّةٌ، من لا يرضى عنه الرئيس يُقالُ و يُبْعَدُ، و على الوزراء الذين يريدون الثبوت في مكانهم أن يلتزموا بطاعة أولي الأمر( الخليفة)، و الخروج على سلطته كفرٌ..، الواقع و في الفلسفة السياسية لا يوجد حاكم سواء كان رئيسا أو ملكا يطبق "نظرية الحق و العدالة" فعلى سبيل المثال ما تزال أنظمة العالم الثالث تعمل بأوامر خارجية، و تمارس مهامها بقوانين أجنبية، و الديمقراطية عندها لم تنضج بعد.
و يمكن مقارنة هذه الأنظمة بالنظام الفرنسي و بغض النظر عن كونه نظاما استعماريا ، فقد طبق نظرية العدالة داخل بلاده، بدليل محاكمة رئيسه الأسبق نيكولا ساركوزي عن قضية الفساد و استغلال النفوذ، أما عندنا فكم من ملفات الفساد طويت و لم يحاسب أصحابها أمام العدالة؟ ، لقد فسر بعض المفكرين، الامتثال لقانون غير عادل، كتعريف للديمقراطية في حكم الأغلبية، الحقيقة أن الجزائر في حاجة إلى رجل قويّ، ثم ما العيب في أن يكون لنا رئيس شاب، و طالما الجزائر تتغنى بالديمقراطية، أليس من حق كوادر الدولة من الشباب خريجي الجامعة الجزائرية أن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية؟، هو سؤول موجه لقادة الأحزاب السياسية الموالية للسلطة و صاحبة الأغلبية في البرلمان و المجالس المحلية، و في مقدمتها حزب جبهة التحرير الوطني، لاسيما و هذا الحزب لم يتحقق على يديه مشروع "التشبيب" الذي وعد به الشباب في كل مناسبة وطنية و في كل المراحل الانتخابية .
علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف