الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الحاجة لإطلاق حوار جديد؟

نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)

2006 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


بمناسبة إطلاق حوار من أجل قيام "تيار وطني ديمقراطي في سوريا
ما هي الحاجة الحقيقية لإطلاق حوار من جديد من أجل مهمة التغيير الديمقراطي في سوريا؟ خاصة وأن الأطراف الداعية إلى مثل هذا الحوار – وهي ناشطو مناهضة العولمة في سوريا، مجموعة الحوار الوطني في مدينة حماة ، هيئة الشيوعيين السوريين ، حزب العمل الشيوعي، وبعض الشخصيات في لجان إحياء المجتمع المدني- منخرطة في حوارات مماثلة وبشكل مزدوج مثل حزب العمل الشيوعي ، ولجان المجتمع المدني حيث وقع هذان الطرفان على وثيقة إعلان دمشق. كذلك فإن ثلاثة أطراف -هي هيئة الشيوعيين السوريين، وحزب العمل الشيوعي، وبعض ناشطي مناهضة العولمة - هم منخرطون في حوار من أجل بناء تجمع لقوى اليسار الماركسي في سوريا من مهامه الرئيسية قضية التغيير الديمقراطي في سوريا!
قد يخيل لقارئ "مسودة المقترح" لإطلاق الحوار الجديد أن هناك أطرافاً موقعة على إعلان دمشق إلا أن لها تحفظات ذات طابع اجتماعي- اقتصادي ، أي تحفظات على الطابع التجريدي المقصود لمهمة الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية؛ بمعنى آخر ترى أن "إعلان دمشق" غير معنى بالبرنامج الاجتماعي- الاقتصادي للطبقات الكادحة والفقيرة وبالتالي فهو يعبر عن قوى ليبرالية إسلامية، وقوى ليبرالية بورجوازية منزلقة نحو الإسلامية ؛ أي تعتبر نفسها ذات توجه "ديمقراطي- ليبرالي" براغماتي، ينفر من العلمانية الصريحة كونها قد تفقده حلفاءه المتدينون ، خاصة حزب الأخوان المسلمين في سوريا. وهو يتهم دعاة العلمانية الصريحة بالديمقراطيين الطائفيين!
أما الدعاة لبناء تجمع لليسار الماركسي فهم يركزون جهودهم لربط أي تغيير ديمقراطي في سوريا بأمرين أولهما : برنامج اجتماعي- اقتصادي ذو ميول يسارية شعبية، يحافظ على مكتسبات الطبقات الشعبية والكادحة، ويعمل على تنمية هذه المكتسبات وعلى تحديث جهاز الدولة وقطاعها الاقتصادي ، و ثانيهما : مواجهة المشروع الإمبريالي الأميركي عبر الدعوة لمناصرة البرنامج الاجتماعي- الاقتصادي وعبر فتح باب الحريات السياسية وإعادة الحياة إلى التعددية الحزبية في سوريا ، وعبر تعزيز ثقافة مقاومة للهجوم الأميركي الصهيوني و داعمة للمقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق الخ..
لا تذكر "مسودة المقترح" المقاومة اللبنانية . وهذه ليست هفوة أو زلّة قلم ، بل هي أحد عقد السياسة السورية واللبنانية . لأنه لو سألنا لبناني عن الدور السوري في دعم المقاومة اللبنانية –حتى لو كان من أنصار العماد لحود- لتحرج وفكر قبل أن يجيب . ولو سألت ناشطاً سياسياً ليبرالياً سورياً عن المقاومة العربية لذكر كل أنواع المقومات بما فيها المقاومة الأحوازية والكردية ، لكنه يتحرج من ذكر المقاومة اللبنانية ليس ذلك حساً طائفياً أو إقليمياً ، أو نوع من المزاج الشخصي ، بل هو تحاشي هذا الاستحضار لأنه يستحضر الدعم والمساندة السورية والإيرانية للمقاومة اللبنانية في جنوب لبنان . وباعتبار أن أي ناشط ليبرالي في سوريا هو خصم "مطلق" للنظام السياسي القائم إذاً يغدو أي ذكر للمقاومة اللبنانية يدخله في ما يشبه الإحراج. خاصة وأنه شاعت في هذه الفترة نوع من "أيديولوجية المعارضة" ذات الطابع السياسويّ البحت للنظم البيروقراطية الاستبدادية . وهذه الأيديولوجية تكفر كل من يخرج عن حدود حقلها ومستوى نبرتها وتعتبرها نوع من سند للنظام الاستبدادي البيروقراطي.
مسودة المقترح تحاول ردم الهوّة بين مشروع التغيير السياسويّ ذو النزعة الليبرالية والإسلامية الواضحة ، والتيار اليساري الذي يحاول التركيز على التغيير الديمقراطي من ثلاثة أبواب:هي الحريات السياسية ، والبرنامج الاجتماعي- الاقتصادي الديمقراطي والشعبي خدمة للكادحين من عمال وفلاحين فقراء وبورجوازية صغيرة مدينية. ومواجهة المشروع الإمبريالي الأميركي للشرق الأوسط والعالم؛ مشروع الغزو وبناء النظم الطائفية في المنطقة العربية.
لكن هل يفسر هذا الخلاف الانفصامات الكبيرة في المجتمع السوري والمعبَّر عنه بانفصام الإعلانات؟ أم أن الأمر أعمق من ذلك؟ أعتقد أن للأمر أبعاداً أخرى تعطي الواقع الوطني السوري خصوصية ، تتجسد في عطالته الراهنة، وفي عمق تشققاته. وهي مسألة موروثة منذ العهد العثماني وفترة حكم أعيان المدن السورية حتى الوحدة المصرية السورية مروراً بثورة آذار 1963 وحتى اليوم.
لم تستطع "ملحقات إعلان دمشق" أن تعيد توجيه الإعلان بشكل وطني جامع . أي لم تستطع هذه التوضيحات والملحقات أن تردم الشرخ التاريخي المتعمق في الواقع السوري ، ولم يستطع الفريق الديمقراطي اليساري أن يردم الهوّة ، فجاءت مسودة المقترح لتربط قسم من الفريق الأول غير الراضي تماماً عن إعلان دمشق مع قسم من الفريق الآخر اليساري.
علينا أن نلاحظ أن "البعث" قد ربط وصوله إلى السلطة ببرنامج يساري وبإصلاح زراعي وهذه قضية ليست عرضية. ومن هنا نلاحظ حذر أصحاب "إعلان دمشق" - وبناء على عقدة العداء المطلق للنظام السياسي القائم- من هذه "اللوثة" تماماً كحذرهم من ذكر المقاومة اللبنانية و"لوثة" الدعم السوري لها . وهم من ناحية أخرى لا يخفون دعمهم المعنوي وتوحدهم الروحي مع المعارضة اللبنانية الليبرالية والانعزالية ، ولا يتحرجون من كون فريق من هذه المعارضة أو أكثر له علاقات تاريخية سلبية أو إيجابية بيّنة أو خفيّة مع إسرائيل. وكما تعتبر المعارضة اللبنانية الليبرالية أن مرشدها الروحي هو التحرك "الديمقراطي" الأميركي ذو النوايا الطائفية . كذلك لا يخفي بعض رموز المعارضة السورية الليبرالية أن مرشدها الروحي "الديمقراطي" هي أوربا الشائخة ديمقراطياً وسياسياً ؛ أوربا التي أضحت لحظة تابعة من لحظات الإمبريالية الأميركية المتقدمة نحو الغزو والتحكم بمقدّرات البشرية على كافة الصعد .
لقد تناسى أصدقاؤنا في "مسودة المقترح " ذكر المقاومة اللبنانية الباسلة حتى يتسنى لهم كسب أكبر قدر ممكن من الأنصار من جهة إعلان دمشق. لكن القضية ومن باب الرأي ليست بالقلّة والكثرة . فالإنسان أثبت الكائنات، مع أنه يمشي على قدمين فقط!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ