الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقطع من قصة ( ن ) / قصة طويلة

حيدر سالم

2018 / 4 / 5
الادب والفن


.... كانت الحياة ذاتها ترتسم أمام – ن - كفقاعة ملتاثة مرة ، و صافية مرة أخرى ، لكنها في الحالتين تنفجر دائماً ، و كل يوم ، المهم إنها تنفجر بصمت ، تموت بدون أثر ، و إن كانت تنوي ذلك فلتفعل و لكن بمشهد يعلق فوق عينيه لبضع لحيظات ، الأهم من كل شيء أن لايسمع الا صوت أمه ، و لطالما أنه في مملكته ذات الجدران الصامتة فما يُهمه من كون الحياة شيطانية أم ملائكية ، ليس يضيرهُ السؤال طالما انه لا يسمعُ الناس ، و لايزورونه ، و لا يصادقونه ، لا يحبونه و لا يكرهونه ، لقد إصطفاه الله ، خلقه من طينٍ ناعم ، هش ، لا يحتمل البشر الفولاذيين . كانت الخطوط التي يرسمها تخلع من أمه كل ما حفظته ذاكرتها من صور للأشياء ، ومسحت العديد منها تماماً . إنغرزت نظرة من – ن – في السقف ، كان يطالع القمر الذي حدثته عنه ، القمر الذي يكمن خلف هذا السقف ذو الطبقات ؛ يضيء العالم ، - هل هو موجود الان ؟ أم ان الوقت لم يحن لطلوعه ؟ ما لونه ؟ هل يتكلم ؟ - لم يجرؤ على سؤالها عن إمكانية أن يكون القمر متكلماً ، كل سؤال عن الاصوات هو الموت ، راح يتقشر في مشهدٍ مختلق ، قشّر نفسه مثل كل يوم ، إعتاد على إخافة نفسه ، و تخيل الاشياء التي لاتحصل و التوجع منها ، لم يبقَ شيء حدثته أمه عنه الا وتخيله ذو صوت يقشره ، لم ينجو من هذه الحالة التي لا يستطيع شكوها اليها ، أي كلماتٍ ستشرحها ؟ كانت الاصوات التي داهمته في طفولته تعود كأشباح من الاصداء الثقيلة لتربض فوق ذاكرته ، الاشباح تطارده ، الاصداء تلك الاصوات التي تقاوم الزمن ، يطالع الضوء الذي بللته الانظار بعفونة يشمها لوحده ، كان – ن – إنساناً من لجين صافٍ ، و كل هذا العالم المزيف أصغر من خطوة بيضاء ، خطوة لا ينخرها درنُ القذارة . الاصداء تنتف سكونه ، قطعت موجة الذاكرة حركة مريبة خلفه ، كانت أمه مرمية على الارض ، تهاوت الى الارض بسرعة خاطفة ، وقد ارتطم رأسها بقوة فوق الارضية ، أخذت بحيرة وليدة تتسع بإستمرار حول راسها الذي أخذ شكل كرة مطعونة بسكين ، لم يعرف مالذي يفعله ، إجتاحته نوبة سكون ، تجمد داخل ذهوله المتنامي ، أين سيذهب الان ؟ مالذي يفعله ؟ صرخ بها ، سالت دموعه أو كلمات سائلة ترتجيها أن تقف و تعاود الانخراط في مهمتها ، لماذا هذه الإستقالة ؟ انه السكري ، كان لابد من فتكه في يوم و لكن لم يفكر بما سيفعله ، الى أي إتجاه الآن ؟ العالم مسدود ، لا يمكن أن يجد مكانا بعد موت أُمه ، و لكن هل تموت ؟ أهكذا ينتهي الأمر بسهولة ؟ رطمة على الارض تشج اليافوخ و ينتهي العالم ؟ نهض اليها مسرعا ، ناجاها بلوعة متحشرجة ، تأملها طويلا ، جاب في نظراتها التي علقت فوق باب الغرفة ، مالذي تقوله هذه النظرة للباب ؟ - هل يتكلمون مع الابواب ؟ مالذي أوصته ؟ - ، ماذا الان ؟ اين سيمضي بكل هذه الاسئلة ، صرخ بكل طاقته ، كرر صراخه ، سالت صرخته فوق صدره كورقة أذبلتها الخيبة ، أيقن أنها ماتت ، ماتت الأم ، و ما من جهة يقصدها ، لقد ماتت الأمكنة . غرق في نوبة بكاء طويلة ، و رغم طولها لكنها لاحت له قصيرة ، بعد انتهاء عويله المحموم صار الوقت ثقيلا ، يمر ليتسلل في عظامه ، و يمكث فيها دون إنقضاء ، بحلق في السقف ، - هل سيكون القمر مضيئا اذا ماتت ؟ - ، لن يتوقف شيء ، سيدوم جريان نهر الحياة المليء بالجثث ، أيكون كل هذا الكون ميتا ؟ ، - الكون مقبرة متحركة يا أمي - ، .........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا