الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديب والموقف الإنساني

صاحب الربيعي

2006 / 3 / 13
الادب والفن


كل إنسان لديه موقف من الأحداث والتوجهات في المجتمع، لكن الإنسان السوي يكون موقفه في الغالب مع التوجهات الإنسانية الرافضة لقيم الشر وبغض النظر عن شكل التعبير لإعلان الرفض والتبني لقيم الخير، فموقف الأديب من الأحداث والتوجهات السائدة في المجتمع ليس تعبيراً عن ذاته فقط وأنما يشكل توجهاً جديداً للمجتمع باعتباره منتجاً للثقافة. وبالتالي فإن موقفه يتوجب أن يكون مسؤولاً وإنسانياً ونابعاً عن تفكير عميق لتأدية رسالة هادفة تخدم قضايا الإنسان، وبخلافه فإنه يسهم بوعي في توجيه الآخرين نحو تبني القيم الشريرة.
إن ثقافة المجتمع السائدة ليست كلها ذات توجهات خيرة، لأن القائمين عليها من المثقفين ليسوا جميعهم يحملون رسالة إنسانية تسعى لرقي وتطور الإنسان. فهناك العديد من المثقفين يغلبون مصالحهم الذاتية على مصالح المجتمع، ويعرضون أقلامهم برسم الإيجار لقوى الشر لقاء حصولهم على المال. ومن هنا جاء التعارض بين المثقفين أنفسهم، فالقضية لاتنحصر في إطار النتاج الثقافي لوحده وأنما ماهية هذا النتاج وهدفه والرسالة التي يبتغيها.
الأدب هو جزء من منظومة الثقافة الحضارية للشعوب، وأهميته وجدواه يتحدد بمقدار مساهمته في رفد الحضارة الإنسانية. إن نخب المجتمع، هي المحددة الأساس لتوجهاته المعاصرة وتقع عليها المسؤولية الكاملة في التصدي للتوجهات السائدة والمتعارضة مع تطلعات الإنسان نحو الرقي والتقدم.
لذا فإن الأديب أو المثقف الذي يؤجر قلمه وفكره لمنظومة فكرية محددة تنال من المنظومات الفكرية الأخرى في المجتمع وتقسرها على توجهاتها، لايمكن أن ينتج أدباً إنسانياً (كونياً) يعنى بشؤون الإنسان لذاته بعيداً عن التوجهات الساعية لاستعباد الفئات الاجتماعية المخالفة لها وتجيير امكاناتها وتطلعها لخدم مصالحها الفئوية تحت يافطة من الشعارات والحجج الساذجة.
إن الأديب، الفنان والمثقف.... الذي لايحمل فكراً حراً ينتصر لإنسانية الإنسان، بالتأكيد يكون إنساناً خالي من الأحاسيس والمشاعر تجاه أقرانه من البشر وبالتالي فإن نتاجه الأدبي يخلو من الإبداع الذي لايستقيم بناءه دون الأحاسيس والمشاعر.
يعتقد ((نادو))"أن الفنان الجيد، هو الإنسان الذي يستطيع أن يعبر عن نفسه والعالم معا من خلال إبداع آني وخالد ذو صدى يعبر عن أحاسيس وأفكار وسلوكيات جديدة".
إن يسجن الأديب فكره ورأيه ضمن منظومة حزبية أو فكرية يعني بكل المقاييس تأطير فكره وأسر رأيه لتوجهات محددة، فالإبداع الأدبي ينهل من الحرية فضائه غير المحدد. والأديب المبدع أن لم يكن حراً، تكون آليات إبداعه محددة التوجهات والمعالم وبالتالي فإنه ينتصر لفئة اجتماعية دون أخرى.
تحدد مساحة الحرية في المجتمع، سعة الإبداع. والأديب الحر هو الذي لا يؤسره التعصب الفكري......إنه منتجاً للأفكار والآراء الجديدة وليس أسيراً للتوجهات الفكرية السائدة التي عفا عليها الزمن، فالأدب الإنساني الملتزم يعني الموقف المنتصر لتطلعات الإنسان. وبخلافه فإنه أدب موجه يقسر الأديب على الانتصار لفكرة أو رأي محدد، يتعارض ومهامه وهدفه ورسالته الإنسانية.
يعبر عنه ((توفيق الحكيم)) قائلاً:"أن الأديب يجب أن يكون حراً.......لأنه إذا باع رأيه أو قيد وجدانه لم يعد أديباً، فالحرية هي منبع الفن وبغيرها لايكون أدب ولا فن لأن الذي يقول أن الفنان أو الأديب: التزم بكذا أو بكيت فقد قتله....إنما التزام الأديب أو الفنان شيء ينبع حراً من أعماق نفسه فإن لم يتبع الالتزام حراً من قلبه وبيئته وعقيدته فلا تلزمه أنت ولا تلزمه قوة في الوجود.....يجب أن يكون الالتزام جزءً من كيان الأديب أو الفنان".
إن تعارض موقف الأديب مع المبادئ الإنسانية لا قيمة لنتاجه، والموقف لا يعني الانتصار لفكرة ضد أخرى وأنما الموقف من هدف ورسالة الأديب ذاتها المتعارضة أو المنتصرة للمبادئ الإنسانية ومدى مساهمتها في رفد الحضارة الإنسانية للارتقاء بالعنصر البشري لمراتب أسمى تحقق أهدافه ورسالته في الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده