الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت شجرة فلوبير...

عبد الغني سهاد

2018 / 4 / 6
الادب والفن


- تحت شجرة فلوبير......

_____________
هي سقيفة محفوفة باشجار قصيرة يلتوي عليها اللبلاب..بالوانه الزاهية ..ليست خاصة بي ..السقيفة ليست لي فهي مخصصة لعموم الناس ..في بعض الاوقات اجد مقعدي فيها محتلا من طرف شخص اخر ..تعودت فيها ان اراجع نصوصي المبعثرة التي راكمتها الايام ..بعض المقاطع لي اكررها هنا تحت السقيفة كلما كنت وحيدا ..يصلني صراخ المتجولين من الاجانب والاهالي معا ..علما انها تقترب من المنارا مول ..وكارفور ..ومنها اشق طريقي على الاقدام ..الى الباب الرئيسي الى صهريج المنارة ..
لم تكن السقيفة تستطيع ان تحكي لي ما يقع تحتها في الاماسي ..والليالي الحارة ..الا اني اجد فيها علامات ..واشارات الى ما حدث في الامس ..وجدث فيها هذا الصباح قنينتان من الخمر الاحمر من نوع المغربي ..الاولى فارغة تماما..والثانية لا تزال بها ثلاثة ارباع حمولتها ..قنينتان قائمتان على المقعد الخشبي المخصص للعموم..حارس السيارات يعرفني جيدا ابادله الحديث والتنكيث..وشرطي المرور كذلك...الا ان شباب امن الشارع ..الذين يروحون ويغدون على دراجاتهم النارية لا يعرفونني لا من قريب ولا من بعيد..تركتهما في مكانهما ..وخمنت ما حدث هنا في الليلة الفارطة ..مجرد جلسة بين عاشقين ..احست العشيقة ان العاشق بدا يفقد جدارته وقررت ترك القارورة لاحد من المترددين السقيفة كعربون على المحبة والعشق للمكان..كاد ت نفسي تسير خلف هواها ..واتجرع منها كاسا او اثنين ..لكني استحضرت مراجعة قصصي كما تعودت وانا في كامل قوايا العشقية للكلمة والحرف والحكاية..تركتهما ..ووقفت قربهما ..الواحدة تنظر الى الاخرى ..وانا ارفع صوتي قارئا نهاية قصة ما من قصصي القديمة ..كنت امشي ...واقرا... واعود امشي واقرا تحت السقيفة ..كالعبقري غوستاف فلوبير ..لم تكن نهاية قصصي تروق لي ..لذلك اعيد قراءتها علي ..مرة ..مرتين ..فلا تروقني ..ظهرت في نظر المارة ..كرجل تائه فقد لبه ..ويتظاهر بقراءة خربشاته على الناس وعلى نفسه في مكان ليس له ولكنه للعموم ..تركت السقيفة حائرا مكسور القلب من خيبتي ..على طول الطريق اتامل في الاشجار الخضراء .. باحثا عن شجرة فلوبير ..من حين لاخر اقرفص الارض كي استريح تحت ظل نخله..فتركع امامي قنان الخمر الفارغة من انواع محلية واجنبية ..بلاستيكية زجاجية..كلها كانت فارغة ..لا تشير الا لشيء وقع هنا قبل ان تشرق شمس هذا الصباح..
من وراء النخلة بخطى حفيفة رايت شابا قرويا ملامحه شاحبة. يجر جملا تسبقه روائح الصحراء وروث الابل الى خاشيمي ..فوقه تتمايل جميلة شقراء تغني ..سرت وراء الموكب ..كنت افكر ككاتب فاشل بل كالمجنون في الطريقة الطريفة الذكية التي يراجع بها فلوبير قصصه الواقعية التي تمتلك المشاعر والالباب ..
_______
عبد الغني سهاد










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا