الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء نقدي (( عناق الارواح )) الشاعرة السورية : (( ليلى غبرا ))

منير الكلداني

2018 / 4 / 7
الادب والفن


ضوء نقدي
النص : عناق الارواح
الشاعرة السورية : ليلى غبرا
ضوء نقدي : منير الكلداني


النص
عناق الأرواح
بِكُلِ دِفْءٍ وَحَنَانٍ
يَحْتَوِينِي طَيْفُكَ
أَتَلَمَّسُ رُوحكَ
أُغْمِضُ عَيْنَي
أَحْلُمُ بِعناقٍ
وَأُحَلِّقُ فَوْقَ بَوْحُ
القَصَائِدْ..
يُحَرِّكنِي طَيْفُكَ
الغَائِبُ..
بِخُطُوَاتٍ تُلَوِّحُ
فِي الهَوَاءِ
عِشْقًا. وَاِبْتِهَالًا
يَعْتَصِرُنِي الشَّوْقُ
يَا رُوحًا.. ضُمَّني
إِلَى مَرافيءِ قَلْبِك
عَانِقْنِي عناقَ الأَرْوَاحِ
بِمُفْرَدَاتِ الغَزْلِ
قَبْلَنِّي ألفَ قُبلةٍ و قُبلة
اُرْسُمْنِي فَوْقَ مُقْلَتَيْكَ
وَشْمًا
تَعَالَ وَ حَدِّثْ الفَجْر عَنِّي
رُوحي مَوجَةُ بَحرٍ هَائِجَةٍ
عَانِقْنِي حَتَّى لا أَكْتَفِيَ
مِنْكَ.....
فَأَنَا وَأَنْتَ
أَرْوَاحنَا فِيهَا الكَثِيرُ
مِنْ السِّحْرِ.
نَطِيرُ مَعًا كَنَسَائِمِ الصَّبَاحْ.

دالة النص
تاتي على الفرد لحظات تطغى عليها المشاعر ساعة التجرد من الاشياء فيتكون لديه فضاء من المعنى وكلما ازداد التجرد كان للفرد موقفا ذاتيا منه اذ يختلي مع نفسه ويكون هو المرآة التي تدل عليه في صورة تنعدم فيها المعطيات المكانية والزمنية ويكون المسرح خاليا سوى من الفرد وهو وينتقل في عالمه الخاص متناسيا شعور الفقد الذي ولد تلك النتائج وهذا ما يظهر بوضوح لدى الكاتب :
رُوحي مَوجَةُ بَحرٍ هَائِجَةٍ
فهو يصف ذلك الفضاء الشعوري بموجة بحر وهذا الايحاء المضمن بالوصول الى نهاية الموجة يطغى عليه الاضطراب فلكل فقد (( من الفقدان )) نتائج ونتيجة تلك الموجة هي (( الهيجان )) في خط مواز للخيال الذي يحاول الاتيان بتلكم الصور ويوظف الكاتب مفردة (( روحي )) للايحاء ضمنا ان (( الجسد )) لا علاقة له بالامر فهو يريد التركيز على معنى مجرد من الرغبات التي قد تتبادر الى ذهن المتلقي لذا كرر اللفظ (( الروح – مشتقاتها )) للحصر الدال على ذلك وهو بهذا يخرج النص من التصريح الى التلميح (( رمز الكاتب )) وفي محاولة ثانية يؤكد على امر (( متخيل ))
يَحْتَوِينِي طَيْفُكَ

يُحَرِّكنِي طَيْفُكَ

وهو تاكيد لما تقدم ويعتبر بمثابة شرارة الفهم للوصول الى مضمون الكاتب اذ لم يتركنا في خطوط عرضية بل اراد لمعناه ان يتخذ الصورة العمودية التكرارية وهو بهذا يقطع المقطع الى شطرين مهمين من حيث الحركة اللغوية
الاول : (( السبب الدافع )) : ويبدا من البداية حتى قول الكاتب
يَعْتَصِرُنِي الشَّوْقُ
الثاني : (( النتيجة المتوخاة )) : ويبدا من

يَا رُوحًا.. ضُمَّني
إِلَى مَرافيءِ قَلْبِك

وينتهي

عَانِقْنِي حَتَّى لا أَكْتَفِيَ
مِنْكَ

والدليل اللغوي الذي وضع شطرا في منتصف السبب الدافع والنتجية المتوخاة استخدام افعال المضارعة في الاول وافعال الامر في الثاني
ففي خضم شوقه وما يعتريه من فقد لازم (( بعيدا عن الجسد )) يقول
يَعْتَصِرُنِي الشَّوْقُ
وكم هي معبرة بذلك اللفظ حيث يكون الفرد تحت ضغط ليس بعادي بل ولا يحتمله احد ولك ان تتخيل شيء ياخذك من كل اتجاهاتك ولا يجعل لك منفذا للخلاص فلا بد له من التمسك بالنجاة من هذا الاعتصار القاتل واذ به يقول

بِكُلِ دِفْءٍ وَحَنَانٍ
يَحْتَوِينِي طَيْفُكَ

ويقول
يُحَرِّكنِي طَيْفُكَ
الغَائِبُ
ذلك الطيف (( هو _ الرمز المكثف )) الذي يحول بين الاعتصار وبين هذا المشتاق وياخذه بعيدا من ازمنة وامكنة المادة حيث يسمو به بعيدا في التحرر ويسافر في احلامه هربا من المكان والزمان هربا من شيء مجهول وكانه يبحث في ذلك الطيف عما فقده (( الرمز ايا يكن )) ويتفاعل الكاتب معه جدا بحيث تصل الصورة الى ذروتها فاذا به لا يكفيه طيف بل يريد ان يصل الى شيء ملموس شيء يحسه ولا يهم ان كان بالحواس الخمسة الروحية فهذا الغياب جعله في دوامة لا مخرج منها الا بقرب (( الطيف – الرمز ))
فيقول له بلفظ له في الاذن وقع مشاعري رقراق
يَا رُوحًا.. ضُمَّني
ولكن هل يكتفي ؟ لا ! ثم يقول بذلك الحنين
عَانِقْنِي عناقَ الأَرْوَاحِ
ومن اجمل ما شاهدت تلك الصور التي تتحرك في اطار مشهدي لغوي متصاعد ، ولكن هل اكتفى ؟ لا ! واذ به يحلق في الشوق كابهج ما يكون قائلا

عَانِقْنِي حَتَّى لا أَكْتَفِيَ
مِنْكَ.....
وهذا غاية الانصهار بين المشتاق وطيفه فهو يريده الى جانبه بلا تقييد بل في هذا التركيب يظهر جمال المضمون بدقة في الانتقاء اختيارا مبدعا للشكل اللغوي باستخدام الحرف النحوي باتقان راق ، ويستمر الكاتب في حلمه في اشتعال لا هوادة فيه
بِمُفْرَدَاتِ الغَزْلِ
قَبْلَنِّي ألفَ قُبلةٍ و قُبلة
فاي مفردات هذه التي تقبل تلك القبل ، انها مفردات السمو حيث يكون لها وقع في عالم الكاتب وكما قلنا انها تكرر عبارات الابتعاد عن الجسد فهذه القبل المتوازية مع المفردات لا تنسجم الا مع الروح ويبقى ذلك الرمز عصيا على ادوات اللغة فمن هو يا ترى ؟
انه رمز نسبي (( الاقرب للعاطفة بخط اللغة الشاعرية )) اراد الكاتب عدم البوح به سوى (( الحلم )) فهو (( حلم لم يتحقق )) وما اكثرها الاحلام التي نريدها فلا نجد لها شيئا في واقعنا لذلك يقول
نَطِيرُ مَعًا كَنَسَائِمِ الصَّبَاحْ.


دالة اللغة :
1 – جاءت الالفاظ بسيطة غير معقدة
2 – استخدم الكاتب الاستعارات والتشبيهات بشكل مكثف للحاجة المضمونية اليها لان مدار النص الحلم والحلم يحتاج الى تركيب جمالي فني حتى يؤدي غرضه
3 – وظف الكاتب الافعال بين المضارع والامر بما يتناسب والمضمون وقد نجح في ذلك فعلا

دالة خارجية
استطاع الكاتب ان يترجم حالته النفسية الى تداع حر ضرورة الخروج من الم الفقد وبالتالي رسم لنا من الكبت متنفسا اخر

هو الحلم وذلك الطيف الذي يبقى تحت السؤال ، انه الشوق الذي لا مفر منه سوى التحليق عاليا
وَأُحَلِّقُ فَوْقَ بَوْحُ
القَصَائِدْ..
لتكون الاديبة المبدعة (( ليلى غبرا )) عابرة لقطب البوح مرتلة ابجديتها بلمسة الساحر المتمكن من الادوات اللغوية
لك المجد مرفلا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل