الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


..وهل يليق بالصحفيين إلا النضال؟

سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)

2018 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لا تستوحشوا الصحافة الحرة لقلة مُريديها، فبيننا وبين الحق عهد قطعناه على أنفسنا بيمينٍ مغلظةٍ لا كفارة لها بألا نحيد عنه.
من ثوابت الكلم، أن الحقيقة لو نقلها ألف رسول ستظل كما هي، أما الكذب ففيه مليون رواية والعدد يقبل الزيادة في الصحافة "المكرمية والسلامية والعباسية".
في عالمٍ موازي، نطق مسئولون حكوميون بـ"أم ألسنتهم"، بأن هناك امتيازات للمحافظة والبلدة والقرية والمدينة التي تصوت بكثافة في الانتخابات الرئاسية أو بالأحرى الاستفتاء، وهناك من وعد علنًا الإبراشية الأكثر تصويتًا بـ100 ألف جنيه، إلا أنه عاد ولحس كلامه، وليس ببعيد مندوب التعليم الذي ظهر يحذر المعلمين من مغبة عدم التصويت وضرورة المشاركة في العملية الاستفتائية للهروب من المساءلة، وهذا كله إلى جانب الرشى بالزيت والسكر وشراء الصوت، وحينما حاولت صحيفة "المصري اليوم" ملامسة المهنية ونقل الواقع بمانشيت الدولة تحشد للانتخابات، وكشف موقع "مصر العربية" شراء الأصوات بتقارير مترجمة من صحف أجنبية، انطلق الطبالون والحكاكون والعباسيون وغيرهم يتهمون المنبرين الإعلاميين بالمؤامرة، فما كان من المجلس الأعلى للإعلام إلا أن تجاوز نقابة الصحفيين بأن أحال رئيس تحرير "المصري اليوم" وأحد الصحفيين للتحقيق مع فرض غرامة 150 ألف جنيه، وإلزام الجريدة بنشر اعتذار على نفس المساحة، مع تغريم موقع مصر العربية 50 ألف جنيه.
ظهر المزايدون يسكبون الزيت على النار ليزيدوا الأمور اشتعالًا، فهبت ريح صرصرٍ عاتية على المنابر الصحفية التي لازالت تُمسك بتلابيب الكلمة المسئولة.
البداية من موقع "مصر العربية"، بأن داهمت مباحث المصنفات الفنية مقر الجريدة بحي الدقي وطالبوا في البداية بتحصيل الغرامة، ثم فجأة تحول الأمر إلى البحث عن تراخيص الحي، وكأنهم في مطعم الشبراوي وليس مؤسسة صحفية، وفجأة تم إلقاء القبض على الزميل عادل صبري رئيس التحرير بحجة عدم وجود التراخيص، وتم تشميع المقر، مع العالم أن مخالفات الأحياء تنتهي بالتصالح.
أصدرت وزارة الداخلية بيانًا عن اقتحامها مقر الموقع، تقول فيه: "أنه فور ورود معلومات عن إقامة موقع بدون تراخيص"، متناسين أن الاقتحام الأخير هو الرابع على التوالي في 3 سنوات، في النهاية تم إلقاء القبض على الزميل عادل صبري بتهمة "تراخيص" الحي، وبعد يومين في سراي النيابة فوجئنا بقرار حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات ذمة اتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة"، و"التحريض على التظاهر"، و"الترويج لمذاهب ترمي لتغيير الدستور"، وفي الوقت ذاته، نادى 60 نائب في البرلمان بتعديل الدستور لإلغاء محدودية مدد الترشح لرئاسة الجمهورية، لكن النواب على دين ملوكهم.
في "المصري اليوم"، كان التضييق على أشده، فلم يكتفوا بالعقوبات والتحقيقات، بل اضطرت الإدارة إلى إبعاد رئيس التحرير الزميل محمد السيد صالح عن منصبه، دون أن تسميها إقالة أو استقالة، بل اسمتها "إنهاء تكليف"، ليظهر للقاصي والداني أن الخطة هي "تطويع المصري اليوم"، بدليل حجب موقع المؤسسة.
بين هذا وذاك يأتي إلقاء القبض على الزميل محمد أكسجين، ولا حاجة لنا بمعرفة الاتهامات المعروفة مسبقًا، لأنها نسخة مقلدة.
هنا يجب أن يترسخ في وجداننا أن الأيام القادمة لجيل يناير سيكون المتمسك بمبادئ ثورته كالقابض على الجمر.
وسط هذا الزخم الذي يجعل الصورة سوداوية، ترى صورة أخرى تدعو لإثارة الشفقة لمن يقولون أن الصحفي لا يعلن آراؤه السياسية، ناسين أو متناسين أن الأستاذ صلاح حافظ –على سبيل المثال وليس الحصر- أحد عباقرة المهنة كان شيوعيًا مطاردًا من الأمن وعضوًا في حركة "حدتو" السياسية الشيوعية.
مهما قُصفت أقلام، هناك حقيقة راسخة يدركها يقينًا كل من تحمل عناء أن يكون له قلم، أنه في كل نهاية لا يصح إلا الصحيح، لذلك هناك جيل من الشباب أقسم ألا ينجرف يومًا إلى الصحافة "المكرمية" أو "العباسية" أو "السلامية"، ويظل الشاب يكتب وينقل الواقع بصدق حتي يسجله التاريخ صحفيًا.
محاولات إخصاء الأقلام لن تفلح، وإلا لكانت نجحت محاولات الترهيب التي شُنت بقتل الحسيني أبو ضيف وميادة أشرف.
الفجوة والهوة بين المدرسة المهنية التي نريدها والمدرسة التطبيلية تتسع كل يوم بمعدلات غير مسبوقة، والفرق بيننا وبينهم، أننا نريدها مدرسة كلمة الحق لا لسان هذا ولا كلمة ذاك.
شكا رجل لأحد الأئمة علماء السلطان، فقال له: "بيننا وبينهم الجنائز"، وجنازتكم كانت في الراحل إبراهيم نافع رئيس تحرير الأهرام الأسبق الذي حشدتم الناس جبرًا لتوديعه، وجنازتنا كانت في الراحل الموهوب خريج مدرسة "المصري اليوم"، رضا غنيم، الذي جاء الناس له من كل فجٍ عميق ليقولون له الوداع على ما تركت لنا، مع الفارق أن العمر الذي قضاه إبراهيم في المهنة وهو 50 عامًا هو ضعف سن رضا غنيم عند وفاته.
الآن نجد تفسيرًا لحالة الصراع التي أصابت الأذناب من التوديع المهيب للعراب أحمد خالد توفيق.
أما وإن كان من بيننا الحسيني أبو ضيف وميادة أشرف ورضا غنيم فهل يليق بالصحفيين إلا النضال؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟