الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كش مات ... حكومة يوسف الشاهد و شهوة المتناقضات في فلك الاتحاد العام التونسي للشغل و طواحين السياسة في قصر قرطاج.

رضا لاغة

2018 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن اللغة الخشبية من قبيل : نحن نثق في الاتحاد و ما شابه والتزاما بالواقعية الجديدة في فهم المشهد الوطني ، ثمة شرارة انطلقت و ها نحن ذا ننتظر متى تنفلق انفلاقا مفاجئا. يقول البعض إنها سطوة الوعي النضالي لدى الجامعة العامة للتعليم الثانوي الذي يتّسم بالفحولة. وآخرون يقولون إنها خيبة أمل حكومة عارفة بخفايا مصيرها.لكم هي في حاجة لاحتجاج يفقدها صوابها في غمرة الوفود و الوسطاء . فلا خسران بعد اليوم ، فقد بلغت حد الموت كمدا.و كأنّ ما لم يؤخذ بالحوار قد يستردّ بالهروب نحو هذه اللا الغليظة .نحو ضفّة الاقتطاع و حجب الجرارات وفق منطق تعرّي نعرّي و تورّي نورّي .
هكذا هي الصورة اليوم : اصرار على المواجهة الشرسة بدل التفاوض بما هو فن إدارة الحوار الرشيد باعتماد آليات محددة في اتخاذ القرار.
لنتّفق في البداية أننا ننحني هيبة و وقارا للأطراف المتصارعة. فالنقابة العامة أمضيت فيها زهاء عشرون سنة حين حدثت ولادتي المهنية بقرار احالتي على مجلس التأديب لكوني قمت بتأطير إضراب وأنا لا زلت بعد في مرحلة التربّص. فبدأت الرحلة من هناك. أما عن وزارة التربية فهي تجسّد عصور تاريخية متعاقبة من التسيير الاداري ، لكل عصر منطقه الداخلي و لكنها تظلّ بكل مكوناتها ( إداريين ، عملة ، مربين ، قيمين ...)رمزا لصورة الانسان المستنير. إن شعار التنوير لا يجعل الوزارة في مأمن من كل نقد كما أن شعار الفحولة المتواصلة لكفاح قطاع الجامعة العامة للتعليم الثانوي لا يغنيه عن ضرورة تجديد الخطاب الذي يناقش الخيارات العامة للوزارة برؤية البناء و التأهيل.
من هذا المنطلق رأينا أنه من واجبنا بلورة قراءة تحليلية توضح بنية الصراع ضمن شبكة علائقية بين متدخلين كثر.لذا توجد قوى تعمل بموازين التطويق الذي يهتّك الخصم. و بلغة العامة تكسير عظام.إن مثل هذا الأسلوب في إدارة الصراع رأيناه عند قرار الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي القاضي بحجب الأعداد كما رأيناه عند رئيس الحكومة الذي رحّل المشكل إلى مجلس وزاري و هو اجراء يخفي وراءه إرادة التصعيد غير المتكافئ الذي يكاد يعصف بالحكومة.
هنا تزداد القضية تعقيدا بالنظر إلى التنافر الذي جدّ بين المركزية النقابية وفق ما صرح به الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل . و لكي لا يظل الكلام نظريا تحرّك الاتحاد في استعراضات جماهيرية بسوسة و بنزرت و وصف الحكومة بكونها حكومة تصريف أعمال.
إن المتأمل في المعجم المعتمد من قبل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل يلفّه التضامن البالغ الموحي بالوقوف مع نقابة التعليم الثانوي و هو معنى عمّقته الهيئة الادارية الموسّعة التي عقدتها المركزية النقابية.
إن المقترحات التي خرجت بها الهيئة الادارية لا يمكن عزلها عن السياق السياسي العام. فقد اقتحمت مجال الاقتراح لتعبّر عن سقف للتفاوض يبدو أنه مقنع للجامعة العامة للتعليم الثانوي و سيتمّ تمريره في الهيئة الادارية التي سيعقبها قرار رفع حجب الاعداد. فما الذي جدّ إذن وحال دون هذه التسوية؟
لا شك أن التفاوض صناعة ماهرة تبوح بخباياها في نعومة المجالس الموازية. هنا كلنا يتذكر التصريح الذي أذاعه السيد وزير التربية على القناة الوطنية . في هذا الخروج يمكن للمتتبع أن يلاحظ رسالتين:
الأولى أن ثمة اتفاق قدمته المركزية النقابية وهو موضع قبول من قبل السيد وزير التربية كتقدير شخصي . و الثانية أن ترحيل المشكل إلى المجلس الوزاري يجعل من رئيس الحكومة هو صاحب الحل. و لكن هذا بدوره ينقلنا إلى سؤال جديد : بما يفسر هذا التشدد البالغ من قبل حكومة تتلاعب بها أقدار السياسة؟ و هل تفاقم التصعيد يوكل للحكومة فحسب أم ينسحب أيضا على المركزية النقابية ؟ لا حظوا هنا أنني استثنيت الجامعة العامة للتعليم الثانوي رغم كونها الطرف الأساسي في الصراع .
لنفهم اجماليا طفرة التصعيد التي ميّزت موقف المركزية النقابية ، على غير عادتها، مقارنة بفحولة مواقف قطاع التعليم الثانوي، يجب أن نستدعي خفايا اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية و أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل.
الاجتماع انبنى على منطق خطير لكلا الطرفين: من جهة الامين العام: يمكنني حل مشكل التعليم الثانوي و الحل موجود و لكن في المقابل رحيل الحكومة قبل الانتخابات البلدية. تمرير هذا الشرط على رئيس الجمهورية يخدش من سلطة قراره . تأجيل الانتخابات البلدية و حسم خلاف التعليم الثانوي يخدش هيبة الأمين العام الذي صرّح بكون الحكومة هي حكومة تصريف أعمال . رغم هذا التقاطب فإن مستقبل رئيس الحكومة قد حسم لدى الطرفان ولكن الأول يعتبر الرحيل بعد الانتخابات و الثاني يشدد على الرحيل قبل الانتخابات.
طبعا هذا ليس مجال للتنبؤ و الدليل على ذلك وعي رئيس الحكومة بالحالة الدرامية التي تردّى فيها وهو ما يفسر شجاعة التصعيد الذي يلوّح به في حق أشرس قطاع في تاريخ النضال النقابي. فمن الطرق لمجابهة السقوط هي الهجوم الذي يغذّيه مبدأ المشاركة في القطبية. ليصبح رئيس الحكومة جزءا من الحل.
ما أريد أن أخلص إليه أن نقابة قطاع التعليم الثانوي هي قبلة اهتمام متدخلين كثر. و إذا لم يع هذه المنظورات المتعددة فوّت كل مقبولية محتملة لإيجاد حل هو في الحقيقة يخضع لشروط و ضوابط تفرضها لعبة السياسة و موازين القوى. في هذا المقطع سيتولى رئيس الجمهورية كعادته ، وفق نظرة تكريس حكمة البطل بتحوير وزاري ترفضه النهضة و لكن تقتضيه المصلحة الوطنية. إنه الحل الذي يستثمر رضى الاتحاد و هيئبة الرئاسة التي تحافظ على قائد سفينة الحكومة و انجاح السنة الدراسية و احترازات رئيس الجمهورية (اعادة انتشار الحكومة خشية من مستقبل الانتخابات الذي يبدو غير واضح ( النداء).
كان اذن قرار حجب الاعداد و التلويح بحجب الجرايات ليس مجرد حالة عمياء تحدث في الفراغ بل قطعة من الحياة السياسية التي تقاطعت فيها إرادة التعليم الثانوي و إرادة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل. وهو تقاطع نادر قلّ ما يحدث لقوة حرارة اندفاع التعليم الثانوي و السردية العقلانية التي لطالما تسحبها المركزية على ذاتها.لذلك ليس هينا على الهيئة الادارية للتعليم الثانوي أن تسخّر بدورها الوسائل السردية الممكنة لتبدو أكثر منطقية أمام العدسة الراصدة لرأي عام احترف حواراللقطة و المشهد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟