الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب النضال التقدّمي- تونس : طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة

ناظم الماوي

2018 / 4 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


حزب النضال التقدّمي- تونس : طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة
طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة
الفصل الخامس من - تعرية تحريفيّة حزب النضال التقدّمي و إصلاحيّته ، إنطلاقا من الشيوعيّة الجديدة ، الخلاصة الجديدة للشيوعيّة -

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
و الروح الثوريّة للماوية المطوَّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة – الشيوعيّة الجديدة

( عدد 34-35 / جانفي 2018 )

تعرية تحريفيّة حزب النضال التقدّمي و إصلاحيّته ، إنطلاقا من الشيوعيّة الجديدة ، الخلاصة الجديدة للشيوعيّة

ناظم الماوي


تعرية تحريفيّة حزب النضال التقدّمي و إصلاحيّته ، إنطلاقا من الشيوعيّة الجديدة ، الخلاصة الجديدة للشيوعيّة

هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه .
( كارل ماركس ، " الصراع الطبقي فى فرنسا 1848-1850 " )
-----------------------------------

يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية و الأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي – الديمقراطي [ الشيوعي ] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل ، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع .
( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو )
-----------------------------------

قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم ، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية و إهتراء .
( لينين ، " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " )
تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون . وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان . فبين الضدين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد ، و هذا ما يبعث الحركة و التغير فى الأشياء . إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أنذ طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء . فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدّد هي ظاهرة مقيّدة ، ومؤقتة ، و إنتقالية ، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقييد .

( ماو تسى تونغ ، " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " 27 فبرلير – شباط 1957 ؛ الصفحة 225-226 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " )

-------------------------------------------
إنكم تقومون بالثورة الاشتراكية و بعد لا تعرفون أين توجد البرجوازية . إنّها بالضبط داخل الحزب الشيوعي – أولئك فى السلطة السائرون فى الطريق الرأسمالي .
ماو تسى تونغ – سنة 1976
--------------------------------------------
فى عالم يتميّز بإنقسامات طبقية ولامساواة إجتماعية عميقين ، الحديث عن " الديمقراطية " دون الحديث عن الطبيعة الطبقية لهذه الديمقراطية ، بلا معنى وأسوأ . طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات، لن توجد " ديمقراطية للجميع " : ستحكم طبقة أو أخرى وستدافع عن وتروّج لهذا النوع من الديمقراطية الذى يخدم مصالحها و أهدافها . المسألة هي : ما هي الطبقة التى ستحكم وإذا ما كان حكمها ونظام ديمقراطيتها ، سيخدم تواصل أو فى النهاية القضاء على الإنقسامات الطبقية و علاقات الإستغلال والإضطهاد و اللامساواة المتناسبة معه .
بوب أفاكيان ، مقولة مثلما وردت فى القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري - الولايات المتحدة الأمريكية ،2008
-------------------------------------------
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية.
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره "، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005)


مقدّمة :
فى سياق الرحلة الطويلة التى أبحرنا فيها منذ سنوات الآن ، الشاقة حينا و الشائقة أحيانا ، رحلة كشف تحريفية و إصلاحيّة معظم فرق اليسار المتمركسة و إيضاح أنّه لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة و أنّ الماوية الثوريّة اليوم ، الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة الثوريّة أو الشيوعية الثوريّة اليوم ، تتجسّد فى الخلاصة الجديدة للشيوعية – الشيوعيّة الجديدة ، نحطّ الرحال عند حزب النضال التقدّمي الذى سنتفحّص مليّا خطّه الإيديولوجي والسياسي بالقدر الذى تسمح به لنا الوثائق التى تحصلنا عليها إلى حدّ الآن و أمّهات القضايا بؤرة تركيزنا في الوقت الحاضر . و هذا الحزب كما يقدّمه أصحابه هو إمتداد لحلقة " المناضلين الشيوعيين " التى تشكّلت فى أواخر ثمانينات القرن العشرين . و لفترة وجيزة من الزمن فى السنوات الأخيرة ، كان من أبرز وجوهه الإعلاميّة المعروفة النائب هشام حسنى الذى إستقال من الحزب ( أو أُقيل منه ) نهاية سنة 2012 أمّا أبرز القادة الذين يمكن أن نطلق عليهم منظّري الحزب فهو أمينه العام د. محمّد لسود ذلك أنّ أهمّ النصوص المرجعيّة لهذه المجموعة قد أتت بإمضائه .
و يعدّ هذا الحزب نفسه ممثّلا لتيّار تجاوز تشرذم منظّمات الملل اليساريّة و ذاتيّة فرق اليسار الماركسي و خاصّة منها ما يسمّيه بمجموعات " الخطّ الوطني الديمقراطي " و " الخطّ الألباني " ، من أجل حزب للطبقة العاملة واحد موحّد ، يقول . و يدّعى هذا الحزب أنّه ينطلق من الماركسيّة – اللينينية و أنّه خاض معاركا نظريّة جمّة إعلاء لرايتها و تطبيقها و تخصيصها على الواقع العياني .
و نحن فى عملنا هذا سنبيّن بالدليل القاطع و البرهان الساطع أنّ هذه المجموعة لا تعدو أن تكون مجموعة أخرى ماركسيّة – لينينيّة زائفة و أنّها قبل كلّ شيء وفوق كلّ شيء تسعى إلى دفن الماركسية – اللينينيّة و جعلها نسيا منسيّا و هو ما سنفصّله أدناه ، خطوة خطوة إنطلاقا من نصوص الحزب إيّاه وما نشره على موقعه على الأنترنت :
www.moussawat.com
وينهض جدالنا هذا الذى ننأى به عن المماحكات السجاليّة على الأعمدة التالية ، إضافة إلى هذه المقدّمة :

1- حزب لا ينتمى إلى الحركة الماركسية – اللينينية :
أ- خارج الحركة الماركسية - اللينينية من النشأة إلى الآن
ب- التجارب الإشتراكية للقرن العشرين وتصفويّة حزب النضال التقدّمي
ت- لا وجود للستالينيّة ، إنّها الماركسية – اللينينية
ث- تبييض وجه الإمبريالية الإشتراكية
ج- فهم حزب النضال التقدّمي للإشتراكية فهم غريب عن الماركسية – اللينينية
ح- الإشتراكية العلمية أم الشيوعية ؟
2 - تحريف حزب النضال التقدّمي للينينيّة :
أ- الأمميّة البروليتاريّة و إنعزالية حزب النضال التقدّمي
ب- وحدة شيوعية ثوريّة أم وحدة تجاوزيّة إنتهازيّة ؟
ت- نظرة حزب النضال التقدّمي البرجوازيّة للديمقراطية البرجوازيّة
3- النظريّة و الممارسة و تحريفيّة حزب النضال التقدّمي :
أ- نظريّا : جهل و تجهيل و عموميّات تروتسكيّة
ب- التنظير و الممارسة الإصلاحيّين
ت- التوحيد النظريّ و مثاليّة ميتافيزيقيّة محمد لسود
ث- مرض الحتميّة ينخر عظام حزب النضال التقدّمي
4- منهج حزب النضال التقدّمي غريب عن الماركسيّة - اللينينية :
أ- الذاتيّة والمنهج التاريخي و النظرة الشيوعية إلى العالم
ب- دمج الإثنين فى واحد أم إنشطار الواحد
ت- الحقيقة الموضوعيّة الماديّة مهما كانت أم الإنتقائيّة و البراغماتية ؟
ث- المثاليّة الميتافيزيقيّة أم المادية الجدلية ؟
5- طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة :
أ- طبيعة العصر
ب- رأسماليّة متخلّفة أم رأسمالية كمبرادورية ؟
ت- إصلاحيّون أم ثوريّون ؟
6- برنامج حزب النضال التقدّمي برنامج برجوازي إصلاحي :
أ- برنامج برجوازي إصلاحي
ب- أوهام برنامجيّة
ت- برنامج حزب النضال التقدمي مبتور أصلا
7- فشل مشروع الخطّ التجاوزي لحزب النضال التقدّمي :
أ- تأسيس حزب لم يكن ينشده الخطّ التجاوزي
ب- تحالفات إنتهازيّة
ت- موقف إنتهازي يميني من إنتخابات دولة الإستعمار الجديد
الخاتمة :
المراجع :
الملاحق (4) :
( الملاحق 1 و 2 و 3 ترجمة شادي الشماوي نشرت على موقع الحوار المتمدّن )
1- لتحي الماركسية – اللينينية – الماوية
2- إعادة تصوّر الثورة و الشيوعية : ما هي الخلاصة الجديدة لبوب أفاكيان؟
3- الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة
4- محتويات نشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " /
من العدد 1 إلى العدد 33 – بقلم ناظم الماوي


===================================================
5 - طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة :

فى منتهى الأهمّية بالنسبة للشيوعيين الثوريين حقّا تحديد طبيعة المجتمع الذى يناضلون فى إطاره و طبيعة الثورة المطلوبة ذلك أنّ تحديد طبيعة المجتمع تحديدا علميّا تعنى فهم الواقع فهما علميّا و تحديد طبيعة الثورة علميّا تعنى تحديد كيفيّة تغيير المجتمع بإتجاه الشيوعية . و هذا هو المطلوب ماركسيّا ، تفسير الواقع محلّيا و عالميّا و تغييره ثوريّا كجزء لا يتجزّا من الثورة البروليتاريّة العالمية و صوب الشيوعية على النطاق العالمي .
و أوّل سؤال يتبادر إلى ذهننا هنا كما قد يكون تبادر إلى ذهن القرّاء هو : هل أنجز حزب النضال التقدّمي دراسة ملموسة و علميّة موثّقة توثيقا جيّدا للواقع الملموس لطبيعة المجتمع فى القطر ؟
على حدّ علمنا و ما نُشر و راج من وثائق هذا الحزب ، لا وجود لديه لمثل هذه الدراسة ، فى حين أنّ للتيّارين المتفرّعين عن الحركة الماركسية – اللينينية و نقصد الماوي و الخوجي دراستين معروفتين ليس هنا مجال الخوض فيهما . و هكذا مرّة أخرى ، نلفى هذه المجموعة تمارس الحدّ الأدنى من الوضوح الإيديولوجي و السياسي و تنشر العموميّات و تكرّس عكس ما تعلّمنا إيّاه اللينينية من تحليل ملموس للواقع الملموس ومع ذلك تتمادى فى إدعاء تبنّى الماركسية – اللينينية !
غريب امر محمد لسود هذا إذ هو فى " فى نقد الخطّ الوطني الديمقراطي " ينحى باللائمة على ماو تسى تونغ بل يتجنّى عليه كاتبا : " قد كان واجب ماو أن يتّخذ صيغة لينين كمنطلق وأن يقوم بدراسة ميدانية لإعادة استخراجها من الواقع ، وهذا هو التخصيص " و يتحدّث عن الدراسة الميدانية و التخصيص الضروريّين و لا ينجز منهما شيئا فيمارس مرّة أخرى " حقيقة هنا ضلال هناك " !
أ- طبيعة العصر :
لقد حدّدت الحركة الماركسية – اللينينية و الحزب الشيوعي الصيني وماو تسى تونغ على رأسها أنّ العصر هو عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية . هو عصر الإمبريالية المهيمِنة و المسيطِرة على العالم و عصر نقيضها ، الثورة الإشتراكية المهيمَن عليها . راهنا المظهر الرئيسي للتناقض بداهة هو الإمبريالية و المظهر الثانوي هو الثورة الإشتراكية. و هذا التحديد المادي الجدلي صائب يقدّم لنا حقيقة تناقض / وحدة أضداد تسود العالم .
و تجدر الإشارة إلى أنّ الحركة الماركسية - اللينينية شرحت ، لمّا كان الحزب الشيوعي الصيني يقودها، أنّ الثورة البروليتارية العالمية فى هذا العصر باتت متشكّلة من تيّارين هما الثورة الإشتراكيّة فى البلدان الرأسمالية - الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى البلدان المستعمَرة و فى أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و كلا الثورتان يترتّب أن تقودهما الأحزاب الشيوعية والإيديولوجيا الشيوعية .
لينينيّا و حقيقة ملموسة لمس اليد ، العالم منقسم إلى حفنة من البلدان الإمبريالية من جهة و غالبيّة من الشعوب و الأمم المضطهَدَة من جهة أخرى . و تروتسكيّا ، العالم برمّته رأسمالي لا يوجد فيه نوعين مختلفين من الثورات بل نوع واحد هو الثورة الإشتراكية فى كافة بلدان العالم . وقد تميّزت الخوجيّة بهذا الصدد بترجيحها كفّة الرؤية التروتسكيّة و تطبيقها عمليّا . و كتاب أنور خوجا " الإمبريالية و الثورة " خير دليل على ذلك . و الخوجيّون المفضوحون ( حزب العمّال التونسي و ما تفرّع عنه ) ردّدوا إلى سنوات أخيرة الأطروحات الخوجيّة . أمّا الخوجيّون المتستّرون من مثل الوطد / الوطنيّون الديمقراطيّون ( الوطد الثوري + الوطنيّون الديمقراطيّون الماركسيّون اللينينيّون ) فقد إحتفظوا بالتحليل اللينيني لإنقسام العالم و بطبيعة الثورة الوطنيّة الديمقراطية التى منها إستقوا إسمهم إلاّ أنّهم ، تحت تأثير الخوجيّة ، تراجعوا عن إستراتيجيا الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنيّة الديمقراطية ، عن الحرب الشعبيّة طويلة الأمد ودون أن يعلنوا ذلك صراحة ، يكرّسون النظرة الخوجيّة – التروتسكيّة للنضال و طرقه فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة .
وعند ولادة حلقة " مناضلون شيوعيّون " كان عليهم أن يواجهوا فى تحديد طبيعة المجتمع طبيعة العصر و المواقف اللينينية و التروتسكية و شأنهم شأن " الوطد " المشار إليه أعلاه تبنّوا جوهر المقولات الخوجيّة – التروتسكيّة ، على أنّهم أخرجوها بطريقتهم الخاصّة و الخاصّة جدّا حتّى يبدو ظاهريّا أنّهم تجاوزوا تيّاري الحركة الماركسية – اللينينية ، الماوية و الخوجيّة . فأضحى مناضلو و مناضلات التيّار التجاوزي على خلاف اللينينيّة ، يعدّون " التناقض الرئيسي الذى يحكم مجمل الصراع السياسي العالمي فى المرحلة الإمبريالية " " التقدّمي ...و يقابله القطب الرجعي " ( " برنامج حزب النضال التقدّمي "، ص 3 ) و يقسّمون العالم إلى بلدان رأسمالية متقدّمة و بلدان رأسماليّة متخلّفة للتعمية على الجوهر التروتسكي لأنّ طبيعة الثورة فى نهاية المطاف فى كلا البلدين إشتراكية ، من نوع واحد " طبيعة الثورة إشتراكيّة " .
ومن المهمّ أن نتبسّط فى مسألة إستقلال البلاد من عدمه و تبعات ذلك البرنامجيّة. ففى " برنامج حزب النضال التقدّمي "، كتب الجماعة : " و الشعب العربي فى تونس محكوم هو الآخر بذات القوانين الشاملة التى تربط أواصر تحرّره من الإستعمار مع نضاله من أجل تحقيق المساواة ، و أعداؤه على الجبهتين هم نفس القوى أي الإمبريالية العالميّة و حلفاؤها فى الداخل " بما يعنى طبعا أنّ البلاد عمليّا غير مستقلّة و هو ما سيشدّد عليه فى مناسبات أخرى منها نصّ " تونس ليست دولة مستقلّة - ملابسات صفقة 20 مارس 1956 و فصولها الجديدة " و نصّ " لوائح المؤتمر الأوّل " أين قيل : " تسلّم الكومبرادور السلطة فى البلدان العربيّة متوسّلا إلى ذلك بتسويات مع الدول الإستعماريّة من أجل التحصيل على إستقلال شكليّ يموّه به على الجماهير ..." .
و هكذا الإستقلال شكلي و تمويهي و مفاد ذلك غياب الإستقلال الحقيقي و الفعلي جوهريّا ( ضد شكليّا ) و لكن عنوان " بيان بمناسبة إتفاقيات 20/3/1956 و محاولات إعادة تكريسها مرّة أخرى " يوحى بأنّ هذه الإتفاقيّات قد ألغيت فى وقت ما و الجميع يعلم أن ذات الدولة ظلّت قائمة قبل الإنتفاضة الشعبيّة و أثناءها و بعدها . و زد على ذلك أنّ الإستقلال الشكلي يعنى أنّ المسألة الوطنيّة مطروحة و أنّ البلاد ترزح تحت وطأة إستعمار جديد و أنّ الرأسماليّة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ليست رأسماليّة متخلّفة أو متقدّمة و إنّما رأسماليّة كمبرادوريّة مرتبطة بألف خيط و خيط بالإمبراليّة العالمية و الرجعيّة المحلّية . بيد أنّ حزب محمد لسود يتجنّب الحديث عن الإستعمار الجديد و عن الرأسماليّة الكمبرادورية و عن المسألة الوطنيّة و يعلن بمثاليّة و فجاجة نوعا من الرأسماليّة لا علاقة له بالماركسية – اللينينيّة ( " برنامج ..." ، ص 3 ) " الطبيعة الرأسماليّة للمجتمع فى تونس ليست محلّ شكّ و هي من النوع الرأسمالي المتخلّف ، تونس بلد رأسمالي متخلّف " و يردف ذلك بقفزة على المسألتين الوطنيّة و الديمقراطيّة ( و تغييب متعمّد لمكوّن من أهمّ مكوّنات المسألة الأخيرة " الأرض لمن يفلحها " من برنامجه) فتكون " طبيعة الثورة إشتراكية "( ص 3).
و قبل نطق " طبيعة الثورة إشتراكيّة " تلعثم لسان حال الجماعة و سبكوا تخريجة تروتسكيّة جديدة أيضا هي " مراحل الثورة فى البلدان الرأسماليّة المتخلّفة تتّصف بالتداخل بين ضرورة إستكمال المهام التى إستهلّتها البورجوازيّة و نكصت عنها كطبقة لاتاريخيّة و إستهلال مهام الثورة الإشتراكية ". و قد ينتفض قارئ أو قارئة يبحث أو تبحث عن عين الصواب و يصرخ أو تصرخ " ثورة إشتراكية " و إستكمال و إستهلال ؟ ما هذا ؟ ثمّ هل هي مرحلة أم مراحل ؟ و إن كانت مراحل فما هي هذه المراحل ؟ " !!!
و الأدهى أنّ ما ينكره التجاوزيّون هنا يقرّونه فى مكان آخر . حقيقة هنا ضلال هناك مجدّدا . فلمّا يدور الحديث عن أمريكا اللاتينيّة يتمّ الإفصاح عن " تحقيق المهام الوطنيّة و الديمقراطيّة و تدشين مسار الثورة الإشتراكية " و عن " مسار يدمج المهام الوطنيّة و الديمقراطيّة بالبناء الإشتراكي " ( " المدّ اليساري فى أمريكا اللاتينيّة " ) . عملية الدمج هذه و " برنامج الثورة الإشتراكيّة الدائمة " أطروحات تروتسكيّة لا غبار عليها تنضاف إلى القفز على الإستعمار الجديد و تحديد طبيعة المجتمع بالرأسماليّة و رؤية العالم على أنّه رأسمالي كلّه . و ها أنّ الحصاد التروتسكي من جنس البذار !
لخبطة هذه الأطروحات التروتسكيّة التى يعيدها حزب النضال التقدّمي أنف لحزب العمّال التونسي أن حاول تجاوزها بطرح الثورة الديمقراطية الوطنيّة فالديمقراطية بعد أن طرح فى بداياته ثورة إشتراكية . ولكنّ الحزب الأوّل يعاند و يكابر و يسعى لتحوير الوقائع و قولبتها إلاّ أنّها تستعصى عليه فيعمد إلى السفسطة و عند تجسيد جوهر رؤيته اليسراويّة قولا و اليمينيّة فعلا يخرج علينا ببرنامج ديمقراطي برجوازي يلتقى فى معظمه مع حزب العمّال التونسي و كلاهما يغمضان تماما أعينهما عمليّا عن " الثورة الإشتراكيّة " و مستلزماتها !
بدعوى تطبيق القراءة التاريخيّة و التجاوز يهدر هؤلاء الماركسيوّن – اللينينيّون جدّا جدّا التحليل اللينيني للعصر و الفرق الكيفي بين النوعين من الثورات ويعيدون الأطروحات التروتسكيّة لستّينات القرن العشرين وسبعيناته فى القطر والتى يلتقى حولها هذا الحزب و حزب العمّال التونسي و التروتسكيّون طبعا . جديد التجاوزيّون قديم تروتسكي . إنّهم أتوا جديدا هو فى الأصل القديم التروتسكي وصبغوه بطلاء ماركسي – لينيني ليضلّلوا به الناس و يغالطونهم ، فهنيئا لهم بالجوهر التروتسكي و الطلاء الخارجي الماركسي – اللينيني !
ب- رأسماليّة متخلّفة أم رأسمالية كمبرادورية / بيروقراطية ؟
لطالما ردّد الخوجيّون المفضوحون ( حزب العمّال الشيوعي التونسي وما آل إليه ) أن تونس بلد رأسمالي إلاّ أنّهم كانوا ينعتون الرأسماليّة بالتابعة تمييزا لها عن الرأسمالية الإمبريالية و لو أنّهم طرحوا ثورة إشتراكية ثمّ تراجعوا إلى ثورة ديمقراطية وطنيّة و تاليا إلى ثورة ديمقراطية ... و الخطّ التجاوزي المتّبع للخطى الخوجيّة فى هذا الباب ، قصد التعمية على طمس الفرق بين طبيعة الثورة فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية و تلك فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة و المستعمرات الجديدة ، أضاف من عنده نعت متخلّفة .
فى حين أنّ الماركسية – اللينينية لا تعيّن طبيعة المجتمع بنعت تقدّم أو متخلّف و إن إستعمل لينين الوصفين إيّاهما للحديث عن البلدين و للحديث عن تحوّلات عالميّة ناعتا آسيا بالمتقدّمة و أوروبا بالمتخلّفة عندما هبّت رياح الثورة على آسيا و خبت الحركة الثوريّة فى أوروربا فإنّه لم يستعمله لتعيين طبيعة المجتمعين . و إن قرأنا كتاب لينين عن تطوّر الرأسماليّة فى روسيا نستخلص دون عناء أنّ المجتمع الروسي حينها رأسمالي و بالمقارنة مع البلدان الرأسماليّة الأخرى يعدّ متخلّفا بيد أنّ لينين أوضح أنّ الرأسماليّة هناك رأسماليّة بلد مستقلّ و مستعمِر و سجن أمم و ليست رأسماليّة بلد مستعمَر. و يبدو أنّ محمد لسود يسعى هو الآخر مثله مثل التروتسكيّين و الخوجيّين المفضوحين إلى صبّ المجتمع التونسي فى القالب الروسي . و هذا منه فى آن معا ذاتية و لاتاريخيّة ، هو الذى وضع نفسه بطل أبطال مقاومة الذاتيّة فنشاهده هنا يقوم بعمليّة نسخ و إلصاق ، نسخ إستنتاجات تخصّ روسيا قبل أكثر من قرن من الزمن و إلصاقها بالمجتمع هنا متجاوزا ( و هذه من شيم الخطّ التجاوزي ) بمثاليّة فجّة لاتاريخيّة معطيات الواقع الملموس و الآن الزمان و هنا المكان .
رأسماليّة روسيا رأسماليّة وطنيّة لبلد إستعماري رغم تخلّفها نسبة للبلدان الرأسمالية الأوروبّية الأخرى . و الرأسماليّة فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات رأسماليّة كمبرادورية هي إفراز لتواصل الإستعمار فى شكل جديد و تشويهه لتطوّر المجتمع وجعله مرتبطا و مرتهنا ومندمجا بالنظام الإمبريالي العالمي ويخدم الإمبريالية العالمية و الطبقات الرجعية المحلّية .
الرأسمالية الكمبرادوريّة أو البيروقراطية كما طوّر فهمها ماو تسى تونغ و كما أثبتت التحاليل العلمية للنظام الإمبريالي العالمي صحّتها ، تتعايش مع أنماط ما قبل رأسمالية يدمجها النظام الإمبريالي العالمي فى سيرورة تطوّره ليستخدمها أو يهمّشها . و يتميّز تطوّر الرأسمالية الكمبرادوريّة وما يصاحبها من تعايش مع أنماط ما قبل رأسماليّة ( و لا نعنى بالتعايش عدم التأثير و التأثّر و أحيانا ، لحاجات الطبقات المحلّية و الإمبريالية العالمية ، يتمّ القضاء الجزئي أو الكلّي على جوانب من أنماط الإنتاج ما قبل رأسماليّة و أحيانا أخرى يتمّ إنعاشها و التشجيع على إعادة إنتاجها أو توسيع إعادة إنتاجها و الأمثلة على ذلك كثيرة محلّيا و قوميّا و عالميّا و لا يسمح المجال بتفصيلها ) بالتفكّك فى بنية القطاعات وهيكلة العلاقات بينها فتكون قطاعات الإقتصاد غير متكاملة و موجّهة أساسا لخدمة الإمبريالية و الطبقات الرجعيّة المحلّية و ليس لخدمة حاجيات طبقات الشعبيّة وبناء إقتصاد مكتفى ذاتيّا .
وعلى غرار الخوجيين والتروتسكيين ، طبيعة الثورة يعيّنها " برنامج حزب النضال التقدّمي " على أنّها إشتراكية . و لكن كخوجيي ما بات يسمّى بحزب العمّال التونسي لم يستطع أصحاب الخطّ التجاوزي الإفلات من الواقع و إضطرّوا مثل حزب العمّال التونسي إلى إضافة طبيعة ديمقراطيّة للثورة و سرعان ما إنقلبوا عليها فى حركة بهلوانيّة تروتسكيّة . إستمعوا لهم : " نظرا للتشويه والزيف اللذين يسمان طبيعتي المجتمع و الدولة فإنّ مراحل الثورة فى البلدان الرأسماليّة المتخلّفة تتصف بالتداخل بين ضرورة إستكمال المهام التى إستهلّتها البورجوازيّة و نكصت عنها كطبقة لاتاريخيّة و إستهلال مهام الثورة الإشتراكيّة ، لا يمكن وصف طبيعة الثورة بغير المهام التى تميّزها و تنفرد بها ، طبيعة الثورة إشتراكيّة " . (ص 3 )
حقّا لم يفقه هؤلاء التجاوزيّون المطليّون بألوان ماركسيّة - لينينيّة تزول كلّما نزلت أمطار الحقيقة و جوهر أطروحاتهم هنا خوجي تروتسكي أنّ التناقضات المختلفة تعالج بطرق مختلفة كما أوضح ماو تسى تونغ فى " فى التناقض " :
" إنّ التناقضات المختلف من حيث طبيعتها لا يمكن أنتحلّ إلاّ بطرق مختلفة طبيعيّا " ( مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة – المجلّد الأوّل ، ص 468 ؛ بالعربيّة ، دار النشر باللغات الأجنبيّة بيكين ) .
و هذا ، و نسطّر على ذلك ، لا يعنى البتّة أنّه لا ينبغى على الشيوعيين الماويين الثوريين ، أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية بما هي شيوعية اليوم و الفهم الأكثر تقدّما لعلم الشيوعية اليوم ، أن يولوا الإهتمام اللازم لدراسة التغيّرات الطارئة على الوضع العالمي و المحلّى و تبعات ذلك تكتيكيّا و إستراتيجيّا . إنّها مهمّة تنتظر الإنجاز محلّيا و عالميّا .
ت- إصلاحيّون أم ثوريّون ؟
لقد بدأت المجموعة المؤسّسة لحزب النضال التقدّمي نشاطها ك " مناضلين شيوعيين " و إنتهت إلى تعريف نفسها كقوّة تنويريّة تحديثيّة تقدّمية ( فصيلا من قوى التنوير و التحديث و التنمية – " البيان التأسيسي " ). و البون شاسع . و التخلّى عن نعت الشيوعيين يعيد إلى أذهاننا تخلّى أمثالهم فى حزب العمّال التونسي عن هذا النعت و قد أفردنا للحزب الخوجي المفضوح بتلك المناسبة مقالين جداليين عنوانهما " حزب العمّال " الشيوعي " التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع " و " حزب العمّال " الشيوعي " التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع (2) " صدرا على موقع الحوار المتمدّن . و من الداّل للغاية أن يتخلّى التجاوزيّون عن نعت الشيوعيين ويغيّرونه بالتقدّميين . العمليّة إفراز و تعبير فى نفس الوقت عن الإنحدار المستمرّ نحو الرمال المتحرّكة للديمقراطية البرجوايّة .
فى الوقت الذى نبّه فيه لينين إلى ضرورة أن يحمل أي حزب شيوعي حقيقي نعت الشيوعي كتعبير صريح و جليّ عن الهدف الأسمى لنضاله ، يهرع أعداء اللينينيّة إلى التخلّص من النعت و كأنّه الطاعون و بلا خجل و دون ان يرفّ لهم جفن يزعمون أنّهم ماركسيّون – لينينيّون . و من آخر صرخات الموضة الإصلاحية و التحريفية فى السنوات الأخيرة لا سيما منذ تسعينات القرن العشرين التنصّل من نعت الشيوعي و ما يسبقه و يتبعه من تنصّل من الماركسية و ذلك تخصيصا للشيوعية على الواقع !
ونحن نعلم علم اليقين أنّ هناك و قد وُجدت و ستوجد أحزاب تحمل نعت الشيوعيّة و مع ذلك هي ليست شيوعية فى جوهرها إلاّ أنّ الموجة الحاليّة لتنصّل المتمركسين من هذا النعت المشير إلى الهدف الأسمى يدخل ضمن حزمة تحريفيّة تتلخّص فى مبدأ برنشتاين الذى فضحه لينين " الحركة كلّ شيء و الهدف لا شيء " .
الإشتراكية ليست هدف الشيوعيين والشيوعيّات الأسمى فهي مرحلة إنتقاليّة تحتمل إمكانيّة الردّة مثلما تحتمل إمكانيّة مواصلة الثورة و السير نحو الشيوعية . و الشيوعية هي الهدف الأسمى . و إسم حزب التجاوزيين لا يشير إلى هذا الهدف الأسمى وهذه البوصلة الإستراتيجيّة الأمميّة العالميّة بل هو إسم غريب عن الماركسية ، و ينطبق بيسر على أحزاب برجوازيّة . و من المرجّح أن الجماهير العريضة التى لا تعرف تاريخ هذه المجموعة و أطروحاتها لن تدرك أنّ لها صلة ما بالماركسيّة و إن كانت متمركسة .
و يحيل نعت التقدّمي فى مجال السياسة على الذى يدافع عن التقدّم ضد الرجعيين ( قطب تقدّمي و قطب رجعي حسب التجاوزيين كما أنفت الإشارة إلى ذلك ) الذين يرغبون فى تأبيد الوضع السائد أو العودة به إلى الماضي إلاّ أنّ الشيوعيين و الشيوعيّات ليسوا تقدّميين و حسب و إنّما هم أكثر من ذلك بكثير ، إنّهم ثوريّون ، إنّهم شيوعيّون ثوريّون و لعلّ إيراد بضعة جمل لماركس تساعد على إستيعاب أنّ الشيوعيين والشيوعيّات ليس بوسعهم إن كانوا حقّا ماركسيين و ماركسيّات، إلاّ أن يكونوا ثوريين فالماركسية ثوريّة و ليست تقدّمية و أنّ تنصّل المجموعة التى ننقد من نعت الشيوعية و ما سبقه وما تبعه و دلالاته ورد ضمن حزمة تحريفية إصلاحيّة عنصر من عناصرها هنا هو التنصّل من الثوريّة لصالح التقدّمية.
" هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه . "
( كارل ماركس ، " الصراع الطبقي فى فرنسا 1848-1850 " )
من وجهة نظر المادية الجدليّة ، الفرق بين التقدّميّة و الثوريّة هو الفرق بين الفهم التطوّري التدريجي الإصلاحي و فهم التطوّر كتدرّج أحيانا و كقفزات و طفرات أحيانا أخرى و بكلمات أخرى ، تتصل المسألة بالتناقض كمّى / نوعي و العلاقة الجدليّة بينهما . فالإصلاحيّون و منهم التقدّميّون لا يناضلون سوى من أجل المراكمة الكمّية أو النوعيّة الجزئيّة و التغيّر الجزئي أو تحسين ما هو قائم فى حين يناضل الثوريّون من أجل تغيير نوعي شامل من طراز ذلك الذى وصفه ماركس أعلاه .
و يتجاهل أصحاب المشروع التجاوزي الكلام عن طريق الثورة أي كيف ستنجز الثورة الإشتراكية التى عيّنوا ضرورتها مع تعيينهم لطبيعة المجتمع . و هنا تبلغ المغالطة حدّا كاريكاتوريّا يكاد يضحك لولا أنّه مبك فالتغاضى عن سؤال كيف تنجز الثورة ؟ ميزة من ميزات الفرق الإصلاحيّة الإنتهازية و منها حتّى تلك التى تستغلّ براغماتيّا صورة و مقولات أو أنصاف مقولات ماويّة كحزب الكادحين الوطني الديمقراطي الذى نال خطّه الإيديولوجي و السياسي البرجوازي ما يستحق من نقدنا فى كتاب " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية " .
و عمدا عامدا يتجاهل هذا الحزب الذى يدّعى زورا و بهتانا أنّه ماركسي – لينيني النظرة الماركسية التى عبّر عنها ماركس و إنجلز فى نهاية " بيان الحزب الشيوعي " :
" إن الثورة الشيوعية تقطع من الأساس كل رابطة مع علاقات الملكية التقليدية ، فلا عجب إذن إن هي قطعت بحزم أيضا ، أثناء تطوّرها ، كل رابطة مع الأفكار و الآراء التقليديّة ."
هذه جملة من الحقائق عن إصلاحيّة هذا الخطّ التجاوزي التى ستتجلّى أكثر فى قادم الصفحات .
===================================================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟


.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح




.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا


.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ




.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم