الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريفية ترتيلة سومرية

هيثم الحسن

2018 / 4 / 9
الادب والفن


بنشره القسم التاسع من ( طريفية سيرة ذاتية ) يكون ( سلمان كيوش ) قد وضعنا في صورة هذه السلسلة التي تؤرخ للوجع العراقي و ما يعانيه إنسانه من إضطهاد مركب إقتصادياً و إجتماعياً تتحمل المرأة منه العبء الأكبر . و تأتي عملية النزوح من بيئة جنوبية بائسة إلى المدينة الأكثر حداثة من مدن بغداد نهاية الستينات والنظرة المجتمعية الدونية لسكان المدينة إلى سكان الأرياف و ريف الجنوب خاصة الغير عابئة بفقر مشاعرهم و لا بملامح الإشمئزاز الخجولة التي تعلو وجوه بعض من تمكنوا من الإندماج الفيزياوي في المجتمع الجديد لتضطرم جمراً في مشاعر طريفية بعد تبلور الوعي لديها نتيجة الصدفة التي أدّت بها إلى أن تتلمذ في المدينة الأكثر تحضراً حينها و حنينها إلى جذور النشأة .
طريفية سيرة ذاتية .. عمل روائي في المقام الأول ينتمي إلى التراجيديا الإنسانية في محاكمة الواقع تكتنفه كوميديا سوداء تبدو من خلال مماحكات غنيدة و مهلهل أو ثغيب الأخوة لدى مهلهل على كلبه حين النزوح أو على جاموسته الحوگة حين جرّها الجلاّب .
يحسب لهذا العمل شديد سهولته في تجسيم الوجع و التندر متضمناً في ثنياه نسقاً من إسلوب ( توفيق الحكيم ) في ( يوميات نائب في الأرياف ) حيث تتجلى في طريفية ( الرواية ) الإدانة لفساد المنظومتين الإجتماعية و السياسية ، و كذلك قبس من رائعة ( يوسف القعيد ) الموسومة ( يحدث في مصر الآن ) حيث يتجلى البؤس بأبشع صوره في طريفية (سلمان كيوش ) كما في صدفة ( يوسف القعيد ) . إنها محاكمة مستلهمةً ( المفتش العام ) ل ( گوگل ) مكتسيةً كابوس ( كافكا ) في ( ألمحاكمة ) مدونةً بقلم كاتب مداده من قلب موجوع بقصيّ حزن باذخ خثّرته سنوات جمر حروب عبثية لا يزال يتمثل صورها بالخاكي و النطاق و البيرية عنواناً لهزيمة جيل .
في هذه السلسلة كما في سابقات كتاباته ترسّخت قدرة ( سلمان كيوش ) على الفضح دون ضجيج أو تكلّف الخطابة للواقع المزري ، و الإنحياز المطلق للموجوعين و المضطهدين متجنباً التحيز لهم .
طريفية هي إدانة تنبع من الريف العراقي مرموزاً له هنا بالشروگية و أهوارهم عنواناً للوجع العراقي الموروث منذ السومريين متخذاً إسلوبا ساخراً حيناّ و تراجيدياّ حيناّ آخرا ، مع عدم فقدان العمل صدقيته بل تماهى في توكيد عمق صدقيته .
سلمان كيوش في عمله هذا و كما عوّدنا في السابقات من أعماله تسيّد الفرادة في توظيف المفردة المحكية بكلماتها و أحرفها التي لم تحوها المعاجم اللغوية العربية كإدخال أل التعريف على الأفعال و الكشكشة و الإستنطاء .
طريفية حري بسلمان كيوش أن يطلق لها الإنتشار عربياّ لقدرتها قيادة مشحوفها بما لديها من مرادي المعيّل تمخر به عباب الأثير لتزوّدها لهذا المسير و خير الزاد مصقولة بطعم الحنظل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب