الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أفق معانقة الحرية / الجزء الأول قضية الشاب المغربي / المهدي بوكيو

المعانيد الشرقي
كاتب و باحث

2018 / 4 / 9
حقوق الانسان


في أفق معانقة الحرية / الجزء الأول
قضية الشاب المغربي / المهدي بوكيو

كنت أعتقد بأن السجن للمجرمين و القتلة و الجناة فقط، لكن الأمر مختلف عن هذا الزعم تماما، فهو مؤسسة تعلم الناس الكثير من الدروس، و لو تم سجنهم على خلفيات و ادعاءات باطلة، ففي كثير من الأحيان - و لحدود كتابة هذه الأسطر - فهمت بأن من ينعم بالحرية يعيشها بشكل مؤقت، طالما نلامس قضايا تم الحكم فيها على الكثير من الشباب تحت طائلة الإدعاء الكاذب.
لا شيء أقسى من عذاب الفراق، فراق الأحبة و الأصدقاء، و لا شيء يعوض لحظات الدفء الأسري الذي يفتقده السجين، غير زنزانة باردة شتاء و حارة صيفا. يشعر السجين في سجنه و مع سجانيه أن الأفق يضيق يوما عن آخر، و الأحلام و الأماني تتبخر و تتكسر كما تتكسر ضلوعه التي باتت أرق من حبل الوريد الذي شده بأمه. ضاع كل شيء و بات الحلم كابوسا يقض مضجعه بالثواني و الدقائق.. غير أن طموح الإرادة التي تغذيها زهرة الشباب، تجعل من المستحيل ممكنا.
كيف لا و السجين الذي أتحدث عنه شاب من طينة خاصة، و ينحدر من عائلة نهلت من ينابيع المعرفة الشيء الكثير، و لا يزال بلدنا المغرب يجني ثمارها في شخص والده المحترم السيد " محمد بوكيو " . هذا الأب، الذي يعتبر إنسانا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني النبل، هو أيضا إطار و مثقف أسدى خدمات جليلة و لا يزال، للمكتب الوطني للسكك الحديدية، و تعلمت على يده أجيال و أجيال، مستمر في أداء واجبه الوطني إلى حدود هذا اليوم، بلا كلل ولا ملل. ربى هذا الأب المحترم ابنه على قيم التسامح و الاختلاف و غرس في هويته بذور الوطنية و حب الانتماء و الابتعاد عن الدسيسة و التآمر.
هذا الشاب المعتقل بسجن سلا الرهيب، عانى و لا يزال يعاني عذاب الاعتقال، من خلال تهم واهية و خالية من أية قرائن دامغة، و ما يثبت هذا القول، هو أن المحكمة لم تصدر لحدود الساعة أي حكم يدينه بتأكيد المنسوب إليه، طالما أن الأعراف القانونية تقول: " المتهم بريء حتى تثبت إدانته. " و أن النطق بالحكم مؤجل من خلال المداولات التي بلغت حدا أقصى، و لو توفرت للمحكمة ما يثبت إدانته بالمنسوب إليه لما تأخرت في إصدار حكمها عليه بأقصى العقوبات تبعا لما جاء في صك الاتهام و المتابعة.
في كل الأحوال، يتعلم السجناء الشيء الكثير، و يأخذون العبر و الدروس خلال مدة اعتقالهم طالت أم قصرت، و لو كانوا في ذلك أبرياء، و ما دام السجن مؤسسة سوسيولوجية مغلقة ينبغي على القائمين عليها تأدية واجبهم المهني بدماثة و أخلاق بما لا يلحق الضرر للنزلاء، فإن واقع السجون المغربية كما جاء على لسان الكثير من المعتقلين، فضاءات يموت داخلها النزلاء بالتقسيط، بحيث تغيب أدنى شروط الصحة و السلامة ناهيك عن المعاملة القاسية التي يتعامل بها السجانون. فسلب الحرية ليس بالأمر الهين و قسوة ظروف الاعتقال ليست بلحظات ترف عابرة، بل هي عذابات يعيشها السجين بغير إرادة، لكنها تغير نظرته إلى الحياة و الوجود بشكل عام.
كان الشاب الطموح الجامعي المدعو " المهدي بوكيو " يعتقد أنه سيغير من واقع الحال بانخراطه في العمل السياسي من خلال تأسيس حزب اختار له اسم ( المواطنة و التغيير ) يحمل إيديولوجية حداثية متنورة، للفعل في الفضاء العمومي بإضفاء المعنى عليه و تحريك مياهه الراكدة، متناسيا في ذات الوقت أن شروط و بذور الاشتغال لم تنضج بعد. لكنه الآن، و بعد تجربة الاعتقال، بات يدرك أكثر من أي وقت مضى بأن العمل الحقيقي و الرصين هو ذاك الذي ينكب على الذات بالأساس، بغرض إخراجها من هلاميتها التي كلفته ما لا يطيق.
لقد ترسخ لدى الشاب " المهدي بوكيو " قناعة مفادها بأن النضال الحقيقي هو نضال في اتجاه الذات بالأساس، و أن صقلها يتحقق من خلال العلو عليها باستمرار، و لن يكون ذلك ممكنا إلا بمواصلة مسيرة النضال المعرفي في الجامعة بغرض الاندماج في المجتمع و مواكبة بنيته و العمل ضمن نسقه و مؤسساته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين