الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة، فدردشة، ثم لقاء!

يوسف خياعلي

2018 / 4 / 9
الادب والفن


‘‘دعوة، فدردشة،ثم لقاء..!"

وقف جنب الرصيف ينتظرها...تلك الكائنة الإليكترونية، ستتحول بعد لحظات إلى حقيقة، ستستحيل تلك الحروف لحما ودما، ونقطتا تائها ستصيران حلمتين يانعتين... كان يسرق النظر إلى سيارات الأجرة المتوجهة إلى محطة "الطكسيات"، يبحث عنها بين الركاب.فجأة رن هاتفه:
- أين أنتَ!
- أنتظرك!
-أنا قريبة، أين أشير للسائق بنزولي؟
- في قلبي، لك فيه منزل رحب!
- (تضحك) أين أنت أيها الأحمق!
- حسنا ،عند مدخل الحي، قرب القوس، ستجدينني أنتظرك.
كان ينظر إلى السماء، يرسم بدخان سجارته خطوطا، سرعان ما تتبدد...وقفت في الجهة المقابلة له سيارة أجرة، فإذا بها تنزل بتؤدة الأميرات...،منسدلة الشعر، لطيفة الملمح، رائقة المحيا، رشيقة القامة...!
دس نصف سجارته بقدمه، وانتظر تحرك السيارة، فاتجه صوبها، مستقيما، واضعا يده في جيبه، في أنفة... كل البرتوكولات التي أعداها، ورسماها تبددت أمام لوعة الشوق... كان الشهر الإليكتروني كفيلا بفض عذارة خجل البدايات... قبل خذيها الورديين، وتلاعب بخصلات شعرها المنسدلة. فقال بصوته الزريابي:
- هل تعلمين أنك شاعرية حتى في ملامحك!
- ربما لا يشعر بها إلا من يرقد في أعماقه شاعر ينجذب إليها كما ينجذب المغنطيس للحديد!
عميقا الإجابات، فلسفيا الحديث، صوتهما يعبر مسام الفؤاد.
انطلقا صوب المقهى كعصفورين ، منتشيين بنسيم الربيع:
- أرى النجوم بكَّرت اليوم!
- إنها شموع الحب...الله مع المحبين، يزين السماء في اللحظة التي يرقص فيها العشق.
المقهى كان خاليا، وكأن الرواد فسحوا لهما المجال. إنها مشيئة العشق، تعلو ولا يعلى عليها، إذا عزمت على إشعال جذوتها فلن يمنعها شيء.
اختار الشرفة المطلة على الطبيعة مكانا للجلوس. في آخر طاولة في الركن سحب الكرسي لها...هذا السلوك الرومانسي أوحاه له الحب، لقنته إياه الشخصيات الروائية والسنمائية التي كان يحاورها.
- هل تعلم أنني كنت ملحدة في الرجال؟
- كيف ذلك؟
- استغنيت بالورقيين!
- وماذا عن كتابهم؟
- لا أدري، لماذا شعرت في لحظة، أنني مغرمة بسانتياغو، بينما لم أمنح أدنى اهتمام لباولو كويلو. يذكرني هذا بعلاقة الإنسان بالإله...ربما الصانع آخر ما نفكر فيه. اهتمامنا يحظى به المصنوعون.
- هل هذا يعني، أنه من سوء حظي أنني لست ورقيا؟ردت باتسامة رائقة:
- أنت... ولكنك إليكتروني...!
أردفت:
- لست أدري، هل فيك عمق ما؟ أم أن انسيابك في روحي يوحي لي بذلك...؟
حديثهما ذو شجون،وفي كل كلمة مسافة تقطع...الكلام فأس تُحفر به المتاريس، تُصنع به الطرق، وتشق به المسالك. فمازالت كلماتهما الموزونة المنسقة، المنمقة، تتوارد، حتى انطبقت الشفاه...!
غطسا لحظة في صمت، يشنفان أسماعهما بصوت الصرصور، الذي كان يعزف ألحان شبقهما، ثم قالت:
- ماذا لو طلبت منك أن تصف لي هذه اللحظة بالشعر؟
أجابها بما تهواه، قصيدة بريفر بفرنسية ممزغة الصوت، تعزف أوتار غريزتها :
-Des milliers et des milliers d années 
-Ne sauraient suffire 
-Pour -dir-e 
-La petite seconde d éternité 
-Où tu m as embrassé 
-Où je t ai embrassèe 
.....
كانت تراقب حركة شفتيه. تدنو منه بعد كل صوت ينطقه، فما كاد ينهي القصيدة، حتى التقيا كنملتين تتجاذبان حبة قمح...!
يوسف خياعلي (المغرب)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب