الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينة الثورة

مالوم ابو رغيف

2006 / 3 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كانت مدينة الثورة على موعد مع سيارات الجريمة الاسلامية، قدمت اليها حاملة الموت والخراب والدمار لمئات من فقراء بغداد ومحروميها.
لم تكن الزيارة الدموية زيارة عفوية، مستعجلة، انما مخططا اجراميا، خُطط ودُبر لها ببرود اعصاب متناهية، في مكان أمن، في مدينة ليس فيها من آمن الا الارهابيين ومساعدينهم وممويلهم، بفضل حكومة لا يجد رئيسها ما يرفعه بوجه الارهاب سوى كلتا يديه مستسلما، ورسم ابتسامة ساذجة على وجهه، فيبدوا مثل المهرج في ماتم العزاء، ليقول لنا وباستخفاف كامل ان لا ازمة في العراق لانه لا يشعر بها ولا يضيق صدره لها ولا يشعر ولو بقليل من الغضب. ليس من وقت لديه ليعطي قليلا من الاهمية للارواح البرئية التي سقطت تحتضن تراب مدينتها، ولا وقت للرثاء ولو كلمة واحدة بالمصاب، فهومشغول لحد اذنيه في التكتيك الخائب للبقاء على الكرسي.
اذا كان ابو ذر يعجب ممن لا يخرج بسيفه عندما لا يجد الطعام في بيته، فماذا سيقول عندما يرى الناس تقتل وتذبح بالجملة ولا تزحف الى هذه الحكومة البائسة لتطيح بها، ولا تهرع الى رجال دينها لتصرخ بوجوهم كفى متاجرة بارواحنا، كيف لها لا تهرع الى صغيرها الاحمق الصدر وزبانيته لتعلن وتلعن غبائهم وبلادتهم كونهم يريدون ان يحلوا المشكلة بصلاة مشتركة، فكانت النتيجة ان الناس تصلي واقفة صلاة الجنازة على الضحايا التي سقطت او تلك التي سيأتي دورها ربما يوم غد.
الرد الوحيد الذي نراه ، يأتي كما تاتي المانشيتات الدعايات الانتخابية، رسائل SMS ، فلان يستنكر وعلان يستنكر والمنظمة الفلانية تستنكر والحزب الفلاني يستنكر والوزير ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية الى اخر قائمة المجتمع المخملي الشفاف. ثم يتوقف كل شئ، قبل ان تجف الدماء على ارض العراق التي سقاها العراقيون دموعا ودما من قبل الاف السنين. وتاتي جريمة اخرى لتنسينا الجريمة الاولى وليفجائنا المسؤولون برسائل الــ SMS الاستنكارية.
اما الاعلام العراقي، فقد سلك سلوكا جديدا، بقنواته التلفزيونية ونشرات اخباره الرسمية، يشابه الى حد ما اعلام الدكتاتوريات وانظمة الحكم الشمولية، فمنذ مدة ليس بالقصيرة، وعلى وجه التحديد منذ ان مسك الجعفري بكرسي الحكم واعتبره العروة الوثقى، دأب اعلامه العاجز على الايحاء، بان يد الجعفري المهزوزة، تضرب الارهاب في مقتل، وان الامر ليس كما يُذاع او كما يُرى، فالامور هادئة، والارهاب يشهد ايامه الاخيرة مثل ما قال ليث كبة قبل ان يغلق دكانه الاسلامي ويرحل و يختفي.

الاعلام العراقي درج على تقليل عدد الضحايا، وعلى تجاهل عمليات القتل المدبرة، واعمى كامراته على ابصار ذبح العوائل في بيوتها، والسكوت عن عمليات التهجير القسرية، كل هذا لكي يجمل فترة حكم الجعفري الهزيلة.
الناس تعيش الجحيم الارهابي، وتعرف شدة لهيبه وسعيره، وهي التي تعاني من النقص الحاد في كل شئ، واولها الكرامة الانسانية، وتطابق بين الاقوال الجوفاء وبين ما تعيشه من حقائق مرة، وتلعن سرا وعلانية كل المقدسات التي من خلالها تسوق الاحزاب رؤسائها، اما التجاهل المتعمد المفرط لالام الناس ومصائبهم، وقراءة سورة الفاتحة على الاموات والتعزيات التي تخطا وجهتها لتذهب الى غير اصحاب الفاجعة، فانها سياسة الخداع والضحك على الذقون.
اما اية الله الصغرى، مقتدى الصدر، فأنه يقول اليوم ما يناقض ليلة امس، وغدا سيقول ما يناقض ما يقوله اليوم، فمن الذي ارسل جيش المهدي ليحارب في الفلوجة مع الارهابيين، ومن الذي حول مدينة الثورة الى قلعة عسكرية واعلن العصيان لتخفيف الضغط على الارهابيين، وفرط بارواح المئات من المساكين.؟ ومن الذي استعان بالمقاومين الساقطين في حرب النجف..؟ ومن الذي يهرع الى هيئة علماء المسلميين الاجرامية، لتقبيل الايادي وطلب الرضى وتنسيق الجهود لوضع العصى في كل عجلة تسير باتجاه تخليص العراق من ازماته.؟ من الذي اشعل فتيل الازمة في الناصرية وفي البصرة وفي بغداد..؟ من الذي خرج مع الموتورين من اهل السنة والجماعة بمشاركات تنادي يتنفيذ برنامجهم الاجرامي بارجاع البعث مرة اخرى الى السلطة تحت عباءة الدين.؟ ومن الذي رفع شعار الفدرالية كفر والحاد.؟ واذا كان الصدر يطلب اليوم من هيئة علماء المسلمين الاجرامية تكفير الزرقاوي فلماذا يبعث بصبيانه في كل شاردة وواردة لاخذ المشورة والاشارة وتنسيق العمل المشترك معهم.؟ وهل يجهل مقتدى الصدر تورط هذه الهيئة بكل العمليات الاجرامية وانها لها يد مغموسة بكل الدماء التي سالت في ارض العراق.؟ وهل يجهل الترابط الوثيق بين هذه الهيئة الاجرامية وبين مجاميع وقطعان الارهابيين.؟ اليس هو نفسه من يمجد المقاومة الساقطة ويعلن انه سيكون الجندي الاول الذي يسقط دفاعا عن سوريا الاجرامية والسعودية الوهابية وايران الخبيثة.؟
لم يشهد بلد في هذا العالم ارهابا يوميا، متواصلاً مستمرا مثل ما يشهده العراق الان، وليس من شعب، له اعصابا حديدية مثل ما للشعب العراقي التاريخي، نعم التاريخي الصيل و ليس الطارئين عليه، العربان ،من لم يؤثر فيهم هواءة وماءه وارضه الطيبة، من اولئك القادمين هروبا من صحاريى السعودية اللعينة، حيث قرن الشيطان، يبحثون عن ملجا بين كثبان ونخيل واشجار العراق، ومأوى في داخل قلوب العراقيين الطيبة، هربا من الوهابية، واذا بهم يتقمصون دور الجزارين الوهابيين ويتفوقون عليهم في البشاعة والؤم والجريمة، من الذين لا يراعون لا ذمة ولا ضمير ولا خبز ولا ملح ولا شرف، لقد فقدوا قيمهم واباحوا شرف عشائرهم لذكور المنتحرين والمقاومين الساقطين من غلمان البعث الشاذين ليدوسوه تحت اقدامهم الوسخة.
مدينة الثورة، مدينة العمال والطلاب، شريان بغداد المتدفق، ومركز شبابها وقوة عملها، مدينة الثورة مدينة الشعر والحب والعشق، المدينة التي عانت، وقاست، لن يهمها ضربات الارهابين الغادرة، ولا يمحو تاريخها اسم مستورد لعائلة، ولا تركعها سياط الصدريين ، ستصم اذانها عن لغو المعمين، وينهض شبابها، ان لم يكن اليوم ففي غد، لتضع حدا لمن يريد ان يقتلها، او يجردها من معدنها الاصيل...
لكن، حتى تثور المدينة وتتخلص من اسم لحق بها من غير رضاها، حتى تخلعه، يجب ان لا تمر جريمة قتل اطفالها ونسائها وشبابها ورجالها من دون عقاب...فـــــــ
من يهن يسهل الهوان عليه.... ليس لجرح بميت ايلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تبدو النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات العامة البري


.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز تصريحات وزير المالية الإسرائيلي سموت




.. بايدن يعترف: لقد أخفقت في المناظرة وكنت متوترا جدا وقضيت ليل


.. استطلاعات رأي: -العمال- يفوز في الانتخابات البريطانية ويخرج




.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح