الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دقائق متكاسلة

رضا لاغة

2018 / 4 / 10
الادب والفن


كانت نظرته هادئة منسابة تفحص مكامن الجسر البديع الذي يتفتّح ضمن منعرج سحري معانقا الأرض. ابتسم ، تمتم ، يا له من بساط يعجّ بعشّاق يتسلّون بحبّات الحلم.اتّخذ مجلسه قبالته. قال له بنبرة خافتة وهو يستقرأ ملامح وجهه المنعكس على إيقاع ضوء المساء.
ــــــ أنا أبغض من يلاحقني
الزائر: ويحك ، جئت لأطمئنّ عليك.
ــــــــ ألم تك تدري؟
الزائر وقد بدا يلوح في وجهه الضيق: لقد حدث كل شيء بسرعة فائقة و لهفتك ، أجل لهفتك الهامسة بعناق انتشائي لوطن صفعك كتيّار كهربائيّ ، وطن جعلك كطائر وجد عشّه بعد ضياع.
ــــــــ و دمي الملوّث؟
الزائر: مجرّد كابوس
ـــــــ ما الذي أتى بك؟
الزائر: يجب أن تعلم أنك منحت ما كنت ترغب فيه.
ـــــــ كم تتقاضى؟
الزائر: لم أفهم.
ــــــ أقصد هل تقبل أن تتفسّخ هويّتك بمقابل؟
الزائر: سبق لي أن سئلت هذا السؤال ، وهو ما جعلني أتساءل أنا نفسي . لقد تعوّدت على مثل هذا الحوار الداخلي و صرت قادرا على التعايش مع هذا النقيض الذي يقتحمني من الداخل. هل تدري ؟ ليس دائما يمكن للمرء أن يواجه مثل هذه المواقف . ومن منّا لا يحتضن ذاته ملهوفا، متشبّثا بها في عناد ، كان يجب عليك أن تجتاز هذه التجربة ، أن تطوف بوجهك بحثا عن ذاتك الضائعة . ألا توافقني الرأي ، أنت تلحقها و ليست هي من تلحق بك؟
ظلّ ينظر إليه صامتا حتى امتلأت عينا الزائر قلقا.
ــــــــ لم تجبني عن سؤالي، كم تتقاضى؟
تنهّد و قد غشيته كآبة عابرة ثم قال: هلا حاولت أن تقتلع وطنك و تفرّ به؟
يطيل النظر من الشرفة: عطر الأوطان في جوف التراب، في الذاكرة.
الزائر: بما أنّك أنت من يقول هذا، فأنت إذن تعرف.
ارتسمت عليه ابتسامة كتمت ملامحها و تساءل قائلا: أعرف ماذا؟
الزائر: ما جدوى هذه المراوغة ، هل أبدو لك رجلا خسيسا يتخبّط في مستنقع من الوحل ؟ يا لقلبك الصريح رغم خروجك من رحم تنظيم سري تلميحاتك تنزلق مثل دوامة عاتية.
ـــــــ ويبقى أناي القديم مهيمنا، أتظن ذلك ممكنا ؟ يا للخسران ، لقد اختلستم مني ذاتي المرجعية التي تلاشت في ذرات التيه بوتيرة تمعن في المواجهة والاستكشاف. يا لكآبتي .
خطى الزائر خطوتين نحو الباب يهم بالخروج.
ـــــــــ إلى أين؟
أغرق في الصمت و هو يتطلع إلى وجهه: ليس لي ما أقول ،
ــــــ لم جئت إذن؟
الزائر: وجدت دافعا من أعماقي يدعوني إلى تأدية واجب التعزية.
هزّ كتفيه باستهانة قائلا: هل تغرّر بي؟
الزائر: آه ، لم يعد لذلك أي معنى.
يطأطئ رأسه ، ظل يفكر لبرهة طويلة ثم قال: يا لك من وقح؟
الزائر وهو يتجنب النظر إليه: ورغم ذلك سنلتقي... نحن زملاء في الشغل مستر دافيد . بإذنك.
الساعات القادمة، آه منها، من المحتمل أن تكون مرّة ومحيّرة. هكذا قيل لي: إن أهم ما يجب أن تتحلى به شخصيتك الجديدة هو اتقان الأدوار المزدوجة. أما الآن انطلق وعانق الحياة، واستنشق نسائم الحرية وفي ذروة انغماسك احذر من الزلل. الخطأ ممنوع، لأنه قد يكلفك حياتك. تحرك في الأماكن الرحيبة واجعل محدثك يعشق صوتك، يفتش عنك. اجعل دقات قلبه تختلّ كلما وجدك وظفر بلقياك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد