الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في سوريا لازالت في بداية شوطها الأول .

يوسف حمك

2018 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن انتخاب ترامب رئيساً للولابات المتحدة الأمريكية لكفاءةٍ سياسيةٍ ، أو لاطلاعه الواسع على مجريات الأحداث و خبرته ، او لإحاطته فنون الحنكة الدبلوماسية ، و إلمامه بخباياها ، أو لثقافته الواسعة و وقاره الدبلوماسيِّ .

مواصفاتٌ نافرةٌ تتهرب منه و لا تليقه ، و على مقاسه كبيرٌ و واسعٌ جداً .
فأجمل ما يقال عنه هو الغباء و الجهل ، حسب وصف مساعديه و المقربين منه .
غير أن السياسة الأمريكية لا ترسم بريشة رئيسٍ مستبدٍ ، و لا تطبخ في عقل دكتاتورٍ فرض نفسه على شعبه للأبد ، و أعلن انه المخلص الوحيد لشعبه و لا سواه .
و ما الضير في ذلك إذا كان الرئيس يفتقر لأدنى مواصفات الرئاسة ، و مقومات القادة . طالما ان واضعي الخطط الأمريكية الاستراتيجية و التكتيكية ، و فطاحل السياسة العميقة واقفون خلفه . و ان العارفين بأدق تفاصيل ما يدور في العالم مستشاروه . و قبل الإقدام على أي فعلٍ يأخذ موافقة مجلس كبار الشيوخ المخضرمين في السياسة .

فليكن ترامب متناقضاً في كل ما يقوله ، بل و معتوهاً أبله .
ليس المهم ما ينطق بلسانه و يتراجع ، فالأهم هو : أن ما يفعله لا يكون من بناة عقله ، و نسيج أفكاره . و إنما يكون بتدبير العمالقة الذين يبرمجون أفعاله ، لا عقله و أقواله .

قضايا عديدةٍ تمس جوهر الاستراتيجية الأمريكية في منطقتنا : كتقويض إيران ، و وقف توسعها بقطع الطريق عن تمددها و تحجيم دورها في العراق و سوريا ، و بتر أذرعها في اليمن و لبنان ، و الشطب على الاتفاقية النووية معها ، و تقليص نفوذها حيثما كان .
كما كبح جماح غرور بوتين ، بعد استدراجه و انغماسه في الوحل السوريِّ .
فالتلاعب بمشاعر أردوغان ، تارةً بتراخي خيوط أعصابه ، و بشدها أحياناً أخرى ، ليغلي غيظه و يزج بجيشه في محرقة الحرب داخل سوريا .

عباقرة السياسة الأمريكية هم الذين خططوا لما يجري في سوريا و المنطقة ، لانجرار روسيا و إيران و تركيا إلى جحيم المستنقع السوريِّ ، و استنزاف طاقاتها المادية و البشرية ، و كان انخفاض قيمة العملة في كل منها الآن خير شاهدٍ ، بعد توريط معارضات النظام و تحريضها على إسقاطه ، ثم التخلي عنها و تشتيتها ، لتغيير مسار انتفاضتها و ثورتها ، و تحويل سوريا إلى كتلةٍ من اللهب تحرق الأخضر و اليابس ، و تلتهم البشر و الصخر ، و بغرض تقسيمها و تجزئتها .

روسيا و إيران و معهما تركيا مؤخراً على استعدادٍ لبذل الغالي و النفيس ، كي لا تصبح منطقتنا بحيرةً أمريكيةً .
و بالمقابل كل من يقف في وجه المشروع الأمريكيِّ و مصالح الدول الغربية يجب أن يدفع الثمن غالياً .
و من سوء حظ السوريين أن الأقدار شاءت أن يكون اختيار سوريا أفضل بقعةٍ من الكرة الأرضية ، بإجماع هذه الدول المتصارعة لمحاسبة بعضها فوق تراب بلدهم . و يكونوا هم وقوداً تصب هذه الدول زيتها على نارهم ، ليزدادوا اشتعالاً و احتراقاً و شواءً .

لكن ما مضى يبدو أنه كان ضمن خطة التراخي الأمريكي المحبوك .
و ما أهملتها الإدارة الأمريكية عن عمدٍ أو بدونه - و الأرجح أنه بعمدٍ - فها هي توليها رعايةً ، و تشبعها اهتماماً .
ليس من العبث عزل الكثيرين ممن اختارهم ترامب عوناً له ، و استبدالهم بصقورٍ متشددين ، ليتناسبوا و مرحلة الانقضاض الأمريكيِّ الجديدة .

هذه التهديدات الأمريكية بشن ضرباتٍ قاتلةٍ للنظام السوريِّ ، ماهو إلا عقابٌ للدول الداعمة له ، و لم تكن لتعلن لو لا مؤازرة الحلف الأطلسيِّ له .
التوبيخ الألمانيُّ لعنف تركيا في هجومها على عفرين ، و نهبها و تغيير ديموغرافيتها .
و التدخل الفرنسيُّ في منبج لمساندة القوات الأمريكية فيها و القوات الكردية .
كما أيقاظ النخوة البريطانية المفاجئ ضد التعنت الروسيِّ بعد تدهور العلاقات بينهما في قضية تسمم الجاسوس ، فكانت حرباً باردةً بين روسيا و معظم دول الحلف الأطلسيِّ و على رأسها أمريكا ، من خلال معارك طرد الدبلوماسيين المتبادل بالعشرات .
و القصف الأمريكيُّ على القوات الموالية لروسيا أكثر من مرةٍ ، فقتل المئات من بيهم العشرات من الروس و الإيرانيين .

كل ذلك مؤشراتٌ واضحةٌ ، و أدلةٌ دامغةٌ على أن عوامل نشوء مرحلة الهجوم الأمريكيِّ الأطلسيِّ قد أينعت ، و أن التعاضد بين دول هذا الحلف و أمريكا لاستخدام العنف ضد الطرف الآخر قد اكتمل ، مع بقاء تركيا معلقاً خارج السرب لاحساسها بأن خطر حليفاتها بات أكثر من خطورة الآخرين ، مقابل سيلان لعاب إسرائيل و جرأتها في قصف القواعد الإيرانية مرتين بفترةٍ وجيزةٍ ، و آخرها في بداية هذا الأسبوع .

حان أوان محاسبة النظام السوريِّ بالقوة سواء استخدم الأسلحة المحرمة أم لم يستخدمها ، و بهدف تضييق الخناق على داعميه .
التهديد الأمريكيِّ الأطلسيِّ بضرب المواقع الاستراتيجية في سوريا تكرارٌ لما حصل لنظام صدام و بالذريعة نفسها .

رغم مرور سبع سنواتٍ من الحرب لم نشبع قتلاً و تشرداً و دماراً ، فكأننا مازلنا في الربع الأول من عام ( 2011 ) ، و أن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد لتنتهي . على عكس مقررات القمة الثلاثية في أنقرة .
ما أجمعت عليه هذه القمة الثلاثية شيءٌ ، و ما لا يوافق عليه ترامب و حلفاؤه شيءٌ آخر . و أن ما حصل حتى اللحظة يبدو انه قليلٌ لا يسد الرمق ، مقابل الكثير الذي لم ير النور بعد ، أو أن ما هو آتٍ هو أعظم ، و أشد هولاً . فكيف تنتهي الحروب ، و تخمد المعارك ، إن لم يكن هناك لا غالبٌ ولا مغلوبٌ ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو