الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة المنافقة...

نور الدين بازين

2006 / 3 / 14
الادب والفن


ثرثرة مراكشية رقم 4
الكتابة المنافقة...

" القلم وما يسطرون"
لا أدري لماذا تكلم القرآن عن القلم في فترة لم يكن فيها القلم متداولا بين كتاب المرحلة إياها..؟ ألم تكن أداة الريشة هي بمثابة القلم في مرحلة تاريخية من الزمن العربي الهارب و كذلك من زمن الإنسانية..؟ لماذا لم يسم القرآن في آياته المنزلة الريشة بدل القلم..؟ هل آية القرآن " القلم وما يسطرون " توحلنا إلى أهل القلم ( الكتبة) الحاليين..؟ ولماذا قسم الإله بالقلم ولم يقسم بالريشة..؟و هل القسم بالقلم إحالة على ما ستأتي به هذه الأداة في هذا الزمن من أهل القلميين..؟
هي أسئلة كثيرة تاهت بفكري حين خطرت عليه مآسي الكتابة والكتبة، ولم تسعفن ملهاة الخواطر ومأساة التناسي والغض المقصود أن تحيل بيني وبين هذه الفكرة التي ارتمت على عقلي ومصت ينابيع صمتي، فخبلت خيوط نومي، واحتكرت كل لغتي واستعبدتني وبذاتي نخرتني، فما كنت إلا مجيبا لطرق باب الورق والولوج بياضها بما ملكت من حبر الحروف، ثم استسلمت ما أمكنني لتحليل الوضع ورسم صورة أرهقت عيناي لما قرأت في سيرتها، وما استنبطت واستبطنت من كتابة متواطئة، متحايلة تبايع عقول الفراغ، وتجابه أفكار الشرفاء، فاحت منها رائحة التملق و النفاق والخنوع والشقاق..
بين مقهى ومقهى توجد مقهى، الشارع يرج بالخطوات التائه، في كل ركن من أركان المقاهي هناك نمامون، ليس لهم من شغل إلا النهش في لحم العباد والبلاد، بكلام يسرح مع بخور سجائرهم التي تحتل الأشداق، وتلعن هذا الزمن المغربي الذي تأخر بها بين هذه الأفواه العوجاء، التي تفوح منها روائح كريهة تعافها النفس ويتجنبها الجسد.
في المقاهي المغربية، كل شيء فيها يوحي بالنمنمة، و بقلة الشغل، والفراغ القاتل، وحروب باردة بين كائنات بشرية، لم يعد لها من هم سوى النظر في مؤخرة الفتيات والنساء الغاديات والرائحات في الشارع الكبير، النهش في لحوم الناس بالكلام غير المباح والسرمدي.
كيف لعقل مثل عقلي أن يستوعب كل هذه الكلمات المتناثرة في الهواء بدون قيمة تذكر..؟ هل على العقل أن ينكح جموع اللسان لكي تشبع البطون المنشورة فوق طاولات مزركشة بحرائق أنواع السجائر.. وتقوم من مقاعدها لتغتسل من جنبتها التي تدوم زمنا يفوق زمن أهل الكهف..؟ وهل علي البول فوق أجسادهم المنتشرة هنا هناك حتى لا تحشرني الموت معهم..؟ ما السبيل لإقناع هذه الكائنات البشرية، أننا على شفا الانقراض.. وأننا صرنا ظاهرة كلامية لاغير..؟
التاريخ يعيد مأساته من جديدة، وحكاية البسوس وحربها تعود من جديد.. هي لازال أحفادها يعيشون بيننا، يمتلكون نزعة الحروب وإشعال فتيلها اليوم.. هناك كائنات ليس لها سوى هذا العمل لكي تقتات به وتضمن استمراريتها..البسوس كان لها دافع انتقامي من كليب، الذي منع ناقتها من الأكل في حقوله، ثم دبرت قتله غدرا، بتحريض ابن أختها جساس.. أحفاد البسوس اليوم ليس لهم ناقة ولا جمال فيما يفعلون، سوى أنهم عشقوا قتل الناس آلاف المرات من دون موجب حق، بكوم من كلمات غبية لا تلتزم الأخلاق في بوحها أو حتى على نسبة قليلة من الحقيقة ولو كانت مرة..
قال قائل من إياهم في حالة من الخنوع والجبن، والحقد والحسد أن أمر تاريخي مسفوف بالعتمة خائض في الحلك، لا يستوي على نصيب من هذه الحياة ولا يمكن له – حالي- أن يستريح ولو فوق خرائط الكلام البعيدة، لا يمكن له أن يرتوي من منابع الواد الموجود في أرض الإفرنجة التي تراقبها ساعة سهت أن قومي قد دخلوا إلى عقاربها ليخربوا كل ما حاط ببساتينها- فلو سارت الأشجار في الأرض لحطمت أي شيء تلاقيه في طريقها، لكن من حسن الحظ أنها تمكث في مكانها- وساعة الإفرنجة تعي جيدا ذلك الزمهرير المنساب من أجسام زفرت بسبب الكلام الممسوخ...
لماذا يبهت وجه السماء هذا الصباح على وجه المدينة..؟، الشتاء يساقط ودمع الأرامل واليتامى في شارع جليز يتجمد بسبب صقيع كلام الأهل.. ماسحوا الأحذية يقتاتون من جوارب سفسطتهم، وأنا في الساحة أنشد نشيدي المعتاد عن مدينتي التي ضيعتها في البلاد الوحش الكبير:

بلادي..يا بلادي
أنى ما رأت عيناك
نجمتي
عانقت نفسي لقياك
وأنى لامست يداك
قمري
تاقت روحي لرؤياك

يا بلادي
كانت
تراتيلك
أحلاما
من
قصيدة
شعر
والآن
تبخرت...

وهو كعادته، كلما زدت في إنشاد نشيدي، زاد هو في الكره.. إنه بالفعل ابن البسوس العاق المعتوه، لا يعرف أن تاريخ الأمم ذكر كليب والزير سالم بخير، وذكر البسوس وابن أختها بالغدر والجبن والنفاق..ومع ذلك فالبسوس دخلت التاريخ بنارها، أما أحفادها فرمادهم يتناثر كلامهم هنا وهناك وخيلهم عافتها رياح الأمكنة، وأسئلة البشر...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع