الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء نقدي (( ضياع )) الشاعر السوري : ((ماهر زين))

منير الكلداني

2018 / 4 / 12
الادب والفن


النص : ضياع

الشاعر السوري : ماهر زين

ضوء نقدي : منير كلداني



النص



بينما كنتُ أفتشُ جيبَ القدر

تعثرتُ في الهزيعِ من خَطوي

غارقاً في وَعثاءِ أسراري

سُطورٌ تساندني

و سطورٌ تزيد في انهياري

صَدرُ السّماءِ رَحبٌ

جيبُ القدرِ ضيقة

هُناك ...

حيثُ لا ماءَ ...

لا ترابَ ...

لا وطن ...

صوتٌ يختنقُ في الحناجر

و صدى لنبضٍ مبعثرٍ و مِحن

نجومٌ غارقةٌ في ظلالها

و بقايا من ماءِ ذاكرةٍ

أثقلتها أحمالها

لا تكادُ تسدُ رمقَ الاشتياق



دالة النص :



كثيرا ما نشاهد الحالات الانسانية التي يمر بها فرد معين بسبب حوادث متعاقبة تاتي عليه ولعل هناك انواعا من النتائج تجعل الفرد في دوامة لا نهائية من القلق بحيث تستدعي كل طاقات المقاومة لكي تقف على خط متوازن كي لا تنهار شخصية الفرد في تلك الازمة ، وهي ازمة بلا شك صعبة جدا تحيل من يقع فيها الى شعلة كامنة تحرق هويتها ولا تتعدى الى الغير في حالة من الياس وهو اخر سلاح ، نعم قد يكون اخرها هو ان تيأس وهذا ما يتجلى في النص (( ضياع )) حيث دلالة العنوان تعطيك الخط الاول في الايضاح فليس بعد الضياع من شيء وليس هناك من شيء بعده ، معادلتان تردف احدهما الاخرى ، ويسلط النص على مساحات اللغة كثيرا بحيث يجعلنا امام موقف مدهش في التصوير الحركي الذي اخذ من المضمون الاولي انطلاقة له ولم تات تلك الصور بفواصل التكثيف (( تكثيف الصور العكسي )) بل جاءت متسلسلة

بينما كنتُ أفتشُ جيبَ القدر

باستهلال يكاد ان يكون مسيرة وبيان رحلة (( الضياع )) حيث المشهد بين الكاتب والمشخص (( القدر )) وكانهما يقفان جانبا الى جانب فيكون الكاتب ذلك الرقيب في التفاتة رائعة بعكس الدور ، فالمفروض ان القدر هو من يقوم بالتفتيش وليس هو وهنا ايحاء دقيق لكون هذا الخيال نتيجة لما سياتي من بيان دور القدر في حياة الكاتب ، وتعطينا الصورة بعدا اعمق حينما نلاحظ انه الان يستطيع تحريك يديه ، وهو (( ضائع )) لا حيلة له ويؤكد هذا بقوله



تعثرتُ في الهزيعِ من خَطوي

والهزيع دالة الليل وهو مناسب جدا مع الحالة التي يعيشها ويكثف اللقطة في مشهد رائع (( وكل النص مشاهد رائعة )) ليبين ان صورته مع القدر لم تك الا خيال محض ولا وجود لها وتمثيل التعثر اختيار يحسب للكاتب اذ لك ان تتخيل ليل يسير فيه ضائع فماذا سيحدث له سوى عدم الرؤية التي يتبعها التعثر ومع تاكيد اللقطات ياتي بقوله

غارقاً في وَعثاءِ أسراري

فيجمع بين ركني الطبيعة المنظورة الارض والماء مستخدما الحالة (( وعثاء )) في صياغة مشهدية متقنة (( تعثر في الارض – غرق في الماء )) وهو ايحاء لشموله في دائرة الضياع التي لا مخرج منها ويعطي اشارة رمزية (( اسراري )) اشارة احاطها كاتبها بالضياع كذلك ولم يعط لها أي صورة تذكر ولعلها اشياء (( غير قابلة للبوح )) فيمسك قلمه عنها ليقول :



سُطورٌ تساندي

و سطورٌ تزيد في انهياري

فهي سطور قد تسانده وقد تخذله وبحسب ايحاءات التركيب الصوري نلحظ تهربه من ذكرها وكانه يراها ماثلة امامه بكل مغازيها ويبعدها بكل ما اوتي من حول ليعود من جديد الى التكرار التوكيدي

صَدرُ السّماءِ رَحبٌ

ويذكر في التفاتة جدا لطيفة الطبيعة بالسماء حيث الايحاء انه لم يبق له الا ان يتامل في تلك السماء علها تعطيه (( بصيصا )) من امل (( صدر رحب )) وهذا المشهد مع مجموع الطبيعة يعطي الصورة الواضحة (( لقمة الضياع )) (( قمة العجز )) (( الياس المطبق )) بحيث تكون دالة السماء عمقا اخر يؤكد تلك الحالة ، وكيف لا يكون كذلك و ...



جيبُ القدرِ ضيقة

فقد فتشه في مخيلته وراه هناك



هُناك ...

حيثُ لا ماءَ ...

لا ترابَ ...

لا وطن

وهي من اعمق وادق التدفقات الصورية حيث يربط القدر بالطبيعة موظفا اياها بالفقد التام من كل شيء (( ماء – تراب – وطن )) واتصور ان الكاتب قد عانى ما عانى ليصل به الحال الى هذه النقطة المرعبة حقا في حياة الفرد وبعد كل هذا الفقد تكون ما بعدها مجرد نتائج لا بد منها

صوتٌ يختنقُ في الحناجر

حيث تنعدم الحرية (( جزء من الضياع ))

و صدى لنبضٍ مبعثرٍ و مِحن

الفوضى التي تسيدت عالم الكاتب (( جزء من الضياع ))

وباقي النص نفس الشيء في ذكر بعض تطبيقات الضياع



دالة اللغة :

1 – لغة بسيطة تخلو من تعقيد اللفظ .

2 – جاءت التراكيب منسجمة مع المضمون من حيث تكثيف التركيب الجملي مما اعطى بعدا اعمق مع تقليل واضح في حجم النص وهذا النوع نجح فيه الكاتب خاصة في مثل هذه المواضيع التي تحمل افكارا وعواطفا متشعبة وكثيرة وكلما كان النص طويلا سيؤثر حتما على المتلقي وفهمه .

3 – الجمل تميل في اغلبها الى الانشاء عدا بعض من الجمل التي توحي بالاخبار وهي بلا شك منسجمة تماما مع المضمون .



دالة خارجية :

الاحباط الذي يصل اليه الكاتب وما يواجهه يجعله في امر مصيري لا مهرب منه فحتى في الضياع لا بد من مقاومة ولعلنا نلحظها قليلا في بعض ما كتب الا انها لا تصمد امام هذا الاحباط والياس المطبق



فما دامت ال

نجومٌ غارقةٌ في ظلالها

فان الشاعر ماهر زين سيقاوم برغم يأسه تلك الظلال من خلال حرفه السامق ومعناه البهي الذي ادهشنا بكل ما جاء فيه



لكم المجد مرفلا

منير الكلداني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل