الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش إسرائيل ... تنظيم كاخ الإرهابي

محمد عمارة تقي الدين

2018 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الحقيقة أن النمط الإدراكي المُسيطر على أغلبية المتدينين داخل الكيان الصهيوني في لحظته الراهنة نحو العرب هو باعتبارهم نفايات بشرية يجب التخلُّص منها بأسرع وقت إبادة أو تهجيرًا، فوجودهم وفقًا لقناعات هؤلاء المتدينين من شأنه أن يحول دون تحقق حلم الخلاص وعودة الماشيح المُخِّلص ومن ثم إقامة مملكة الرب وفردوسه الأرضي الذي يحيا فيه اليهود وحدهم.
ومن هذا المنطلق وتأسيسًا على هذا التصور فإن الغالبية العظمى من المتدينين الصهاينة داخل الكيان الصهيوني يرون أن " العربي الجيد هو العربي الميت " وأنه لا خلاص طالما العرب في فلسطين, وهو أمر يجعل من المستحيل التوصل لتسوية عادلة لصراع الشرق الأوسط في ظل احتمال قوي بانقضاض هذه التيارات الدينية على سدة الحكم الإسرائيلي في المستقبل.
وسنحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على واحدة من المنظمات الصهيونية الإرهابية، وهي منظمة كاخ والتي أسسها الحاخام "مائير كاهانا" عام 1972م، وهي منظمة إرهابية تؤمن بالعنف باعتباره الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهدافها، لذلك فقد تورطت في العديد من العمليات الإرهابية والتي على أثرها تم حظرها في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل(1).
وكلمة كاخ هي كلمة عبرية تعنى " هكذا " وهي تعليق على شعار الحركة والذي يظهر به يد تمسك بالتوراة، ويد أخرى تمسك بالسيف، ومكتوب تحته كلمة "كاخ" أي أنه هكذا وبهذا الطريق وحده والذي يجمع بين التوراة والسيف، أي بالعنف المتأسس على قناعات دينية ستتحقق الآمال في إقامة دولة إسرائيل الكبرى، والتي تمتد لديهم من النيل إلى الفرات(2) ، إذًا فشعار الحركة يعبر عن أيديولوجيتها خير تعبير.
وعلى هذا الأساس، وانطلاقًا من تلك الرؤية يرى كاهانا أن دولة إسرائيل ليست مجرد كيان سياسي، بل هي كيان ديني تحقق بمشيئة الرب، لذلك لا توجد قوة في هذا العالم- وكما يدعى – تستطيع تدميرها أو منعها من التوسع(3) ، فالتاريخ في رأيه يسير وفقًا لخطة مرسومة ومحددة سلفًا ستتحقق في نهايتها دولة إسرائيل الكبرى.
وإذا نظرنا إلى برنامج الحركة، يتضح لنا مجمل فكر الحركة وهو يرتكز على عدة محاور هي:- الحدود الطبيعية لدولة إسرائيل هي من النيل إلى الفرات.
ضرورة طرد العرب من كامل إسرائيل والتوسع في عمليات الاستيطان.
القدس ملك خاص لليهود ويجب تدمير المقدسات الإسلامية بها(4) .
ومن أجل تحقيق هذا البرنامج قامت الحركة بالعديد من العمليات الإرهابية ضد العرب، حيث ضمت في داخلها العديد من التنظيمات الإرهابية والمتخصصة في هذه الأعمال ومنها تنظيم " تاناخ" وهو تنظيم شبابي لتدريب الشباب على الأعمال العسكرية واستخدام السلاح، وتنسب لهذا التنظيم العديد من العمليات الإرهابية ضد العرب، كذلك منظمة " دولة يهودا" ومنظمة " الإرهاب ضد الإرهاب " ومنظمة "حملة الخناجر"(5) .
وبعد وفاة مائير كاهانا انقسمت الحركة إلى حركتين رئيسيتين هما حركة " كاخ " وحركة " كهانا حى"، وبسبب المجازر التي قام بها أعضاؤها ضد الفلسطينيين تم حظر أنشطة الحركتين وإعلانهما كمنظمتين إرهابيتين(6) ،غير أن من يحملون الأفكار الكاهانية لا يزالون يتواجدون بقوة داخل وخارج إسرائيل، ويعبرون عن أنفسهم سواء بحراك على الأرض أو عبر وسائل الإعلام المختلفة،
وبين يدي الآن أحد مؤلفات مائير كاهانا، وهو كتاب "شوكة في عيونكم"، والذي دعا فيه إلى ضرورة الترحيل الفوري للعرب من أرض إسرائيل " لأنه ليس هناك إمكانية للتعايش السلمي بين الطرفين , فهم في نظره " قنبلة موقوتة " وسوف تنفجر في الدولة اليهودية في أية لحظة(8).
كذلك فهو يؤكد على أن طرد العرب هو عمل مقدس وواجب ديني، فيقول: " إن فكرة إبعاد العرب من إسرائيل ليست مجرد نظره شخصية، وبالطبع ليست نظرة سياسية، بل نظرة يهودية تعتمد على تعاليم دين التوراة.. إن طرد كل عربي هو واجب ديني"(9)، ويقول أيضا: " بدلًا من أن نخشى ردود فعل الغرباء إذا فعلنا ذلك، يجب أن نرتعد خوفًا من غضب الله إذا لم نفعل ذلك ونطرد العرب "(10)، وهي أفكار عنصرية موغلة في عنصريتها ولا تحتاج لشرح أو تعليق.
ومما يجدر ذكره هنا أن أحد أحفاد الحاخام مائير كاهانا وهو مئير إتنجر Meir Ettinger ، يعد واحدًا من غلاة المتطرفين في إسرائيل في الوقت الحالي،إذ يدعو للعنف ويشرعنه كوسيلة لتحقيق غايتين بحسب زعمه: الأولى وهي الخلاص من العرب والثانية وهي إسقاط الحكم الإسرائيلي الحالي الذي يرى أنه حكم علماني كافر، ومن ثم إقامة إسرائيل التوراتية على أنقاضه.
ووفقًا لرؤية إتنجر يجب أن يستمر العنف ويشتعل الصراع حتى تنهار الحكومة الإسرائيلية وتُخلق حالة من الفوضى ومن ثم يمكن إقامة نظام حكم جديد منبثق عن الشريعة اليهودية، ولأجل هذا الهدف يجب العمل على هدم المؤسسات القائمة وإقامة مؤسسات جديدة، وهو يبدو متأثرًا بشكل كبير بأطروحات الأناركيين ودعاة الفوضى الخلاقة ونبوءات نهاية العالم.
وقد تم القبض عليه إثر اتهامه في قضية إحراق عائلة الدوابشة الفلسطينية في عام 2016م، إذ مات أربعة أفراد من الأسرة حرقًا منهم طفل عمره عام ونصف وكانت تلك الحادثة مثار اهتمام العديد من الصحف العالمية.
والجدير بالذكر أن عمليات إحراق منازل الفلسطينيين من قبل المستوطنين الصهاينة هي عملية متواترة الحدوث بل تجد لها تأصيلًا فقهيًا لدى هؤلاء المستوطنين، فها هو المتطرف الصهيوني موشيه أورباخ (Moshe Orbach) وهو من سكان بنى باراك يضع كتيبًا بعنوان " ملكوت الشر " (The Kingdom of Evil) يقدم من خلاله برنامج عمل لكيفية إحراق العرب في منازلهم يقول: " عليك أن تذهب للقرى العربية وتبحث عن منازل العرب مسلمين ومسيحيين وتكسر الزجاج أو الشبابيك أو الأبواب وتقذف بالمولوتوف داخله، ولكي تتجنب هرب سكانه قبل احتراقهم أشعل مدخل المنزل هو الآخر لكي توقع أكبر عدد من الإصابات الممكنة فيما بينهم ويمكن أن تضربهم على رأسهم لكي تمنعهم من الهرب فيفقدوا وعيهم ويحترقوا في النيران ".
وهو ذات السيناريو الذي تم به إحراق منزل عائلة الدوابشة، لذا أشارت أصابع الاتهام إليه وللمجموعة الإرهابية التي ينتمي إليها والتي يطلق عليها ( العصيان )، والجدير بالذكر أنه قد سبق القبض على موشيه أورباخ من قبل بتهمة إحراق إحدى الكنائس(11) ، ومنازل أخرى تمت كتابة عبارات عنصرية على جدرانها مثل غادروا (Leave ) و الموت للعرب Death to Arabs .
وبالعودة إلى إتنجر فقد وجه خطابًا للمحكمة التي مثل أمامها بتهمة إحراق منزل الدوابشة قال فيه:" لقد منعتموني من الوصول إلى بيتي، والمكان ليس لكم، ولكنه للنبي يعقوب، مالك أرض إسرائيل، ومنعتموني من العودة إلى منزلي في القدس، والقدس ليست لكم، فهي موطن الهيكل، هذه الحكومة ــــ حكومة إسرائيل ــــــ هي ضد التوراة وضد وصايا الرب" (12) وهو خطاب يجسد مجمل رؤيته الدينية وقناعاته العقائدية المتمركزة حول أحقية المتطرفين اليهود بالأرض وبالتالي شرعية إبادة كل من عليها من غير اليهود.
إذ يدعو إتنجر الذي يسير على نهج جده كاهانا لإقامة حكم يهودي وخلافة يهودية خالصة على منهاج التوراة مما دفع البعض لإطلاق لقب (أمير داعش إسرائيل) عليه .
وفي التحليل الأخير تبقى كلمة مفادها: أن ما يرتكبه الصهاينة من أعمال إجرامية ضد الفلسطينيين، هي في كثير منها ذات دوافع دينية تأسست على قراءات خاطئة وتعسفية ومقتطعة ومجحفة للنصوص الدينية، إذ تنطلق من تفسير حرفي ومنحرف لكثير من تلك النصوص باقتطاعها من سياقها التاريخي ومحاولة إسقاطها على الواقع الحالي، والخطأ في ذلك أنه يبدأ من أيديولوجيا فكرية ما متجهًا إلى النص ليبحث عما يعضد أيديولوجيته تلك، فاليهودي المتطرف المعاصر يقرأ هذه النصوص على ضوء أيديولوجيته التي تكونت مسبقًا ومن ثم يسقطها على واقعه، من هنا تتجه فتاوى التشدد اليهودي لشيطنة الفلسطينيين باعتبارهم أحفاد العماليق وهم الأعداء التاريخيون الذين دعت التوراة لإبادتهم مؤكدين أن لكل عصر عملاقه، وهي قناعات تضرب بجذورها عميقًا في الوجدان الصهيوني ومن شأنها الدفع نحو مزيد من القتل للعرب والمزيد من إحلال يهود مكانهم عبر إضفاء تبريرات دينية على تلك الممارسات، ومن ثم يبدو الاستعمار الاستيطاني بكل بشاعاته وكأنه أمر ديني يتحتم الامتثال له بل ويتحتم الذهاب فيه إلى حده الأقصى لتفريغ الأرض تمامًا من أهلها.
مراجع الدراسة
(1) غازي السعدي: الأحزاب والحكم في إسرائيل، دار الجليل للنشر، عمان، الطبعة الأولى، 1989م، ص393.
(2) عبد الوهاب المسيري: الصهيونية والعنف، دار الشروق، الطبعة الأولى، 2001م، صـ296.
(3) Yehoshafat Harkabi: Israel’s Fateful Hours, translated by lenn schramm, New York,1988,p.169.
(4) غازي السعدي: الأحزاب والحكم في إسرائيل، مرجع سابق، 394 – 395.
(5) عبد الفتاح ماضي: الدين والسياسة في إسرائيل، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1999م، صـ 512.
(6) المرجع السابق: صـ 514.
(7) إيمانويل هيمان: الأصولية اليهودية، ترجمة سعد الطويل، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1998م، صـ 189.
(8) مائيير كاهـانا: شوكة في عيونكم، ترجمة غازي السعدي، دار الجليل للنشر، عمان، الطبعة الأولى، 1985، صـ 21، 201.
(9) المرجع السابق: صـ 225.
(10) المرجع السابق: صـ228.
(11) . see: Times of Israel: Israeli court convicts radical right-ing activist of sedition , February 19, 2016. Chaim Levinson: Israeli Right-wing Activist Convicted of Sedition for Writing Manual for Jewish Terrorists , Haaretz, Feb 20, 2016.
(12) Yedeoth Ahronoth: Meir Ettinger to remain under administrative detention, 02.01.2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح