الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع رد من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على الرفيق فيصل لعيبي

سالم حسون

2006 / 3 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في البداية نشكرك أيها الرفيق على تلك الرسالة النقدية المفعمة بالروح الرفاقية العالية التي تنضح بالحرص على الحزب ودوره التاريخي في العراق ، وأن نشرها على صفحات الإنترنت يدلل على شفافية في التخاطب يدعو إليها حزبنا في ظروف الديمقراطية الجديدة في العراق من أجل تجاوز الأطر التقليدية في العلاقة بين القيادة والأعضاء ، والإستفادة من منجزات عصر الثورة التكنولوجية .
يتضح أيها الرفيق أن معاناتك تمتد الى سنين طويلة لكنك مازالت لم تفقد الأمل الى الآن في يصحو الحزب من كبوته ويسترجع مكانته التاريخية في الساحة السياسية العراقية .
لقد أتيت أيضاً في رسالتك على العديد من النقاط المهمة التي تبين الضعف في نشاط الحزب وعمل هيئاته وسياسته وكذلك مقترحات التعامل مع أصحاب الراي الآخر في داخل الحزب وخارجه. والحق يقال فإن اللجنة المركزية تضم صوتها الى صوتك في جميع ماذهبت إليه من السلبيات التي تعيق عمل الحزب ، وبودنا ومعنا جميع المنظمات الحزبية وكل الشيوعيين الشرفاء داخل الحزب وخارجه أن نقوم سوياً بإجراء بكل ماهو ضروري لأن يُحدث نقلة ثورية في فكر الحزب وخطابه السياسي والإيديولوجي في المرحلة الراهنة ، لكن هناك العديد من القوى المؤثرة داخل الحزب مازالت تعيش في الماضي تقف عائقاً ضد مسيرة الإصلاح وإعادة النظر وخصوصاً سكرتير الحزب الرفيق ابو داود والمكتب السياسي ، الذين يسعون جاهدين للإبقاء على "جْلالات" الحزب المتهرئة بدون تغيير رغم قباحة منظرها.
ونحن نضم رأينا الى رأيك بخصوص إعادة النظر في مجمل سياسة الحزب على جميع الأصعدة ومنها سياسة التحالفات الآنية مع القوى السياسية ، والعلاقة مع الحركة القومية الكردية ومن الفدرالية ، موقف الحزب من التغيير في الخارطة السياسية العراقية بعد سقوط نظام جرذ العوجة ، وما الذي يتعين على الحزب إعتماده من نظرة وتقييم للإستقطابات القومية والطائفية التي حدثت في المجتمع العراقي والتي تحتاج الى فهم واستيعاب هادئ ومدروس على هدى النظرية العلمية وتجربة الحزب التاريخية الغنية.
وكما ترى أيها الرفيق العزيز الحالة التي وصل إليها الحزب بعد نيسان 2003 إذ لم يستعد الحزب شيئا ً من مكانته السابقة لدى الجماهير والسبب يكمن في قلة الحكمة في سياسة الحزب الحالية التي يقودها الرفيق ابو داود في الإستمرار في إعادة إنتاج سياسة التحالفات القديمة التي لم تجلب إلا الوبال على الحزب ، فبدلاً من إنتهاج البقاء مع الجماهير والعمل معها إختصر مجمل الجهد الحزبي والسياسي الى العمل تحت قبة البرلمان بممثل واحد فقط ، وتسليم أمور الحزب بيد حركة الوفاق العراقية نصف البعثية التي دعمتها وكالة المخابرات الأمريكية وذلك من أجل مواجهة القوى الظلامية كما يقال ، والمقصود بها القوى الإسلامية الشيعية ، وإذا افترضنا أنها ظلامية حقاً فلماذا يغمض الرفيق أبو داود عينيه عن القوى الظلامية السنية ، ومنها الحزب الإسلامي العراقي الذي أصبح ملاذاً لبعثيي الأمس القريب الذين تحولوا الى اللبوس الديني الظلامي وعلى رأسهم طارق الهاشمي البعثي المعروف الذي لا يدين قتل العراقيين على الهوية كما يجري في مناطق مختلفة من الحلة مسقط رأس الرفيق أبو داود بل يعتبر ذلك مقاومة شريفة مقاومة ، ولا يأبه الرفيق من الظهور العلني الفعل سوياً في صف واحد مع شلة من هؤلاء الظلاميين " البعثيين" القدامى، الديمقراطيين الجدد من إمثال الدليمي الرعاش وصالح المطلق وطارق الهاشمي وأياد علاوي أعداء الشيوعية اللدودين الذين ولغوا سابقاً من دماء الحزب رغم مايثيره ذلك من سخط وإشمئزاز لدى العراقيين الذين يتعاطفون مع الحزب. وبدلاً من أن يخرج الرفيق أبو داود وعداه من أعضاء المكتب السياسي الى الساحة العراقية الكبيرة المفتوحة ويعيشوا مع جماهير الحزب ، ويذوقوا حلاوة المبيت في مقرات الحزب في مقراتهم نراهم يتمترسون بالمنطقة الخضراء ، وأصبحت علاقته بالتنظيمات الحزبية لا تجري إلا بالموبايل ، وحمداً لله على هذه النعمة.
لقد كنت أيها الرفيق محقاً كل الحق في أن الحزب الشيوعي العراقي لم يحقق مأثرة سياسية واحدة بعد تلك المآثر الخالدة كوثبة كانون أو إنتفاضة تشرين في الخمسينات وذلك لإبتعاده كلياً عن النهج الفهدي واساليبه ، إن المشكلة أيها الرفيق تكمن في أن الحزب في يعاني من تأثير تراث مدمر في الذيلية والتبعية يمتد لعشرات من السنين مازال يخنق الحزب ويمنعه من تبني برامج " ثورية " مستقلة طموحة تليق بتراثه وقدرته بعيداً عن سياسة التحالفات الرعناء التي مازالوا حتى اليوم يبرورنها بشكل إنتقائي بمقولات من الرفيق فهد على طريقة لاتقربوا الصلاة كقولهم ... قووا تنظيم الحركة الوطنية ، ويتغافلون عن المقطع الأول للمقولة وهي ".. قووا حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية..
لقد بدأ هذا التراث اليميني الذيلي مع ثورة 14 تموز حين طبل الحزب بضغط من الإتحاد السوفيتي لعبد الكريم قاسم ، وسمح له بترسيخ الدكتاتورية ممامهد لإجهاظ الثورة وسقوطها لاحقاً الثورة على أيدي أعدائها من القوميين والبعثيين الذين سفكوا دماء آلاف الشيوعيين في 8 شباط 1963 المشؤوم وبعده ، ومع ذلك لم تمانع قيادة الرفيق عزيز محمد بعد صعود حزب البعث للحكم مرة أخرى عام 1968 من إقامة جبهة التحالف القومية التقدمية مع صدام حسين من أجل إقامة الإشتراكية في العراق بقيادة البرجوازية الثورية . وكانوا قبلها قد أيدوا إجراءات التأميم ضد القطاع الخاص عام 1964 وأعتبروها خطوات إشتراكية رغم أنف آلاف الشيوعيين القابعين في سجون الحكم العارفي في نقرة السلمان والكوت وديالى وغيرها، ولم تر البعد الطائفي لهذه الإجراءات الموجه لتدمير طائفة التجار والموسرين الشيعة وتهميشهم لصالح إقتصاد دولة عبد السلام عارف الطائفية. وحين قلب صدام ظهر المجن للشيوعيين في 1977، وكان ذلك متوقعاً لكل ذي بصيرة ، وبدأ حملته الظالمة لتصفية الحزب الشيوعي العراقي ، كانت القيادة مشغولة بإنقاذ نفسها فقط وترك الحزب بأكمله تحت رحمة البعث ، وانتقل الحزب كما هو معروف الى سوريا وهناك أيضاً لم يتعظ بتجربة التحالف ، بل إنبطح مجدداً في جبهات جود وجوقد . وحين نشطت حركة الأنصار في شمال العراق في الثمانينات كان الحزب آخر من إنضم اليها رغم وجود العديد من رفاق الحزب الذين رفعوا السلاح بدون أوامر حزبية ، وتناست القيادة الحزبية بزعامة عزيز محمد وكريم أحمد وغيرهم أممية الحزب الشيوعي العراقي وانهمكت بتكريده ، ودفعوا الى تشكيل حزب شيوعي كردي على الضد من تعاليم الرفيق فهد التي تقول بانه لا يمكن تأسيس حزب شيوعي على أساس قومي ترضية للقيادات اليمينة الكردية . وعلى الرغم من أن أعداد الشيوعيين العراقيين العرب والكلدوآشوريين وغيرهم في فصائل البيشمركة كانت أكثر من الأكراد أنفسهم الذين ينظر إليهم كألهة على الأرض كان الشيوعي العربي او التركماني أو الآشوري أو الكلداني ممنوعاً من الإجهار بقوميته أو بطائفته و إذا قام بدلك على استحياء فيعتبر متعصباً قومياً أو دينياً . وعدا تلك " التخفيضات الخاصة" التي منحها الحزب للأكراد إنهمكت قيادتة مرة أخرى تلهث وراء الحزبين الكرديين الكبيرين المتخاصمين حدك وأوك وزعيمه الطالباني المولع بالكسب السياسي فقام بتحالف مشبوه مع صدام حسين عام 1983 ودشنه بمجزرة بشت آشان الأولى والثانية التي ذهب ضحيتها العشرات من المناضلين العرب الشيوعيين الذين سرعان مانستهم القيادة الشيوعية التي أصبحت أكثر خضوعاً وذلاً للمجرمين القتلة من أوك ، وسامحتهم مادام المقتولين من العرب.

ولم يكن النشاط الأنصاري للحزب الشيوعي العراقي يتناسب مع طموحات الرفاق الملتحقين الذي كانوا يطمحون الى حرب تحرير لكنهم تحولوا الى مجرد بيادق في لعبة سياسية وتجاذب بين قيادة الحزب وبين السلطة كان الرفيق مكرم الطالباني عضو اللجنة المركزية سابقاً عرابها ، فبدأ الكثير منهم يلقي سلاحه ومعها البطاقة الحزبية ويتوجهون الى المنافي الأوربية. أما ماكان يجري للرفاق القياديين في سوح النضال في سوريا ولبنان من فضائح تزكم الأنوف فقد جعلت الحزب الشيوعي العراقي حزب الشهداء علكة في الأفواه ، فمن مِن الشيوعيين العراقيين في سوريا لم يعرف قضية أبوعرفان العضو الشيوعي المندس وسمسارالرفاق الكبار ، ومن لا يتذكر الرفيق فخري كريم زنكنة عضو المكتب السياسي الذي كان يختار من أجمل الشيوعيات العراقيات حريماً له.

وبعد سقوط الإتحاد السوفيتي وأنهيار الأحلام النظرية الوردية سقطت الأمتيازات والمنح فاضطر بعض أعضاء القيادة بالتحول الى المنافي الأوربية التي انتهت فيها بعض الوجوه المدوية في تاريخ الحزب، وترك بعض أعضاء القيادة القديمة الحزب بعد أن بلغوا من العمر عتياً ، أما الرفيق فخري فكان أذكاهم فقد إحتفظ بملايين الدولارات التي منحتها قيادة اليمن الجنوبي للحزب الشيوعي العراقي وأسس بهذه الأموال فيما بعد إمبراطورية المدى ، وكما يقال بالعراقي " گلب بالدخل " بدون أن يجرأ أحداً من القادة على النبس ببنت شفة لأن فخري كريم كان يحتفظ بأوراقهم السرية ، وما خُفي فيها فهو أعظم.

إن حل أزمة الحزب أيها الرفيق يتمثل بالعودة الى تقاليد الحزب الفهدية والرجوع الى هوية الحزب الطبقية والسياسية الحقيقية التي نساها الرفيق أبو داود الذي يتعين عليه أن يتحلى بشئ من الحياء وأن يتذكر الرفيق فهد مرة واحدة على الأقل في حياته ، وعليه وعلى غيره أن يتركوا القوط البرجوازية وأربطة العنق الفاخرة ، وسيارات الحماية ، و كما ينبغي على أعضاء اللجنة المركزية والقادة الذين مازالوا في المنافي أن يعودوا للعراق كمناضلين في العمل السري ، ويلبسوا الدشداشة والغترة والنعال ، ويناموا مع الفقراء على الحصران في مدينة الثورة والشعلة ، ويأكلوا من كباب علاوي الحلة وخبز أهل الهور ، ويذهبوا للدورة متخفين كباعة خردة فروش ، او لقناني الغاز ليشموا رائحة المفخخات ، وليروا بأعينهم معاناة الآشوريين والشيعة هناك ، ونتمنى أن يذهب الرفيق أبو داود الى أطراف مدينته الحلة في جرف الصخر والمسيب والإسكندرية ليعيش نكبة الشيعة مع الإرهاب، عليه أن يتعرف على العراق من جديد مثلما فعل الرفيق فهد الذي طاف العراق على وسعه وقال متفاخراً بذلك : " حُبيت العراق على ركبّي" ويعودوا بعد ذلك للمنطقة الخضراء بعقلية جديدة ومنهاج جديد ... عند ذلك سوى تكون صورة أبو داود التي تتداخل فيها عناصر التمرد والثورة والإستعداد للإستشهاد من أجل الحزب والشعب أزهى ، وتستحق منك أيها الفنان الرائع أن ترسمها كما تريد ، لأن الشيوعي هو مشروع إستشهاد وحسب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض