الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان بين إمبراطوريتين..

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 3 / 15
حقوق الانسان


اعتادت أميركا أن تصدر تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان في العالم..
واعتادت أن تحمل الكثير من أنظمة البلدان النامية المسؤولية عن خرق حقوق الإنسان بدءاً من الاعتقال التعسفي وقمع الحريات الشخصية وصولاً إلى غياب سيادة القانون والديمقراطية من خلال وجود قوانين الطوارىء والأحكام العرفية واستبداد أقلية حاكمة بعشرات وربما بمئات الملايين من تلك الشعوب.
ويقال الكثير عن تقرير أميركا هذا أنه دائماً وأبداً كان مسيّساً وموجهاً ضد الدول التي لا (تساير) سياساتها..
لكن من غير المعتاد أن تصدر الصين تقريراً سنوياً مضاداً لتقرير الولايات المتحدة وتقصره على أميركا .. فقط!!.
فأميركا اتهمت النظام الصيني بالكثير فيما يتعلق بخرق حقوق الإنسان في الصين..
أما الصين فقد ردت بخرق الولايات المتحدة لحقوق الإنسان في أميركا وخارج أميركا.. بل تعدت اتهاماتها إلى خرق حقوق الشعوب وسيادة الأمم والدول على أراضيها ووصفتها بأنها إمبراطورية قائمة على القهر وقانون القوة..
ونحن نصدق كل ما تقوله الصين عن أميركا.. ونصدق أيضاَ كل ما تقوله أميركا عن الصين!!
فكلا الدولتين تمثلان رمزين أساسيين في النظام العالمي..
أميركا، إمبراطورية تحمل مشروعاً كونياً يهدف إلى تغيير العالم حسب رؤيتها نحو ما يسمى (الديمقراطية الحرة) وتعتقد أنها انتصرت على كافة الأنظمة التي اختلفت معها.. وإن كان أكبر انتصاراتها زوال الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية.. فهي تعتقد اليوم أن حربها ضد الإرهاب هو محور سياساتها العالمية.
بالطبع تتناسى أميركا أنها في غمار هذه الحرب ترتكب الكثير من الحماقات وتخترق الكثير من المواثيق والدساتير العالمية المتعلقة بحقوق الإنسان.. وليس من داع أن نتحدث عن المحنة العراقية والأفغانية.. وغير ذلك..
إلا أن الصين في المقابل تمثل نظاماً آخر ما زال يتمسك بمقولة الاقتصاد الاشتراكي الموجه من قبل الدولة.. ويبدو أنه من الأنظمة التي سيكتب لها الحياة طويلاً بحكم أنه نظام امتلك ما يدافع به عن نفسه إزاء أي تدخل خارجي.. من خلال ترسانة نووية ليست قادرة على تهديد وردع كل من يفكر بالتدخل في شؤونها الداخلية فحسب وإنما قادرة أيضاً على توجيه ضربات وقائية لأعتى قوة في العالم، وهو ما تدركه أميركا تماماً..
إلا أن الصين متورطة بخرق حقوق الإنسان أيضاً من خلال نظامها الشمولي القائم على التضييق والحصار على حريات الناس العامة ومطامحهم الديمقراطية، رغماً عن أنها تعتبر متقدمة جداً نسبة للكثير من بلدان الشرق الأوسط الأكثر شمولية وقمعاً.. والأضعف والأخرق والأدعى للسخرية إزاء أن تصمد في وجه أي تهديد خارجي..
كلا الإمبراطوريتين له مشروع كوني.. وكلاهما متورط إلى ما فوق أذنيه بخرق حقوق الإنسان..
وما يقوله الصينيون عن أميركا هو الصواب..
وما يقوله الأميركيون عن الصين هو الصواب أيضا!!
لكن!!
ما الذي تقوله تقارير المنظمات الحقوقية والقانونية في العالم عن حال حقوق الإنسان عندنا؟! نحن عرب الجاهلية، ويهود السبي.. ومشردي الألفية الثالثة.. وأصحاب المشروع الكوني (الأصولي) القائم على (الجهاد) أو الرسالة الخالدة أو (الرؤية) الشمولية في النهب والحرق والقتل والاستباحة.. لشعوبنا بالطبع!!
ونحن اليوم لسنا إمبراطورية يحسب لها حساب.. وإن أردتم نحن اليوم لسنا شيئاً يشبه الدولة أو الأمة في شيء!!!
فهل لنا أن نعترض على أميركا مثلاً.. أو (معاذ الله) على الصين، في خرقهما لحقوق الإنسان؟!
أعتقد أننا بحاجة أولاً لشرح وتوضيح هاتين المفردتين العظيمتين وتعميمها بحجم مساحاتنا العربية: كلمة حقوق أولاً ثم كلمة إنسان!!
وبعد ذلك لكل حادث حديث!!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو


.. بعد توقف القتال.. سلطات أم درمان تشرع بترتيبات عودة النازحين




.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما