الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفخّ .!!

ميشيل زهرة

2018 / 4 / 24
الادب والفن



ابن خالتي سعدو عندما يزورك ، يدرس زمن الزيارة ، على أن تكون قبل الغداء بساعة ..و لكي لا يورط نفسه في مأزق قلة الأدب و الذوق ، و لا يكون ثقيل الحضور في هذا الوقت بالذات ، لا يتورع عن أن يخاطبك بصوت عال دون أن ينظر في وجهك قائلا : قسما بالله يا جماعة ما لنا منيّة بهذه الزيارة ..كنا مارّين من قرب البيت ، فقلنا عيب على شرفنا ألا نمرّ و نسلم ..! و عندما ترحب به و تقول له عبارات الترحيب المنافقة التي تقولها من خلف قلبك ، لأنه جاء في وقت غير مناسب ، يبدأ هو برمي شباكه : يا أخي زرنا البارحة أبا فلان ..بالله الجليل أخجلنا الرجل ..مدّت زوجته الطاولة على الحارك ..و وضعت عليها قنينة العرق ، و صحن البزر ..قلنا نتسلى قليلا بعد أن أقسمت ، ربنا يستر عليها ، ألا نخرج بدون أن نشرب كأسا . قلنا نشرب كأسا و نمضي إلى بيتنا ، أنا و أختك أم جعفر ..و لكن الأمر لم ينقض عند هذا الحد ..هه ..بعلمك ، و إلا بدأت الصحون تتوافد ..و قد بدأت رائحة الشواء تصل إلى أنوفنا ..و رحنا نقسم الأيمان الغليظة ألا يفعلوا ذلك ..لكن الكرم في الدم يا جماعة ..ليس باليد ..فبقينا ..و كانت جلسة من العمر ..!
فتقوم أنت خجلا لتقدم شيئا من طعام و شراب لكي تثبت لسعدو أنك كريم أبا عن جد ..فتفرش الطاولة و تتورط بغداء سعدو و حرمه المصون التي تجلس كالبكماء ، و تدخن و تشرب ، و تلتهم قطع الشواء ازدرادا ، و كأنها اقتلعت اللوزتين ، و باقي تجويف بلعومها . و لو أنك حاولت أن تراقبها خلسة لوجدت أنها لا تمضع ، و إنما تبتلع ، و هي تتململ على كرسيها الذي يصرّ ألما من ضخامة مؤخرتها ، و ثقل بطنها ..فيخيل لك بأن في ذاك البطن ، و تلك المؤخرة شيء يشبه الطواحين و ليس الأمعاء ..! و لكن لو أنك عكست الآية ، و زرت ابن خالتي سعدو في بيته ، آملا أن يستقبلك كما استقبلته على مائدتك ، لا يتورع أن يرحب بك أيما ترحيب ..و لن ينسى أن يذكر لك ما قاله السلف في هذه المناسبات : يا أخي يقول المثل ، رحمة الله عليه : لا قي لي بابتسامة ، و لا تُطعمني ..و ليس أجمل ، و أسعد لروح الضيف من سن ضحوك في وجهه ، حتى لو أنك لم تقدم له شيئا ..تفضلوا إلى هنا ، يا جماعة ، و أنت تراقب زوجة ابن خالتي صاحبة المؤخرة الهائلة وهي تدور ، و تدور ، بكل ثقل مؤخرتها و بطنها ، فتظن أنها خرجت إلى المطبخ لتجلب شيئا لتضعه أمام ضيوفها ، لكنك تصاب بالخيبة عندما تأتي فارغة اليدين إلا من مكبة سكائر فارغة لتضعها أمامك . فيرتفع صوت ابن خالتي سعدو سائلا عن علبة تبغه ، فيرد عليه ابنه نصف الأبله : خلصت ..! فتضطر أن تسحب علبة تبغك و تضيّف ابن خالتي سعدو و زوجته ، و ابنه . و ليتك تراقب شراهتهم في التدخين ..! و عندما يتفضل ابن خالتي مفلسفا مسألة الضيافة قائلا : ماذا يريد الضيف ، غير فراشا مريحا ، و كأس ماء بارد ، و مكبة سكائر ..و كأس شاي ..؟؟ و لكن ، لا ينسى أن يضيف عبارة أخرى موجها الكلام لابنه جعفر : شعل لي منقل الفحم ولاه ..العمى شو أنك بارد ..!! و تمر العبارة على أذن جعفر أفندي مرور الكرام ، و كأنه قد لقن درسه مسبقا ..فيمتص سيجارته بشغف ناظرا في البعيد دون اكتراث ..و بعد ساعة من أوامر سعدو لجعفر أفندي ، يوجه الكلام لزوجته التي تغتال كرسيها بطريقتها الخاصة ، حيث تقوم بوضع الكرسي تحت مكبس مؤخرتها لتسحقه في كل حركة تقوم بها : يا مرة ..شو صار بالغدا ..؟؟؟ فترد عليه بثقة البارع في تمثيل الدور : عجلة النار يا قاضي ..! قاصدة أن الطبخة على النار .! و عندما يمضي الوقت ، و تبدأ عصافير بطنك تزقزق ، و تهمّ بالرحيل مودعا ..يخرجون معك إلى باب البيت مودعين لائمين ، أنك لم تنتظر الغداء حتى يخرج من تحت يدي أختك أم جعفر ..و إن هذه الفعلة ، و احدة من الكبائر التي لا يفعلها كريم ..و إنك كمن يقول لهم لا تزوروني ، و لا تأكلوا عندي بعد اليوم ، لأنك جعلتهم يخسرون ثمن غداء طبخ خصيصا من أجلك ..فتضطر أن ترد عليهم كاذبا : و الله يا جماعة ، ما جئناكم مجربين ..و غداءكم مأكول وشايكم مشروب ، و لا نشك بكرمكم ، لكننا تأخرنا عن الأولاد ..الأولاد عندهم امتحانات ، و الواجب أن نكون في البيت في هذا الوقت ..ربنا يعمر لكم الديار ، و يحفظ لكم البنين و البنات ..و ليبارك لكم في جعفر و أخوته ..! و تمضي لتلوك قصتهم ، أنت و كل من يدخل بيتك من الجيران و الأصدقاء : إن هذا الأبي جعفر وبغلته ذات الأكفال واحد نذل حقير .. ياخذ و لا يعطي . و لكنك مع بعض الأصحاب تفكرون أن ترسموا له فخا محكما لا يمكن أن يفلت منه في قادم الأيام ..!
جعفر أفندي يزور الأولاد دائما ..و لابد أن نقول في حضرته : سمعنا أن الوالد مريض يا جعفر ..فتقول أنت لصديقك أمام جعفر أفندي : خلينا نشتري ، نحن و الأصحاب ، كيلوين من العسل ، و صندوقين من الفواكه ، و خمسة كيلوات من الموز ..لا بل خليهم عشرة ..إن أبا جعفر مسكين و مريض.. و هو صديقنا الذي نحبه ..و لا تنسوا أن تمروا لعند أبي عبدو الفراريجي ، و تشتروا أربعة فراريج ..خلوه ينظفهم و يقطعهم لكي لا نتعب أختنا أم جعفر ..و من فضلكم مروا على أبي سامر القصاب ، و اشتروا ثلاثة كيلوات من لحم الضأن ..أبو جعفر لايحب لحم البقر ..يحب الضأن ..! و لا تنسوا أن تشتروا بعض المنظفات لأختكم أم جعفر ..و بعض الخضار ..المهم أريد صندوق السيارة مليئا بما لذ وطاب ..الصديق وقت الضيق ياشباب ..و لا ننسى أن ندفع أحد الأصحاب أن يقول أمام جعفر أفندي : يا أخي هذا الأبي جعفر لم يستاهل كل هذا الكرم ..هو لم يطبخ لنا غداء في يوم من الأيام ، ويدعونا إليه ..فيرد أحدهم على مسمع جعفر أفندي : إذا لم يقم بواجبنا هذه المرة لن أفتح طبون السيارة ..و سأعيد كل المشتريات إلى منزلي و أعطيكم ثمنها ..فيرد آخر ..أنا واثق أنه لن يبخل علينا بغداء هذه المرة ..و لكن لا تفاجئوه ..ارسلو له جعفر ليبلغه أننا قادمون ..ينهض جعفر و يبلغ الوالد و الوالدة بما دار من حوار بين الأصحاب ، و أن صندوق السيارة مليء بما لذ وطاب ، و إنهم قالوا : إذا لم يكن استقبالهم على قدر الهدية لن يفتحوا الصندوق و يتنزلوا البضاعة ..فحذاري يا والدي ألا تقوم بواجبهم ..و تتحرك أم جعفر لتبدي رأيها ، آمرة جعفر أفندي أن ينزل إلى السوق و يشتري لحم الدجاج ، و يستعير من عند أم أحمد جارتهم ، منقل الشواء ، و الأسياخ ، لأن اللحم لم يشو في دارهم يوما ..و عملت السَلطات ، و المقليات ، و اشترى أبو جعفر لترعرق بلدي ، و رفعت الطاولة ، بانتظار الضيوف الأحبة المخلصين ..! و عندما دخل كبير الأصدقاء قام الجميع للاستقبال . لكن ما كان ملفتا للنظر حركة أم جعفر ، و رقصة أردافها الهائلة وهي تستقبل الضيوف خارج المنزل وعينها على صندوق السيارة المليء بما لذ و طاب ..و خاصة للعسل كان له دور الصديق الحميم الذي سيغير شيئا في قوى المعلم أبي جعفر ، و طاقته في الفراش ليلا بعد رحيل الضيوف ..! ينظر الأصحاب في عيون بعضهم ن و يتغامزون ، كلما فرغ الصالون من كتلة أم جعفر ، و ابنها ، و زوجها النحيل الذي تنعته بقفة العظام . لنحوله ..و كأنها ابتلعت كل ما علق على عظامه من لحم عبر السنين الخوالي . و بما أنكم تنصبون فخا لصديقكم البخيل ، و الميسور .. تتناولون كل ما على الطاولة بتلذذ و تشفي بابي جعفر و أم جعفر و جعفر أفندي ..لتر العرق لم يبق به نقطة واحدة ..و لا الفراريج المشوية ..و لا السلطات ، و لا الفواكه ، و التبولة ، و الفتوش . لم يؤلم أم جعفر الأمر ، حتى خرج الضيوف الأصدقاء ، و ركبوا في السيارة ..و وقف المعلم أبو جعفر مودعا ، لكنه ممسكا بباب السيارة لكي لا تتحرك قبل أن ينزلوا الأصدقاء ما وعدوا به ..و السيدة أم جعفر تقول بصوت عال : شرفتونا ..لا تنسوا شيئا ..لا تخلوا المشروب ينسيكم شيئا ..هل نسيتم شيئا ..؟؟ يا جماعة الخير بالله عليكم لا تنسوا . و تضرب على صندوق السيارة لعلها تذكرهم بما في داخله ..لكنك عندما تصر أن تعطي السيدة أم جعفر وزوجها درسا ، تنفجر في ضحكة تزلزل الشارع ليلا ..لتقول لأم جعفر : تأكدي أننا لم ننس شيئا ..و أن صندوق السيارة فارغا يا عزيزتي ..و إن ما قمنا به ليس إلا فخا نصبناه لكم ، لكي لا تزورونا في أوقات الوجبات و تحرجونا بمحبتكم هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى