الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم أمريكي طويل*

سامي حسن

2006 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


غـــزو العــراق..جـحيـم العــراق، فيلم هوليودي السيناريو والاخراج، ولأنه من إنتاج عصر العولمة فإن أبطاله متعددي الجنسيات، أمريكان وبريطانيين وإيطاليين ويابانيين واوكرانيين.. وغيرهم.
هو فيلم رعب وقتل وخوف وإثارة ومفاجآت، ومزيج من التراجيديا والكوميديا.
على إيقاع خطوات الجنود المتجهة صوب بغداد والمصحوبة بقصف من الطائرات والبوارج والمدافع يبدأ العرض، سحب من دخان النفط المحترق تغطي السماء، طلقات المضادات الأرضية العراقية تضيء ليل العراق، هاهي البيوت والقصور والجسور تنهار، وهاهم الضحايا العراقيين يسقطون. تتعثر في البداية خطى الجنود الغزاة، نتيجة المقاومة هنا وهناك..لنصل رغم كل تصريحات الصحاف المتفائلة إلى مشهد سقوط بغداد التراجيدي، وإذ نعتقد مع المشاهدين أن العرض قد انتهى مع انهيار تمثال ديكتاتور العراق صدام " طار الملك وطار الشاه"، ودخول معارضة الخارج على ظهور الدبابات، وخطاب النصر لمجرم الحرب بوش، نفاجأ بأن هذا المشهد ليس إلا البداية، حيث تتلاحق الأحداث، وتبدأ المقاومة، وعلى إيقاع الموسيقى الجنائزية يودع الأمريكيون توابيت جنودهم، وليستقبلوا بدموع ذويهم ، وصيحات تلعن الحرب وساعتها.
بخدعة سينمائية ينهض التمثال من تحت الأنقاض، وتنفخ فيه الروح، فيعود صدام بشحمه ولحمه ولحيته، ليضفي على الفيلم إثارة بعد القرف والملل الذي سببته مشاهد القتل اليومي الاعتيادية والمتكررة، ومرة أخرى يهم الجمهور بمغادرة المقاعد ظناً منه أن العرض قد انتهى، ليصدم بلقطات من التعذيب الوحشي في سجن أبو غريب. ويستمر العرض..
" قوم فوت نام وصير احلام إنه بلدنا صارت بلد...."، ولكن موسيقى الفيلم الصاخبة ..أصوات الانفجارات..كفيلة بحرمانك من النوم، وإدخالك في حالة دائمة من الانشداد واليقظة.
فجأة ينقلنا المخرج صاحب الأوسكارات عن أفلام الجريمة من السينما إلى المسرح، من التراجيديا إلى الكوميديا، إنـــهـا قــاعــة الـــمــحــكـــمــة.. صدام مرة أخرى ولكن في قفص الاتهام، وبرفقته برزان ورمضان و...، أما خارج القفص فقاض وشهود ومحامين، تنقلب الأدوار، فيصير الجلاد ضحية؟! الذين حكموا العراق بالحديد والنار والقوانين الاستثنائية والمحاكم الميدانية يرفضون الاعتراف بشرعية محاكمتهم في ظل الاحتلال ويطالبون اليوم باستعادة القانون واحترام حقوق الانسان، أما الاحتلال الأمريكي فيحاول بدوره استثمار هذه المحكمة لتسويق ديموقراطيته الزائفة، والتغطية على الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها بحق العراقيين...نقل مباشر متقطع.. حوارات واستجوابات ومرافعات واعتراضات وصيحات وتبدل في القضاة وتأجيل و...بانتظار النطق بالحكم في قضية الدجيل.. لا زال العرض مستمراً.
القتل على الهوية في عراق الطوائف والطائفية..عرب شيعة وعرب سنة وشيعة محيرين البعض ينسبهم إلى العرب وآخرون يقولون أنهم إيرانييين، أكراد سنة وشيعة وزيديين، آشوريين مسيحيين وتركمان سنة . " هي بلد..لأ مش بلد " ؟!. انتخابات وصناديق اقتراع على وقع المداهمات والاعتقالات والانفجارات، كل شيء في العراق مستباح، الانسان و الجامعة والمسجد والكنيسة، النخيل وحمورابي وحضارة ما بين النهرين.
الجثث على الطرقات وفي كل مكان، من الشمال إلى الجنوب إلى الوسط، قتل بدم بارد للمدنيين… أطفال بعمر الورد، شباب ونساء وشيوخ، علماء وأساتذة جامعات، إعلاميين... ؟! من القاتل، ولمصلحة من؟!. " يا خي ما حدا عارف شي من شي"؟. بدم العراقيين الأبرياء، وبريش متعددة – الاحتلال وعملائه، الموساد الاسرائيلي والعديد من أجهزة الاستخبارات في العالم، التكفيريين، الطائفيين، الشوفينيين،......- يرسم العراق اليوم..لوحة من الفسيفساء والطلاسم. المتصارعين خارج العراق لهم نفس الحلفاء داخله، والمتصارعين داخل العراق حلفاء خارجه؟.
المقاومة تتصاعد..آليات الاحتلال تحترق، والقتلى من جنوده بالآلاف. ولكن حذار ممن يشوه المقاومة؟! حذار ممن يقتل أبناء العراق ويتمترس زوراً في خندق المقاومة " يا عمي اطلع من الخندق"
غـــزو العــراق..جـحيـم العــراق، فيلم أمريكي طويل، بدأ عرضه منذ الساعات الأولى للاحتلال ولا زال مستمراً، وقد حان الوقت كي تظهر كلمة الــنــهــايـــة

*الجمل الواردة بين قوسين صغيرين مقتبسة من مسرحية فيلم أمريكي طويل لزياد الرحباني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير مؤسسة -شوا-: الدعوات لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات م


.. بوتين يقيل وزير الدفاع شويغو ويرشح المدني أندريه بيلوسوف بدل




.. بلينكن يحذر إسرائيل: هجوم واسع على رفح سيزرع -الفوضى- ولن يق


.. وزارة الدفاع الروسية تعلن السيطرة على 4 بلدات إضافية في خارك




.. الجيش الأوكراني يقر بأن موسكو تتقدم في منطقة خاركيف الأوكران