الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المكّي لا يموت.. المكّي في الحانوت.

كريمة مكي

2018 / 4 / 27
الادب والفن


من قال المكّي مات؟
المكّي لا يموت،
المكّي في الحانوت.
ادخلوا الحانوت و اسألوا الأبواب و السقف و البلاط و الحيُوط،
سيشهدون بأن المكّي و إن مات فانه حيّ يُرزق في الحانوت.
هنا عاش المكي في الحانوت و هنا عاش فيه و عشّش في أحشائه الحانوت.
هذه أنفاسه تختلط بحديد البيبان و بدهن الجدار و بذرّات الغبار...
و هذه بصمات أصابعه على بلور الفترينات و فوق لوح الكراسي و الكونتوار.
هو المكّي، الإسم الكبير، اليتيم المبخوت.. ذاك الذي ساكن لأكثر من خمسين عاما حجرا و خشبا و بلّورا و حديد فنبت له منهم صديق عظيم اسمه الحانوت.
انظروا:
هذه الكاف مدينتي: سيكا، مدينة العشق و السحر المكنون.
و هذهʺبينَعْنِينْʺ قلبها الحي،
وهذا هو الحانوت.
هنا المكّي كما كان يقعد و يقوم و هنا خلجات إحساسه تتجدد و تتمدد في الفضاء المعشوق و هنا روحه في كل زوايا الحانوت تجول.
كذلك العشق الحق يكون و من بعد الموت يدوم و يدوم.
إنّها روح المكّي و إنها لَروح الحانوت، فما الحانوت إلاّ بالمكّي و ما المكّي إلاّ في الحانوت.
***
أكثر من نصف قرن و الحانوت يحتضن المكّي .
المكّي الذي نشأ يتيما و لا أبٌ، و تربّى وحيدا و لا أختٌ و لا أخٌ.
عشرات السنين و لا ملاذ للمكّي إلاّ في حانوته ،ˮحانوت المكّي للألبسة الراقية في قلب ʺبينَعْنِينْʺ في قلب البْلادْ، بلاد الكاف العالية.
امتلك المكّي أكثر من حانوت و لكنّ حانوته فيʺبينَعْنِينْʺ كان أكثر من حانوت!
كان الصاحب و الرفيق
كان الحضن و السقف و الطريق
كان المكان الذي احتضن زمنَ عبد الرزّاق المكّي من نصف قرن مضى إلى ربع قرن أتى.
كان الشاهد الوحيد الباقي على المكّي: الرجل الوحيد ذو السحر الفريد.
بداياته..نظالاته..صراعاته
صباحاته..مساءاته.. سهراته
فجعاته..غصراته..
أرباحه..خساراته.
انه الحانوت و لا شيء أو أحد سواه، توأم الروح الذي يشعر بالمكّي و بحزنه و بخوفه و بصبره و بفرحه.
آه ..كيف مضى بنا الزمان يا زمان..
آه.. كيف اليوم المكّي يموت..
يقولون مات كعهد الناس به واقفا، شامخا، حليقا، أنيقا.
و لكن.. كيف فجأة يموت!
ألا يُعلم ..ألا يقول!
من سيواسي الرفيق؟
كيف سينسى الحانوت؟؟
لقد تمدد الصرح،
و دخلت الروح عالم الملكوت.
هل رأيتم كيف يبكي الحجر؟
و كيف ينفلق من الصخر فجأة كل الدّمع المكبوت؟
ادخلوا الكاف و اسألوا عن المكّي و الحانوت،
سترون المكّي ممدود و ترون كيف يبكي الحانوت.



***
عبدالرزاق المكّي المشري-28/06/1930—10/04/2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو


.. بأغنية -بلوك-.. دخول مفرح للفنان محمد الجراح في فقرة صباح ال




.. الفنان محمد الجراح: قمت بالكثير من الأدوار القوية لكنها لم ت


.. نقيب المهن التمثيلية يكشف حقيقة شائعة وفاة الفنان حمدى حافظ




.. باراك أوباما يمسك بيد جو بايدن ويقوده خارج المسرح