الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى متى يستطيع المواطن السوري أن يتحمل كل هذا النصب؟

سلطان الرفاعي

2006 / 3 / 16
حقوق الانسان


من يستطيع إيقاظ الشعب السوري من سباته الأربعيني؟

الشعب السوري اليوم أشبه بامرأة حامل مدة ثلاث وأربعين سنة، ولا تستطيع أن تتخلص من الجنين، -يلتصق بجسدها الهش- خوفا على حياته وحياتها.وتمضي متألمة مترنحة بحملها الثقيل، تبحث عن طبيب ماهر يُنقذها من الألم والهم والبؤس الذي تعيشه.

الشعب السوري اليوم أشبه بكرة، بدأوا يلعبون فيها بالأيدي، ثم شرعوا يتقاذفونها بالأقدام، تارة تصطدم بالحائط، وتارة تقع في اليم، وغالبا تنثقب.

الشعب السوري اليوم أشبه بقطيع من الخراف، ضل طريق مراعيه، وتسلطت الذئاب عليه.

الشعب السوري اليوم حديقة، يبست أوراقها وتكسرت أغصانها وجفت ينابيعها، وصمتت عصافيرها.

الشعب السوري اليوم، موسيقى صاخبة، فقدت عازفيها، وماتت ألحانها، وتمزقت أوتارها.وصدئت ألانها.



في سوريا، الله حاميها، يستطيع أي موظف، أي مسئول، أي بياع بليلة، أن يضع التسعيرة التي تناسبه وتُرضي أسياده، وطز بهذا الشعب، طز بالقوانين، طز بالأخلاق، طز بالرحمة.

والحكومة، السلطة، البعث، ومن لف لفهم، لا يهمهم سوى جني الأموال، حتى ولو خلع المواطن سرواله، مثلما فعلت إسرائيل بالأمس عندما أجبرت السجناء على خلع سراويلهم، ولكن من دون فعل الفاحشة، كما فعلت أمريكا في سجن أبو غريب.

وهنا أيضا، في سوريا الصمود والتصدي والشلح والبلع، نتجه لإجبار المواطنين على الخلع.

أحد المسئولين في المرور وفي بادرة تبييض وجه مع القيادة السياسية وتسو يد وجه وخلع مع الطبقات الشعبية، يقول: انه وفر للدولة عشرة ألاف فرصة عمل، غريب إذا كان ما يقوله صحيحا، فيجب أن تكافؤه. ولكنهم يعرفون ألبير وغطاه. أما كيف سيوفر العشرة ألاف فرصة فدعوني أخبركم: يريد أن يفرض على كل سائق تاكسي دفتر جديد ثمنه أربعة ألاف ليرة، وكل صاحب تكسي يريد أن يُشغل سائق عليه أن يصنع له هذا الدفتر، وحتى لو هرب بعد أسبوع أو ترك عمله، فيكون صاحب التاكسي قد تغرم بالمبلغ. هذه إحدى طرق اللص وصية يا سادة وليست طريقة لزيادة عدد فرص العمل. الرجاء أيها المسئول الكريم أن لا تستحمرنا، وشكرا لك على العشرة الاف فرصة الجديدة، وإنشاء الله لا نراك في أي منصب أعلى.



الضريبة التي تأخذها الدولة والسلطة ومن لف لفها، من سائق التاكسي تبلغ أكثر من خمسين ألف ليرة سورية سنويا، تصوروا : خمسون ألف ليرة سورية لرأسمال لا يتجاوز خمسمائة ألف ليرة سورية. أما ما تأخذه من تجار شارع الحمراء والحميدية والصالحية، فلا يتجاوز ربع هذا المبلغ، يدفعونه وهم يجلسون على كراسيهم الجلدية، بينما السائق المسكين يدفع المبلغ من عمره وعرقه وشقاه وطعام أولاده. أين القانون هنا، ومن سمح بذلك؟



الحكومة مثلها مثل الذئب، تبحث دائما عن فريسة سهلة، لا تستطيع أن تقترب من النمور أو الدببة، ولكنها أبدا تبحث عن فريسة سهلة. آلاف من المواطنين يروحون ويجيئون عبر باصات البولمان إلى المحافظات المختلفة، ولم ير الذئب الحكومي سواهم لكي ينشب أظافره المالية في أجسادهم التي أضناها طول السفر، والقهر والقمع. فكلفوهم بزيادة مقدارها عشرة ليرات سورية على كل تذكرة، ونستطيع أن نتخيل الملايين التي تدخل خزينة المالية من وراء هذا القانون الذي لا يستطيع أحد أن يقف بوجهه أو يقول لماذا؟



اليوم يتحدثون عن مرسوم جديد، ضريبة جديدة، تسمى أنفاق وجسور تطال كل السيارات، وقيمتها عالية، ومن يستطيع إيقافها أو منعها أو الاعتراض عليها.

كما قلنا يستطيع كل مسئول، حتى رئيس البلدية يستطيع أن يفرض ما يسمى عمل شعبي على المواطنين دون الرجوع إلى الجهات المختصة، المهم هو ترحيل المال إلى الجهات المالية.

عندما يصلك إشعار الكهرباء أو الهاتف أو الموبايل، تستطيع بحسبة بسيطة، بعد أن تُزيل ما تراكم على الفواتير الثلاثة من عمليات نصب واحتيال ومبالغ لا علاقة لك بها، أن تعرف مدى ما تتعرض له من سرقة من قبل هذه الدولة الراعية للصوص واللص وصية.



الشعب السوري مسكين، مركب في بحر متلاطم، تتقاذفه أمواج النصب والاحتيال والخروقا ت القانونية، والقرارات التعسفية، الفردية والجماعية.من يحمي الشعب السوري من كل هذا النصب الذي ترعاه الدولة بنفسها، وتُشرف أجهزتها على اقتناصه من جيب هذا المواطن المسكين.

لا يستطيع أحد أن يقول لوزير أو مدير عام أو حتى شرطي: ما هي مبرراتك التي استندت إليها في إصدار هذه الضريبة، أو إضافة هذا المبلغ؟ طبعا لا احد يستطيع ذلك، فالقمع والخوف والقهر الذي عايشه المواطن السوري خلال الثلاثة وأربعين سنة من حكم الحزب الواحد لجم فيها الأفواه، وساق إلى زنازينه كل من يقول لا.



ينتظر المجتمع السوري من كل مسئول ويطالبه بأن يلتزم، بالمعايير التي يعتبرها ملائمة، ولكن هذا الدستور الأخلاقي يُنتهك في كل لحظة، سواء بالارتكاب أو الإغفال، وعندما تقع هذه الأخطاء التي تتراوح بين النصب الفردي والنصب الذي تمارسه السلطة نفسها على الشعب المسكين، والتي يتغافل عنها القانون إن لم نقل يتعامى عنها، فالقانون (إن وجد في بلادي) هو قانون أعمى لا يرى إلا من عين الحكومة. عندما تقع تُبرر بمختلف الذرائع، من نضال في وجه الاستعمار، إلى تصدي للإمبريالية، إلى حالة حرب مزمنة مثل الإسهال لا تتوقف لأننا لا نريدها أن تتوقف، فهي تجلب لنا 30 % من تعب وعرق الموظفين والعمال حلالا زلالا نصبا غصبا.

عندما يقوم شخص من الشعب بارتكاب جريمة نصب على أحد فان المشانق تعلق له، أما إذا كان من الطبقة العليا، وكانت نصبته كبيرة، فهو من الشطار الأذكياء، أما إذا قامت الدولة بذاتها بعملية النصب على الشعب، فهذا صمود وتصدي واستعداد للمعركة الكبرى.



قد يتساءل الشعب عما يقود السلطة المالية إلى أنماط سلوكية لا أخلاقية أو فاجرة، ولا ريب في أن هذه الأنماط السلوكية تنشأ من خلال العمل على تثبيت المركز الذي وصله المسئول نتيجة نصبه واحتياله وتلاعبه وتغطيته على سرقاته، عن طريق فرض ضرائب جديدة تُغطي على السرقات الكبيرة.

صحيح أن كل المسئولين المعنيين بالحالة المالية والاقتصادية للشعب، يرغبون في البقاء فوق كراسيهم أكبر قدر ممكن من الوقت، من أجل تحقيق رفاهية السلطة، وشحاذة الشعب. واعتبار هذا هدف نهائي لهم. مع ذلك، فان الفساد أكثر شيوعا مما يمكن أن نتوقع، لأن المسئول ألبعثي في حالته الطبيعية ليس كائنا أخلاقيا ويبحث عادة عن طرق أقل مقاومة. ومن سوء الحظ أن يستسهل البعثيون إغفال القاعدة الذهبية، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، في اندفاعهم وراء تبييض الوجه، وتسويد النفس.



إن معظم المسئولين للأسف الشديد يجدون في الخيارات الأخلاقية عبئا ثقيلا مزعجا، والشيء المؤكد أنه إضافة إلى ضغوط الكرسي، يمكن لكل مسئول أن يختار بين أن يفتح كل جيوبه وجيوب أقاربه وعشيرته أو يلتزم الأمانة والاستقامة. وهكذا، يكون قد استسلم للنصب والاحتيال أو الوطنية الحق. وهذا اختيار طوعي ولسوء الحظ أنه لا يوجد، على المستوى ألبعثي والجبهوي والسلطوي، معرفة تعمل بحق على مساعدة المسئول على اتخاذ قرارات الضمير، لأن نهج مواجهة عمليات السلب والنهب والنصب لم يُكتب بعد.





الأخلاقية الأصيلة، وهي غير معروفة في السلطة السورية اليوم، تقوم على أساس محبة الشعب، واحترام رغباته، والاهتمام بحياته المعيشية. ويتألف دستورها من ملاحظة القوانين البشرية والإنسانية التي تسبق تاريخ البعث والجبهة الوطنية والتي هي الآلية العليا التي تمد سوريا بأسباب البقاء. وبسبب الصفة الإنسانية للمفهوم الذي نحمله عادة حول الأخلاقية، يمكن أن نفهم تماما أن الشعب السوري لن يعير اهتماما لهذا التاريخ وعلى العكس يعتبره مزعجا، أو مملا، أو قمعيا، أو استبدادا، ويتجلى كل هذا، بالكره الذي يحمله المواطن لكل مسئول ولكل بعثي ولكل من يسرق من فمه لقمة أولاده وسترة بناته

من له أذنان فليسمع!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رشوا السياح بالمياه.. سكان برشلونة يتظاهرون ضد السياحة المفر


.. لحظة اعتقال الشرطة الإسرائيلية لمتظاهر في تل أبيب




.. رئيس وزراء بريطانيا الجديد ينهي خطة لترحيل اللاجئين لرواندا


.. شهيدان بينهما موظف أونروا جراء قصف إسرائيلي قرب مخزن مساعدات




.. رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ينهي خطة ترحيل اللاجئين ?