الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران رابحة في اليمن مالم تخسر في غيره !

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2018 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


إ

منذ اندلاعها في آذار مارس 2015، نجحت ايران كما يبدو أو كما تعتقد هي على الأقل ، في تحويل الحرب العبثية التي تشهدها اليمن لصالحها، إذ غاب فيها الحسم والحزم منذ شهرها الأول، وأًصبحت حرب استنزاف كبرى تثقل كاهل السعودية عدوها اللدود في المنطقة بعد أن أخفقت - وماتزال- كل جهودها في تحويلها الى صديق، خصوصاً بعد رحيل العاهل السعودي السابق الملك عبد الله، ودخول العلاقات بين طهران والرياض مرحلة جديدة من الصراع على مناطق النفوذ، قال عنها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الثلاثاء الماضي أمام مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في نيويورك إنه صراع دمر المنطقة.
تحدث ظريف في نيويورك وقال كلاماً نقلته المعارضة الإيرانية الخائفة من تحسين ايران علاقاتها مع الغرب ، بطريقة مغايرة تماماً لما كان يُسوِّق الوزير الإيراني الذي وضع الحرب في اليمن على الطاولة هناك قائلاً : إن نتيجة الصراع بين ايران والسعودية على القوة والنفوذ في المنطقة كانت تدمير المنطقة، ومشدداً على أن الحوار بين ايران والسعودية وباقي دول الخليج ومعها العراق واليمن على أساس احترام سيادة كل دولة على أراضيها، سيكون لصالح المنطقة برمتها، مضيفاً وهو يغمز من طرف خفي الى تصريحات الرئيس الأمريكي رونالد ترامب الى السعودية وأنه عليها أن تدفع مقابل حمايتها، وقال(ظريف) "الأمن لايُشترى، و في الصراع فان الكل خاسرون "...
‏وأثناء وجوده في نيويورك مدافعاً عن الاتفاق النووي والسياسات الإقليمية لإيران، أجرى ظريف لقاءات مع مسؤولين غربيين وُصفت بالهامة، إذ تسربت معلومات أنه قدم مقترحات لحل الأزمة اليمنية كخطوة أولى تُعد أساسية لبناء الثقة قبل فتح باقي الملفات التي تقلق الغرب إذا تم حسم الاتفاق النووي بالإبقاء عليه.
العام الباليستي
وبينما ترفض إيران أي ربط بين ملف الصواريخ الباليستية ودورها الإقليمي الذي يوصف من قبل واشنطن وحلفائها بالعدواني بأزمة الاتفاق النووي، وأكدت أنها ستواصل التزامها بهذا الاتفاق طالما استمرت باقي الأطراف ملتزمة به وإنها ”ستمزقه“ إذا انسحبت منه الولايات المتحدة، دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الزعماء الأوروبيين يوم الاثنين إلى دعم هذا الاتفاق وحل الأزمة في اليمن عن طريق الحوار ملمحاً الى الخلط حينها بين كل الملفات إذا انهار الاتفاق النووي.
وكتب ظريف على حسابه على تويتر ”إما كل شيء أو لا شيء. على الزعماء الأوربيين تشجيع ترامب ليس فقط على البقاء في الاتفاق ولكن الأهم على البدء في تنفيذ جانبه من الاتفاق بنية صادقة“.
وبدا لافتاً في هذا السياق أن الحرس الثوري الممسك بقوة بكل مايتعلق بالبرنامج النووي وحمايته من أي اعتداء داخلي أو خارجي ، ويرفض الحديث عن مجرد التفاوض حول برنامج ايران الصاروخي، أطلق الجمعة على لسان العميد حسن سلامي نائب القائد العام تصريحاً بدلالة لها مغزى عندما قال سلامي مشيراً الى دور الحرس الثوري الذي سيتصاعد أكثر إذا ما تخلت واشنطن (وأوروبا) عن الإتفاق النووي: قلنا للحكومة (الايرانية) إن عليها إبلاغ الغرب أنه إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي فان ايران ستنسحب منه أيضاً الاتفاق ومن معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وستستأنف برنامجها النووي دون قيود"، بمعنى السير على خطى كوريا الشمالية التي انسحبت من معاهدة الحد من الانتشار النووي العام 2003 في السنة التي بدأت فيها مفاوضات ايران مع الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) وأسفرت آنذاك عن انفاق "قصر سعد أباد" الذي قضى بتعليق ايران تخصيب اليورانيوم وكان بنسبة لاتتجاوز الـ 5% مقابل الاعتراف بحقها في امتلاك الطاقة والتقنية النووية، وبدورها الإقليمي كلاعب أساس في حل الأزمات، ويومها لم تكن هناك من أزمة إقليمية مستعصية عدا "التسوية" مع اسرائيل .
وكأنه يشير الى "العام الباليستي" كورقة قوية سيجري توظيف الجدل حول الدور الإيراني في اليمن بشكل خاص قال
نائب قائد الحرس الثوري : "لا أهمية لإنسحاب أمريكا من الاتفاق النووي لأن ايران ستحقق مزيداً من التقدم وتتخلص من العقبات، وقد أوجدت قوة عظيمة لها في سوريا والعراق واليمن ولبنان، بينما ليس لأمريكا قوة هناك ، وهي لاتملك استراتيجية في سوريا والعراق، فمهما استخدمت من قوة لن يحدث أي تأثير لذلك".
لماذا اليمن ؟!
رغم أنها تنفي على الدوام التورط المباشر ، تلعب إيران دوراً متعدد الأبعاد في الحرب الدائرة في اليمن. فما تعلنه في خطابها الرسمي وهو صحيح إلى حد ما ماعدا المقاربة التي تضعها في مواجهة اسرائيل على حدود باب المندب، فأن اليمن لا تتمتع بأي أهمية إستراتيجية أو جيوسياسية مميزة لإيران، كما أن الحرب اليمنية لا تُشكل تهديداً لأمنها القومي مثلما الحال في سوريا والعراق،لكن هناك الكثير من الأسباب التي تدفع إيران للقيام بدور في العلن وخلف الكواليس، في الحرب اليمنية، لقلب الموازين لصالحها؟
فعلى صعيد الدستور ، تشكل المادة 154 ركيزة أساسية في سياسة الجمهورية الاسلامية الخارجيّة وهي تلزم ايران بتقديم الدعم للمسلمين والمستضعفين في العالم بشرط أن لايتعارض ذلك مع سيادة الدول ومبدأ عدم التدخل في شؤونها الداخلية. ولهذا ترى إيران نفسها ملزمة دستورياً بعدم التخلي عن اليمن خصوصاً وهي لاتعترف بحكومة الرئيس هادي عبد ربه وتعتقد أنها غير شرعية، بما يسمح لها ذلك باستعراض قوّتها في وجه السعودية أحد أكبر منافسيها في المنطقة.
ومن الطبيعي في ظل قيام حكومة يمنية أخرى يقودها يمنيون شعارهم أيضاً (الموت لأمريكا) فان التحالف معها، سيمكن ايران من قلب الموازين في اليمن واستغلال مواجهة النفوذ الأمريكي هناك لصالحها.

وإلى جانب الالتزام الدستوري يبرز العامل الإستراتيجي إذ تعتبر
إيران نفسها أقوى دولة في منطقة الشرق الأوسط، لذا تسعى لإظهار نفسها دائما الأقوى للأهمية الإستراتيجية وموقعها الجغرافي، وقدراتها العسكرية والإقتصادية وتعداد سكانها الكبير ومواردها الطبيعية.
ولذلك، اختار القادة في طهران تبني سياسات مواجهة نفوذ الدولي الذي تنامى في المنطقة منذ حربها مع العراق الذي حملته مسؤولية ذلك، ومواجهة نفوذ السعودية فيها وتغيير موازين القوى لصالحها.

لكنْ وعلى عكس السعودية التي تمثل الأزمة اليمنية خطراً يهدد أمنها القومي بحكم الجوار في شريط حدودي يقرب من 1770 كيلو متر، فان ايران البعيدة تستفيد من هذا الجوار، لتحويله الى تهديد مستمر لخصمها اللدود في السعودية وقد نجحت في إظهار (هذه الصورة للمشهد اليمني) وهي أنها تتحدى السعودية عندما اضطرت الأخيرة الى نقل مكان القمة العربية من الرياض، الى الدمام والاحتماء بالشيعة هناك بما يعكس ذلك من رمزية التحدي .
وعلاوة على هذا كله فإيران تسعى لإبقاء خصمها اللدود السعودية في مستنقع اليمن لتقييد تدخلها ونفوذها في أزمات المنطقة الأخرى، مثل العراق وسوريا ولبنان والبحرين. كما أن إيران تسعى من خلال الاستفادة من خطأ الرياض في أطالتها الأزمة اليمنية، لإستخدامها كأداة ضغط على المملكة لتغيير سياساتها حيال سوريّا بشكل خاص وردعها عن التفكير في إرسال قوات الى هناك بينما هي عاجزة عن حسم عاصفتها في اليمن التي كان يفترض أن تستمر أياماً أو بضعة أسابيع فَطَال أمدها.
اقتصادياً لا تُعتبر اليمن مكلفة لطهران عكس السعودية ، ونظراً للمنافسة التي يغلب عليها أحياناً الجانب المذهبي، ترى طهران نفسها الأقوى إذا ما حافظت على نفوذها في اليمن، لكسر شوكة الرياض.
من هنا فان الحرب في اليمن سواء أستمرت أم توقفت، فان ايران - وهكذ تعتقد- ستكون الرابح الأكبر فيها مالم تحدث انهيارات في صفوفها في سوريا والعراق ولبنان، وهذا غير متوقع .. حالياً على الأقل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة