الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا الشيوعي

محمد ليلو كريم

2018 / 4 / 29
ملف الأول من أيار عيد العمال العالمي 2018 المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي


هذا الشيوعي ، وبمناسبة ١ آيار
محمد ليلو كريم
(( الغباء الإنساني يكمن في الخوفِ من التغيير .
فريدريك نيتشه ))
يستفزني هذا الشيوعي المتزمت لشيوعيته ويُخلص في الدفاع عنها الى درجة تعتقد أن هناك شيوعية سلفية تعتبر فهم السلف للنص حجة ، ومع هذا ؛ أرى من حقه الدفاع المستميت عن الشيوعية ؛ حزباً وفكراً ، فالعالم المعاصر يتوزع بين معسكرات مؤدلجة ، ولا مجال للتفاهم ، فالذي وضع عبارة ( the god we trust ) اللاهوتية - في عام ١٩٥٢ - على ورقة الدولار قاصداً تكفير الشيوعية فعل كما الذي أصدر فتوى (لا يجوز الإنتماء إلى الحزب الشيوعى فإن ذلك كفر وإلحاد ) الصادرة في ١٩٦١ ..
يقول غوته (( على من يشعر بأن الحق فى جانبه أن يكون فظاً ، فطلبه لحقه فى أدب لا معنى له )) .. .. ويأتي محمد ليلو كريم ليطالب أبو رافد الشيوعي بإعادة التمعن في أسس الماركسية لأنها منتهية الصلاحية ، مع أن مقولة كارل ماركس الشهيرة : (( ما تاريخ المجتمعات سوى صراع طبقي )) لم تزل داخل مدة الصلاحية للجدال والنقاش ، ولم تزل مقولة فردريك انجلز التي اقرأها على الغلاف الأخير لكتابه ( مبادئ الشيوعية ) قوية الحضور : (( إن الصناعة ، التي يخططها المجتمع بأسره ويديرها جماعياً ، تشترط وجود أناس ذوي قدرات شاملة التطور ، وفي وضع يمكنهم من معاينة مجمل جهاز الإنتاج )) .. يقول مترجم الكتاب في مقولة إنجلز ( يتهيأ لنا أن انجلز كتب هذه الجملة يوم أمس ) ...
لا تحتاج هذه المقولة الأنجلزية إلا لدفعة عصرية لتسبقنا الى المستقبل القريب تدعونا لمدينة حمراء متقدمة قِبال التحفة الرأسمالية التي تُعد على ساحل البحر الأحمر . مدينة نيوم ، والتي سيكون الجميع فيها على أطلاع على كل ما يرغب أو يعمل للإطلاع عليه عبر شبكة التواصل ، وهذا يتطلب ( أناس ذوي قدرات شاملة التطور ) لمعاينة مجمل جهاز الإنتاج ، والإنتاج أو الناتج المادي (( Production )) " هو خلق المنفعة المادية أو المعنوية من حيث لم يكن لها وجود من قبل ، أو إضافة منفعة لشيء يحتوي على قدر معين منها " والماركسية بكتابها الأم ( رأس المال ) تناقش فائض القيمة وما يسبقه من إستغلال لقوة عمل البروليتاريا التي تكدح ليكون ( الناتج ) تراكم رأس المال في جيب القلة البرجوازية المهيمنة على وسائل الإنتاج وأسواقه ، وما دمنا في هذا العصر من التطور التقني لا بد أن نُعاين الإنقلاب الرأسمالي العميق ، أو بالأحرى ألحاد ، الذي يضطرها للإنتقال قسراً الى ما بعد البرجوازية الصناعية والإستغلال الطبقي لأن التقدم التقني المتسارع لن يترك عاملاً في المصنع أو الشارع لتحل الروبوتات محل اليد العاملة البشرية ، ولكن ؛ ماذا تقول الشيوعية بهذا الخصوص ؟؟ ..
لنتفحص بروية وتمعن آخر جملة من المقولة التي تفضل بها علينا إنجلز : (( وفي وضع يمكنهم من معاينة مجمل جهاز الإنتاج )) هولاء هم الأناس ذوي القدرات الشاملة التطور بحسب وصف انجلز ..
لكي نقفز بالشيوعية الى المستقبل التقني لزم أن نركز عملياً على كلمة ( معاينة ) ونضع تحتها ألف خط لنؤشر أستشراف متقدم جاد به عقل انجلز ، وقد يكون بلا قصد منه ، ولكن الكلمة جاءت في السياق ولا بد من معاينتها والتعويل عليها لتطوير مجمل المقولة لندفع بها وبالشيوعية الى الأمام ، ولنا من نفس تعريفات إنجلز مبرر متين ، فقد ورد في الصفحة ١٠٠ من كتاب مبادئ الشيوعية ورداً على كارل هاينتسن : (( إن السيد هاينتسن يتصور بأن الشيوعية هي عقيدة جامدة تنطلق من مبادئ محددة كنواة يستخلص منها الكثير من الاستنتاجات . إن السيد هاينتسن مخطئ جداً . فالشيوعية ليست عقيدة جامدة بل هي حركة ، وهي لا تنطلق من مبادئ عامة بل من وقائع )) لو أمعنا التفكير في هذه القطعة النصية لفهمنا مراد إنجلز منها ، ومن ورائها ، فالشيوعية حركة ، أي إنها ليست عقيدة تتكون من مبادئ ثابتة الى درجة التقديس ، ولهذا غيّر ماركس من فكرته حول العمل وقوة العمل ، وهو قد تنبه أن الذي يُباع هو قوة العمل ، فخرج التصحيح أكثر دقة ، ولو كان ماركس نبي ديني أو رجل معبد لما غير في الفروض الأولية ، لكنه يعلم ما الفرق بين العقيدة والحركة ، وإنجلز يُنبه السيد هاينتسن الى هذا الفرق الجوهري . أما ما يقصده إنجلز من وراء مقولته فنجده في المقطع الأخير ( وهي لا تنطلق من مبادئ عامة بل من وقائع ) وهذا بالضبط ما نعنيه في الفرق بين الحركة الواقعية في تفصيلها الفكري الناتج عن تفكير مجرد يطلب فهم الواقع وحركته التي تسبب البرجوازي في تخريبها أو فوضويتها ، وبين المبادئ العامة كفلسفة مقدسة ( والفلسفة تنظر في الكليات ) والدين نوع من الفلسفة المثالية ، المتعالية ، والرأسمالية ( كما أكد الباحثين ) تطورت من حِجر الدين ، وإنجلز يؤكد ذلك : (( إن الشيوعيين لم يستندوا الى هذه الفلسفة أو تلك بل الى مجمل التاريخ حتى هذا الوقت ...... )) واتمنى شخصياً أن يفهم كل شيوعي بعقل متقد هذا القول ، فلا يستغرق في تقديس ( الكلمات ) وكأنه يريد استحداث عملة مكتوب عليها الضد لما مكتوب على ورقة الدولار ..
اعطي الحق للصديق الشيوعي في نزعته للتشدد والتزمت وهو الذي واجه عقود من التنكيل والملاحقة فيما يتعلق بالجانب الحزبي ، ولكنني أمتعض منه حين أجده يجر الشيوعية الى وجهة التقديس بذريعة الولاء أو المواجهة ، ويريدني أن أعذره في نزعته الصلبة . لا ، لن أعذرك ، أو أجد لك التبريرات ، وانجلز دفع لنا بمقولات أراد منا فهم رموزها . ليكون الجوهر الحركة ، والحركة تخضع دائماً للمعاينة ، ولتكون أنت كشيوعي على يقين أن الرأسمالية لن تكف عن الطبقية الصناعية حتى في ظل حواضر الروبوتات حيث ستمر حينها في نوبات من الهيستيريا المدمرة ..
في أصل الرأسمالية ، أي في جذورها ، وكذلك في لبها ، تقبع قدسية صلدة لا لين فيها أو توجه ممكن لحركة نوعية - طفرة نوعية - ولهذا هي في حيزها النهائي عقيدة جامدة ، ولن تعبر كل التأريخ ، فزمنها محدود ، أما الضغط الذي تمارسه التكنولوجيا على الرأسمالية فسيؤدي لنوبات هستيرية مدمرة كمحاولات غير منضبطة تحاول من خلالها الرأسمالية تركيع العالم لزمنها وتجره من الخلف لئلا ينتقل الى عصر الأتمتة والسبرانية والحضارة الكوكبية حيث توفر غير محدود للطاقة والمادة والمكان مما يولد عالم بلا تكلفة في معظم حاجاته وهذا لا يناسب العقلية السلطوية للرأسمالي ، المتدين في أعماقه ، وأقصد النخبة المتحكمة ، أو المهيمنة ، وستبحث النخبة في كل وسيلة وسبيل لإبقاء العالم تحت حكومتها وإنتظار النص الموازي ، النبؤآتي ، بينما الشيوعية حركة ، ويملك الشيوعي حق المعاينة . معاينة حتى الشيوعية ، فإذا دخلنا في ذروة الأتمتة يمكن للشيوعية أن تفوز بتحقيق طفرة نوعية في نفسها كحركة إن لم تتحول لعقيدة جامدة ، فينتقل كل المجتمع الشامل التطور الى ( المعاينة ) الشاملة المتفق عليها من كل المجتمع لكل ما يجري في العمل والتصنيع والتوزيع والاستخدام وتلبية الحاجات ومعالجة الآثار السلبية للوفرة اللامحدودة في السلع المختلفة ، وحينها سنكون على بعد خطوة بعد خط الحتمية .. يقول فؤاد حداد (( الملحمة أعظم من التماثيل )) وكما أفهم ماركس وإنجلز ؛ فإن الأصل في حيز الحركة الشيوعية هو الحركة وليس المبادئ ، ولا أعتقد أن ماركس وإنجلز سيتحدثون عن العامل والبروليتاريا في المصنع أن كانا يعيشان في عصر ما بعد الحتمية بخطوة ، ومن المؤكد إنهما سيلفتان نظر كل شيوعي الى المفردتين ( حركة و معاينة ) ....
أهنئ الشيوعيين بمناسبة عيد مادتهم في تأريخ ما قبل الحتمية ، العمال ، البروليتاريا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث