الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


11 أيلول العراقي لا يهم من الفاعل المهم هي النتائج

باسل ديوب

2006 / 3 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم الالتباس الكبير المرافق لحادثة تفجير مرقد الإمامين الهادي والعسكري في سامراء، فإن الوقوف عند هوية الفاعل سيكون ضرباً من تضييع الوقت فهكذا حادثة تتعدى مفاعيلها كل الحدودالتي يمكن لاعتداء على موقع مقدس لدى جماعة ما أن يثيره في الأحوال العادية.
لكن ما يثيرالاستغراب بعيد وقوع الجريمة هو حجم التجييش الذي تلاها، والذي لم يحظ به فعل مشابه لدى المؤمنين الذين ثاروا بالأمس ،كحصار مرقد الإمام علي في النجف وقصفه من قبل جيش الاحتلال الأمريكي، أو تدنيس القرآن الكريم مراراً في العراق وغوانتانامو ، ولا قضية الرسوم المسيئة للرسول محمد التي ما تزال تثير غضب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، لا نقول ذلك تصغيراً من شأن الجريمة الخطيرة بل أقلّه بيان التجييش المحموم لفهم جهة التوظيف في هذه الكارثة التي يراد لها أن تكون مفصلية في تعميق الاستقطاب الطائفي خدمة لمآرب حزبية ضيقة ،

تأجيج المشاعر ترافق مع خطاب موارب لأعلى المراجع المذهبية في النجف السيد السيستاني الذي دعا أبناء المذهب للتظاهر سلمياً وعدم الاعتداء على مساجد " السنة " ، في دعوة مبطنة لتحميل " السنة" مسوؤلية الجريمة في حين كان من الواجب لكبح جماح الفتنة دعوة العراقيين كافة للتظاهر موحدين ضد جريمة تستهدفهم .
لا يمكن إلا تحميل الاحتلال مسوؤلية الجريمة بغض النظر عن منفذيها ، الاحتلال الذي دمر بنية الدولة العراقية، وأسس نظاماً جديداً طائفياً لا مجال فيه للمواطَنـَة ، يقوم على إدارة صراع مقنن بين القوى الطائفية والعرقية وإحتوائها جميعاً، فمع حصول قائمة الائتلاف على أعلى نسبة في الانتخابات ثانية وسقوط الأكثر قرباً من الأمريكيين إتجه الأمريكيون لإقامة توازن جديد في مواجهتها وهي التي لا تخفي حلفها الوثيق مع إيران، يقوم على خلق جبهة مكونة من قوائم الكردية – التوافق – الحوار – العراقية ( علاوي ) التابعة لها ، وممارسة الضغوط من أجل إقامة حكومة " وحدة وطنية " يتمثل فيها عملاء أمريكا من القوائم الأخرى وعلى رأسهم علاوي مع إعطائهم الحقائب المهمة كالداخلية والدفاع. في خطوة تهدف إلى إضعاف قوة قرار الائتلاف وإسقاطه أمام جماهيره بإذعانه لمطالب زلماي المستفزة بضمه لوجوه كريهة شعبياً وشيعياً كعلاوي إلى حكومة يشكلها الجعفري ، وظهوره بمظهر الضعيف مذهبياً.
ترافق ذلك مع تصريحات علنية مضحكة للسفيرالأمريكي خليل زلماي زاده تدعو

إلى رفض توزير طائفيين وأعضاء ميليشيات مسوؤلة عن فرق الموت في الدفاع والداخلية.
فقد وجه زلماي تحذيراً شديد اللهجة الى القوى السياسية العراقية من تسليم «عناصر طائفية وزارات الداخلية والدفاع والاستخبارات والأمن القومي»، ولمح الى أنه سيستخدم الفيتو لمنع الشيعة المنتمين الى «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية» من الوصول الى هذه المناصب، فالولايات المتحدة «لن تنفق أموال دافعي الضرائب على قوات طائفية».
وقال في مؤتمر صحافي أن «وزراء الداخلية والدفاع والمخابرات الوطنية ومستشار الأمن القومي يجب ان يكونوا في منأى عن الطائفية ومقبولين على نطاق واسع، وغير مرتبطين بميليشيا وأن يعملوا من أجل العراقيين كافة».

وأضاف أن «الولايات المتحدة تستثمر بلايين الدولارات في قوات الأمن والجيش والشرطة في العراق، وينتظر دافعو الضرائب الاميركيون إنفاق أموالهم على نحو سليم. ولن نستثمر موارد الشعب الاميركي في قوات يديرها طائفيون» .
الأمر الذي دفع موضوعياً إلى قيام حادثة كبيرة تعيد زخماً شعبياً للإئتلاف يوجب سيطرته على الوزارتين ، ويمكنه من استعراض قوة جديد أمام الأمريكيين الذين أنهكتهم ضربات المقاومة الوطنية العراقية، فمالوا إلى المناورة بإضعاف معسكر إيران وتقوية رجالاتها الجدد من "السنة" في قائمتي التوافق والحوار .

فكان تفجيرالقبة بظروف فاقعة جداً في كاريكاتوريتها حسب تصريحات وزير الداخلية باقر صولاغ حول دقائق العملية ، وما رواه الحراس" المقيدين" من قبل التكفيريين المزعومين الذين فجروا المراقد بعد عشر ساعات من الاستيلاء عليه في ظروف استنفار أمني لمغاوير داخلية صولاغ وحصار للمدينة !
التفجير ألهب المشاعر المذهبية وجعل أوسع الفئات الشعبية تتعاطف تلقائياً مع مطالب الائتلاف بالحفاظ على الوزارات الأمنية لمواجهة المخاطر الجسيمة التي تواجه " أهل المذهب ورموزه " من قبل تحالف مشبوه بين الأمريكيين الكفرة والتكفيريين والبعثيين وأحفاد الأمويين !
هذا ما حاولت بثه بيانات طائفية وزعت بعد الحادثة، تعكس الفوات الهائل والذهنية المريضة المستندة إلى مخيال عتيق توقف في زمن غابر.
ترافق ذلك مع هياج طائفي لم يشهده العراق في تاريخه المعاصر فتمت مهاجمة عشرات المساجد وحرق بعضها وقصف البعض الآخر، وقتل الشبان لمجرد إنتمائهم المذهبي ( بلغ عدد الضحايا خلال 24 ساعة حوالي 140 قتيلاً بدم بارد )
إن مسارعة الزعماء الدينيين العراقيين لوضع الجريمة في حجمها الطبيعي، والحقيقي كجريمة فتنة كفيل بتهدئة النفوس الغاضبة، وإخماد شرارة الفتنة والعمل الطائش الذي قام به خائبون وجدوا أنفسهم بعد الدبابة الأمريكية حاكمين لبلد مفكك مسحوق مستلب السيادة والارادة وقد تمزق نسيجه الوطني.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة