الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتبة ذكرى لعيبي، الغياب وصراع البحث عن الذات ..!!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 4 / 30
الادب والفن


لما قرأت قصيدة الكاتبة ذكرى لعيبي (تقاسمني الغياب..أقاسمك الحضور) وجدت نفسي امام تهجدات جمة، ازدحمت وتراكمت منها : قصيدة الشاعرة نجاة الزباير (سبع نبؤات لعشق حزين) تقول في النبوءة الرابعة منها : (ما لقصاصات هذا الهوى/تطير في كف الوهم؟!!/ففوق حافة الجرح/أصرخ : يا أنت لملم رموشك من قلبي/كي أراني/فالأرض الموشومة بخطوك تأسرني/خذه بعيدا عني/فقد تعبتُ مني)، والشاعرة الزباير مغربية، وذكرى لعيبي شاعرة وكاتبة من العراق تقيم في الامارات وحدث بينهما توارد خواطر، العلة كما ارى انهما يحملان نفس المعاناة، لذا يمتلكن رؤية البحث عن الذات من خلال الاخر، وهناك تهجدات اخرى تلتقي ورؤية الكاتبة لعيبي، كما في : (عندما نشتاق لشخص ما، نتمنى لو كانت كل الوجوه من حولنا تحمل ملامحه، في داخلي بقايا راحلين وقلب ينادي الغائبين.. لطفاً بنا فقد أرهقنا الحنين. لا شيء أتمناه في حياتِي سِوى قُربَك إِلى مَا لا نِهاية. مؤذي هو الحنين حين يتشبث بزِحام أفكاري ويُمارِس طقوسه المُرهِقه في رأسي. إنّ هواك في قلبي يضيء العمر إشراقاً، سيبقى حُبنا أبداً برغم البعد عملاقاً. )، هذه التهجدات التقت، كما قلت مع قصيدة (تقاسمني الغياب..أقاسمك الحضور)، وراحت واياها في ظفيرة من الوجع والألم والبحث عن حقيقة الحياة والحب في ظل الغياب .. ونحن اذ ندرس اشكالية الحضور والغياب في رؤية الكاتبة ذكرى لعيبي، نجد هناك غياب الاخر، الذي تستدعي حضوره، وحضورها الغائب في البحث عن الذات، ونحن ندرك، ان الانسان يحاول بشكلٍ مستمر التعرّف على أعماق ذاته لتحديد توجهاتها وملامح شخصيّته، وتكون تلك المحاولة ملحّة في مرحلة المراهقة من عمر الإنسان، وتستمرّ حاجاته هذه لباقي مراحل حياته، وذلك تبعاً للتغييرات التي تطرأ عليه وعلى بيئته، وبذلك يعتبر مفهوم الذات، هو مركز الشخصيّة الإنسانيّة وتكوينها وبناؤها، وهناك ثلاثة اوجه من الصراع الذاتي : الماديّ، وفيه الذات ممتدّة، فبالإضافة لاحتوائها على جسد الفرد، فهي أيضاً تضم أسرته وكافة ممتلكاته، والذاتي الاجتماعي، وفيه يكون حمل وجهة نظر الآخرين وآرائهم بالفرد والجماعة، واتجاه الذات الروحي الذي يضم رغبات الفرد وانفعالاته، هذه الاتجاهات المتصارعة تجعل من الانسان، ولاسيما الانسان المبدع، تجعل منه يبحث عن حالة التوازن المفقودة، فمن حالة الفقدان، التي تدفعه الى حالة الحضور في ساحة الحياة للبحث عن جمالية الحضور، بشرط وجود الاخر الاجتماعي، ومن هنا فان (رأى (فرنون) بأنّ الذات تتخذ شكل مستوياتٍ متدرّجة من الأعلى للأسفل في ضوء ما تتضمنه هذه الذات من محتوياتٍ شعوريّة ولا شعوريّة، حيث إنها تتكوّن في المستوى الأعلى من ذواتٍ فرعيةٍ اجتماعيّةٍ عامة، تأتي بعدها الذات الشعوريّة الخاصّة، والتي تتكوّن من (الذات المدركة)، والتي يستطيع الإنسان التعبير عنها بشكلٍ لفظي، و(الذات البعيدة) والتي يستشعرها الإنسان عن طريق التوجيه والإرشاد النفسي، ثم تأتي (الذات العميقة) ويطلق عليها الذات المكبوتة في نهاية هذا التدرّج، وهذه الذات لا يمكن الكشف عنها إلا من خلال التحليل النفسي.)، ونبدأ من الذات المكبوتة التي تمثلتها الكاتبة في القصيدة، تقول الشاعرة ذكرى لعيبي :
(يانهرُ..
لا تنّزْ في جذوع
النخل،
الشعر كالرحيل
يحزم حقائبه
بعويل الطرقات
وأنا كالغريق
أرتجي سفائنه تمرُّ)
والشاعرة هنا تعيش الغياب المصاحب لنية الرحيل بدلالة الحقائب وعويل الطرقات، فالمعنى المتحصل هو حالة البحث، التي تعيش تفاصيلها الشاعرة، كونها ترتجي السفن ان تمر، لذا عاشت حالة الانتظار مع حالة التقاسم المتمثل بقولها :
("تقاسمني ذنبك"
وأقاسمك مغفرة
وسعها نهرٌ ونصف أرض
تقاسمني الدمع
وأقاسمك دهشة اللحظة
تقاسمني سكرة الموت
وأقاسمك لون القُبلة
تقاسمني الغياب
وأقاسمك الحضور)
ففي حالة امتلاك الادراك الشعوري لدى الشاعرة، ويعني الحضور، تنشأ حالة الغياب للاخر وتظهر واضحة، كون الشاعرة اصلا تعيش حالات الوحدة والغربة، وهذا المعنى الاخير يتمثله محتوى القصيدة العام، لكن تفاصيل القصيدة خلقت صراعات حضور افتراضي امام غياب حقيقي، وهكذا يبقى الصراع مستمرا ...وحين يعرف الكاتب حامد زهران مفهوم الذات بأنه " تكوين معرفي منظم موحد ومتعلم للمدركات الشعورية والتصورات والتعميمات الخاصة بالذات ، يبلوره الفرد ويعتبره تعريفاً لذاته ، وفي رأيه أن مفهوم الذات يتكون من ثلاثة عناصر : الذات المدركة وهي وصف الفرد لذاته كما يتصورها هو ، والذات الاجتماعية وهي كما يعتقد أن الآخرين يرونه من خلال التفاعل الاجتماعي معهم، والذات المثالية وهي الشخص كما يود أن يكون" ، نجد هذا المفهوم يعطي مقاربة واضحة لما ذهبنا اليه في اعلاه، وفي اخر القصيدة تتمنى الشاعرة ذكرى لعيبي بقولها : (أما آن حصاد التعب؟)، اي هل من حصيلة لحالة الغياب والانتظار ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??