الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاطعة المغربية وردود الفعل

عذري مازغ

2018 / 5 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


"في ظل الارتفاع الهائل لأسعار المواد الأساسية، قرر الشعب المغربي شن حملة مقاطعة منذ 20 نيسان/أبريل، ولمدة شهر ضد شركة سنترال، محطة أفريقيا للوقود ومياه "سيدي علي" بسبب احتكارهم المبالغ فيه في السوق، وبسبب الارتفاع في الأسعار". ومن المثير للانتباه أن هذه الشركات "يديرها وزراء أغنياء من المفترض
أن يدافعوا عن القدرة الشرائية المغربية"
تصريح شركة دانون الفرنسية حول المقاطعة.
تمتلك شركة دانون الفرنسية 67 % من اسهم شركة سنطرال دانون، بينما الشركة الوطنية للاستثمار المغربية فتمتلك 25,62 بينما الأسهم المتبقية فهي لخواص آخرين.
هذا يعني ان شركة سنطرال دانون "المغربية" هي شركة متعددة الجنسيات، تصريح دانون الفرنسية منسجم تماما مع نفسه ولا ينسب المشكلة للمقاطعين بل يحمل المسؤولية للدولة المغربية في شخص مسؤولين وزاريين لهم علاقة بالشركة، معنى هذا أنه تصريح ينم عن فهم جزئية هامة في الإقتصاد ينسجم في بعدها السياسي على فهم خاص لا يمت لحكوماتنا بأي صلة في التدبير السياسي، ينسجم مع التراتبية الحاصلة في التدبير، في الدول الأوربية وليس فقط في فرنسا، هي هذا التناسب المتوازي بين نمو اسعار المنتوجات والقدرة الشرائية وإن كان هذا التوازي متفاوت إلى حد ما من خلال عملية كمية خاصة، لانه عادة حجم الزيادات في أسعار المنتوجات متفاوت نسبيا مع حجم الزيادة في اجور العاملين، لكن في اوربا، هذا التدبير يقوم أساسا على مبدأ تهديء "السلم الإجتماعي" درءا للإنفلات الإجتماعي من خلال عدة آليات ، توفير الشغل، التعويض عن البطالة، الزيادة السنوية في الأجور (وهي زيادة ثابتة عامة تمنح كل سنة) وبنسبة أكثر من الزيادة الثابتة خصوصا حين يصل "السلم الإجتماعي " مستوى حدة التناقض، يعني ان ذلك التناسب أو التوازي المتفاوت بين حجم صعود الأسعار وحجم الزيادة في الاجور ، في ظروف خاصة يصل حد التناقض، فالدولة تتدخل لإضافة نسبة اكثر من تلك التي تضاف سنويا لاستعادة التوازن (فمسؤولية تدهور القدرة الشرائية وظهور مقاطعة ما هي شقها الوازن مسؤولية الدولة ليست مسؤولية الأفراد او المستهلكين)، فتدبير تهديء "السلم الإجتماعي" في اوربا له آلياته المعقولة، المادية بلغة اخرى، وهو ما ليس بالذي تقوم به النقابات عندنا في المغرب حين تمضي على السلم الإجتماعي على بياض (صحيح هذا التدبير موجود في المغرب، لكن مستوى الزيادة السنوية في الاجور لا تاخذ في الإعتبار حدة التناقض حيث اسعار المنتوجات تقفز بشكل صاروخي بينما الزيادة في الاجور سبه جامدة)، على اساس وعود فارغة من الدولة، ف"السلم الإجتماعي" له ميكانيزم خاص لتدبير تهدئته منها على الأقل ضبط العلاقة بين سعر المنتوجات والقدرة الشرائية للممواطن، هذا ماتقوم به الدولة في أوربا بالنسبة للمواطنين النشطين ، أما الفئات عديمية الدخل فيها، فتعمل الدولة في أوربا على آليات اخرى منها على سبيل المثل خلق أبناك محلية للمواد المستهلكة الأساسية في كل القرى والبلديات وتوزع مجانا بشكل دوري على هذه الفئات عديمة الدخل إضافة طبعا إلى أشكال إبداعية أخرى متاحة للبلديات منها فتح مطاعم عمومية وما إلى ذلك، ما يقومون به ليس توزيع سلات يقوم بها بغل بربطة عنق امام كاميرات القنوات الرسمية لتعليب صوت المواطن عديم الدخل في الإنتخابات في المغرب، بل موظفون من بلديات غير معروفين اصلا هم من يقوم بهذا الدور وفق برنامج خاص لمتابعة أوضاع هذه الفئات وحفظ كرامتهم ، أما آلية إيجاد مثل هذه الأبناك للمواد الإستهلاكية فهي سهلة للغاية ولا تكلف الدولة أو البلديو أو الإقليم شيئا كبير من خزينة الدولة، فقط تقوم هذه المؤسسات بزيارة الأسواق والتكلم مع أربابها بضرورة وضع المواد التي أشرفت (قلت اشرفت وليس انتهت) آجالها على الإنتهاء بتقديمها لأجل المواطنين عديمي الدخل.
لاحظنا رد فعل الشركة الفرنسية المساهمة بشكل اكبر في شركة سنترال دانون المغربية، كيف قيموا وضع شركتهم ولو بضمير الغائب وحملوا ضمنيا المسؤولية للدولة المغربية في شخص وزراء الإحتكار التجاري، فهم لم يسبوا المقاطعين ولا هم وصفوهم بالقطيع والجوع ولا هم وصفوهم ب"المداويخ" بل وضعوا أصبعهم على الجرح دون أي استفزاز للمقاطعين إيمانا منهم بأن المستهلك رقم وازن في تسويق منتوجاتهم.
عزيز اخنوش، الإحتكاري الملياري على المحروقات بالمغرب، وصف المقاطعة احتقارا لها بكونها مقاطعة افتراضية، برغم ان سوق اسهم شركته عرفت تدهورا في الأيام الأخيرة ورغم أن بعض محطات توزيعه عرفت انخفاظا ملحوظا في أسعار محروقاته وهو ما يدل عمليا على انها ليست افتراضية بل إن ردة فعله أصيبت بالهوس
محمد بوسعيد وزير الإقتصاد والمالية وصف المقاطعين ب"المداويخ" (المخدّرون بفتح وتشديد الدال) متباكيا بخدمات تلك الشركات موضوع المقاطعة وباأنها تؤدي الضرائب وتشغل عمال وما إلى ذلك، متناسيا أن تلك الضرائب التي يتكلم عنها يدفعها المستهلك في المطاف الأخير لأن نسبها تضاف عمليا في سعر المنتوج، فدفع تلك الشركات للضرائب لا يعني انها تدفعها من جيبها بل هي مضافة ضمن أسعار المنتوجات يؤديها المواطنون في آخر المطاف، اما إذا كانت تلك الشركات لا تدفعها أو تتملص في دفعها فذلك يدخل ضمن السرقة المكشوفة، اما عدد العمال الفلاحيين المستفيدين من تلك الشركة فتصريحاتهم تدل على عكس ما أفصح به الوزير بحيث هم انفسهم يعانون من سعر المنتوج الذي تقدمه لهم تلك الشركات والسعر ذاك غير حتى معقول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مداويخ
بلبل ( 2018 / 5 / 1 - 23:40 )
المقاطعة هي مجرد تصفية حسابات سياسوية بين كتائب بن كيران الفايسبوكية الماجورة وعزيز اخنوش الذي يعد ركيزة من ركائز الدولة يعول عليه في كل المجالات وقد سبق لهذه الكتائب السنة الماضية ان اطلقت حملة على محطات اخنوش غير انها باءت بالفشل مما دفعهم هذه المرة الى الحاق سنطرال وسيدي علي بها للتمويه وجعل المواطن البسيط يعتقد انهم فعلا يريدون محاربة الغلاء وقد نطرح تساؤلا هل المياه المعلبة او المعدنية يتناولها المواطن العادي ام هي حكر على الاغنياء الذين يشترونها باي ثمن وتدخل في خانة الكماليات والمحزن هو عندما نجد مثقفون تنطاي علهم هذه الحيل ويدافعون عنها فكان حريا ان نقاطع شركة طوطال مثلا التي مولت الحرب على ليبيا والعراق والتي تحقق ارباحا في المغرب لا تحققها في بلدها فرنسا وهل المقاطعة ستعمل على تخفيض المحروقات والكل يعلم ان بن كيران حرر سوق المواد النفطية واوقف دعمها لنكن واقعيين ولا نكن مجرد مداويخ


2 - السيد بلبل
عذري مازغ ( 2018 / 5 / 2 - 08:48 )
مادمت واثقا من نبرتك لماذا لم توجهوا التهمة لهم مباشرة عوض إطلاق المداويخ والجيعان بالتعميم على الشعب؟
فالمقاطعة أتخذت اتجاها آخر كرد فعل على تلك التصريحات اللا أخلاقية


3 - تقاطُعات المُقاطعة
ّسحبان العُمري ( 2018 / 5 / 2 - 22:45 )
تعبير -المداويخ- يستهدف المقاطعين ككلّ, و التعميم, يستهدفُ الفئة التي تتقاطعُ-ورطتُها-, مع ورطة -ايتام الاخوان-,تماما كتقاطُع ورطة النهج و المنهاجيين(العدليين)=تحالُف تخريفيّ سريالي لما بعد الدوخة).. ألم يكن بنكيران يُهدّد, من مقعد الحكومة الوثير, بأن المس بحزبه=مداويخه, يعني عودة الربيع و الاحتجاجات و القلاقل؟ هذه لُعبة الاخوان القذرة, القائمة على تأزيم الشارع, لاطالة صلاحية -الحكومة-, او تأخير التخلّي عنها, و التذكير بالحاجة اليها.. أليس هذا بالضبط..,خازوق 20 فبراير -الاخواني-, الذي ركبهُ المداويخ, من اغلب الفئات و المشارب الايديولوجيّة, و اكثرُهم اقرّ بذلك, شكليا او ضمنيا بعد زوال اثر التخدير (2011). (اتحدّث هُنا عن منظرين و مثقفين و ليس عن مُراهقين او كائنات افتراضية), ...و هو أيضا نفس منطق, الشركة الأمّ, في فرنسا.. الأكل مع الذئب, و البُكاء مع .. أظنّك فهمت قصدي استاذي العزيز..


4 - سحبان العمري
عذري مازغ ( 2018 / 5 / 3 - 15:49 )
كيف تفسر اتساع التضخم في المغرب إذن؟، وهو إعلان رسمي للحكومة المغربية في يناير الماضي
لعلمك أو للتذكير فقط: التضخم هو زيادة حجم الطلب الكلي على حجم العرض الحقيقي زيادة محسوسة ومستمرة، مما يؤدي إلى حدوث سلسلة من الارتفاعات المفاجئة والمستمرة في المستوى العام للأسعار
مما يعني أن المقاطعة بغض النظر عن توظيفها السياسي من هذا الطرف أو ذاك تعبر عن عجز في القدرة الشرائية للمواطن

اخر الافلام

.. ?? ???? ????? ???????? ??????????


.. مسمار جديد في نعش المحافظين.. السلطة الرابعة في بريطانيا تنح




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: -إذا وصل اليمين المتطرف للحك


.. انفجار سيارة يؤدي إلى إصابة عضوين من حزب العمال الكردستاني




.. تواصل الاجتماعات في مقر حزب التجمع الوطني... ماهي أبرز محاور