الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء في -ساحة النور- بدندرة..

السيد إبراهيم أحمد

2018 / 5 / 2
الادب والفن


تَعجَّب صديقي حين ذكرتُ في نهاية مقالي "أيامٌ في دندرة" أن الضياء والنور قد مَلأَ جنباتي وأعماقي، واحتضن اليقين كلماتي وسكناتي وحركاتي.. ولم أشأ أن أدلل على شعوري بأدلة لن يستطيع أن يصل لمداها؛ فقد قلتُ في نهاية المقال نفسه، أن من ذاق ليس كمن عرف، تحسبًا لمن سيتعجبون مثله.

كان من الأفضل أن أقدم لمحبي الإمام الفضل الدندراوي أمير قبائل وعائلات الأسر الدندراوية، والدكتور الطاهر أحمد مكي أستاذ الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، وعضو المجمع اللغوي بمصر ـ رحمة الله عليهما ـ وجذورهما من قنا، اللقاء الذي تم بينهما.

لعل هذا اللقاء كان غائبًا عمَّن يتابع تاريخ الرجلين الأعلام في حياتنا المعاصرة على المستويين الديني والأدبي، إلا عَمَّن نقله لنا كقراء وهو معالي الدكتور محمد أبو الفضل بدران الذي شغل الكثير من الوظائف الهامة وآخرها نائب رئيس جامعة جنوب الوادي لشئون التعليم والطلاب والذي شَرُفتُ بلقائه في منتدى دندرة الثقافي الرابع، وهو قنائي الميلاد والجذور أيضا كالرجلين، وهو المحب للأمير الفضل وللأسرة الدندراوية وتلميذ الدكتور مكي، وقد ذكر اللقاء في مقالته: "الطاهر مكي‮ ‬كما عرفتُه".

يقول الدكتور أبو الفضل بدران: (يدعونا الأمير الفضل بن العباس الدندراوي للحوار والغداء علي ضفاف النيل ببيته‮ "‬ساحة النور" بدندرة،‮ ‬يتحول الطاهر مكي في حواره من زعيم في حزب التجمع إلي صوفي حتي النخاع‮،‮ ‬كنتُ‮ ‬معيدا آنذاك‮‬،‮ ‬رأيته يناقش في الأحوال والمقامات‮،‮ ‬ورأيت علي وجهه سيم ـ أي علامة ـ الرضا‮‬،‮ ‬تحدث الأمير الفضل عن أحوال المسلمين في العالم؛ وعمَّا ينبغي أن يكونوا عليه‮‬،‮ ‬كان الأكل شهيا لكن الحوار أشهي وألذ)‮.‬

إن دليلي الأول في اقتران الحالة الشعورية التي انتابتني والتي عكسها وجودي في دندرة وأهلها، هو نفس ما نقله الدكتور بدران عن الحالة الشعورية التي مَسَّت وجه أستاذنا الدكتور الطاهر مكي وهي علامة الرضا في حديثه مع الإمام الفضل الدندراوي في هذا الجو الذي تظلله سحائب المحبة وأهلها وأحوالها ومقاماتها.

إنها الحالة التي تكون مع صاحبها حال وجوده في محيط دندرة، والتي تصاحبه بعد رحيله عنها ببدنه لا بوجدانه، وهو ما يصفه الدكتور بدران، فيقول: (في أثناء عودتنا ترجّل مكي فوق كوبري دندرة الذي يربط بين قنا الشرق ودندرة والترامسة الغرب‮،‮ ‬مشينا في معيته وكأننا المريدون في إثر شيخهم‮،‮ ‬أو الحلاج وأتباعه علي نهر الفرات مُرددًا‮:‬

و اللهِ‮ ‬ما شرقتْ‮ ‬شمسٌ‮ ‬ولا‮ ‬غربتْ‮ ‬
إلاَّ‮ ‬وذكركَ‮ ‬مقرونًا‮ ‬بأنفاسي
‮ ‬و ما خلوتُ‮ ‬إلي قومٍ‮ ‬أحدِّثهم‮ ‬
إلاَّ‮ ‬وأنتَ‮ ‬حديثي بين جُلاَّسي‮ ‬
و ما هممتُ‮ ‬لشربِ‮ ‬الكأْس مِنْ‮ ‬ظمأ‮ ‬
إلاَّ‮ ‬رأيتُ‮ ‬خيالاً‮ ‬منكَ‮ ‬في كاسي).

من الدلالات الهامة التي نستشفها من هذا اللقاء أن الأمير أبو الفضل الدندراوي كان حريصًا على أن يلتقي الدكتور الطاهر مكي وهو علَّامة في الأدب المقارن بل هو عميد دراساته، وله من الكتب والدراسات الكثير الذي مازلنا نتتلمذ فيها عليه، وهو المترجم والناقد والذي زار العديد من الدول الغربية والعربية والإسلامية، وكان حديث الأمير عن أحوال المسلمين في العالم؛ وعمَّا ينبغي أن يكونوا عليه، ‮‬هذا ما يشغل الأمير ولعله أراد أن ينقل رسالة وفكر الأسرة الدندراوية إلى الدكتور مكي، وفي ذات الوقت يستنير برأيه ومشاهداته عن العالم الإسلامي وأحواله.

من المؤكد أن الأمير الفضل كان يعلم أن الدكتور الطاهر على الرغم من نشأته الأزهرية، إلا أنه قطب من أقطاب اليسار في مصر وفي حزب التجمع اليساري المعارض، غير أن من يعرفون الدكتور الطاهر مكي الأستاذ الأكاديمي يعلمون أنه لم يكن ليسمح أن يتسرب مذهبه السياسي إلى منهجه الفكري والعلمي أو إلى أيٍّ من مؤلفاته.

غير أن الأمير بهذا اللقاء كان ينطلق من أهم مرتكزات الفكر الدندراوي في إعلاء ثقافات مفقودة في عالمنا العربي المعاصر، غير أنها مركوزة في ذلك الفكر، وأهمها ثقافة الاختلاف، والتنوع الثقافي، وقيمة وثقافة التسامح، ولهذا كان بيت الأمير الفضل وقلبه وعقله يتسع للدكتور مكي في "ساحة النور".. اسمًا ومعنىً، وينتقل من القلب للقلب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم